تنزيل
0 / 0
7138930/03/2014

الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري

السؤال: 205100

أنا موظف في شركة حكومية ، وسؤالي حول مشروعية التأمين الصحي الموجود في شركتي ، وسألخص السؤال بالنقاط التالية :

1. هو عبارة عن صندوق مالي يسمى ( صندوق الضمان الصحي ) ، تشرف عليه لجنة خاصة تقوم بصرف التعويضات للموظفين بعد تقديمهم الوصفة الطبية ، مذكورا فيها قيمة المبلغ الذي تم صرفه من قبل الموظف عند الطبيب .

2. الإيرادات المالية للصندوق لها مصدران : الأول : مساهمة الشركة في الصندوق ، وتقدر بـ (80%) من إيرادات الصندوق تقريبا ، وتخصصه من أرباح الشركة السنوية . الثاني : تكون المساهمة على شكل استقطاعات من رواتب الموظفين ، ويشكل (20%) من إيرادات الصندوق تقريبا ، حيث يستقطع مبلغ 1000 دينار ( يعادل 3 ريال تقريبا ) من راتب الموظف الأعزب ، ومبلغ 3000 دينار من الموظف المتزوج ، بعد أن يقدم طلبا إلى اللجنة المشرفة على الصندوق لتشمل عائلته بالتعويضات أيضا .

3. الاشتراك في نظام الضمان الصحي اختياري بالنسبة للموظف الأعزب والمتزوج .

4. التعويضات المصروفة للموظف تكون أكبر من قيمة الاشتراك الشهري ، وتكون التعويضات المصروفة للموظفين خلال نفس الشهر متفاوتة من ناحية الاستفادة ، فليس الجميع يمرض في نفس الشهر ، لذلك هناك قسم يستفيد من نظام التعويض ، وقسم لا يستفيد .

5. في حالة عدم استفادة الموظف من التعويضات ، فإن المبالغ المستقطعة منه لا يتم إرجاعها إليه ، سواء في نهاية السنة أو عند التقاعد .

6. المبالغ الفائضة في الصندوق نهاية السنة يتم ترحيلها إلى السنة التالية ، وتبقى داخل الصندوق ، ويتم إضافة المبلغ السنوي الجديد إليها .

7. الشركة لا تتعامل مع أي شركة أو هيئة تأمين .

فهل هذا التأمين الصحي يعتبر من النوع التعاوني ، ويجوز الاشتراك فيه ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الفارق الأهم بين التأمينين ( التعاوني والتجاري ) هو أن الأقساط المقتطعة في التأمين التعاوني لا تملكها إدارة الصندوق ، بل تبقى تبرعا ينفق منها على من تنطبق عليهم الشروط ، في حين أن إدارة صناديق الضمان الصحي التجارية تتملك تلك الاشتراكات والاقتطاعات من المنتسبين ، وتدخل في حسابها الشخصي ، مقابل أن تلتزم بالعلاج لكل من تنطبق عليه الشروط ، وفرقٌ كبير بين الصورتين .
فالصورة الأولى هي التعاون والتكافل ؛ وقد جاء ما يشهد لها ـ من حيث الأصل ـ في السنة النبوية ، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ) رواه البخاري في صحيحه (2486) ، وبوب عليه بقوله : " باب الشركة في الطعام والنهد والعروض ، وكيف قسمة ما يكال ويوزن مجازفة أو قبضة قبضة ، لما لم ير المسلمون في النهد بأسا ، أن يأكل هذا بعضا وهذا بعضا … " .

وأما الصورة الثانية : فهي القمار والميسر الذي أجمعت المجامع الفقهية المعاصرة على تحريمه .

ثانيا :
هناك فروق جوهرية أخرى بين التأمين الصحي التعاوني الذي يجوز الاشتراك فيه ، وبين ذلك المحرم القائم على الميسر ، ولا بد من تحري هذه الفوارق قبل الفتوى في الحالة المعينة بالحل أو بالحرمة .

جاء في " المعايير الشرعية " (ص/372-373) :
" ترجع أسباب حل التأمين التكافلي وحرمة التأمين التجاري إلى الفروق الجوهرية الآتية :
(أ) أن التأمين التقليدي عقد معاوضة مالية ، يستهدف الربح من التأمين نفسه ، وتطبق عليه أحكام المعاوضات المالية التي يؤثر فيها الغرر ، وحكم التأمين التقليدي أنه محرم شرعا . وأما التأمين التكافلي فهو التزام تبرع ، ولا يؤثر فيه الغرر .
(ب) الشركة في التأمين الإسلامي [ أو صندوق التأمين في بعض الصور ، كالوارد في السؤال ] وكيلة في التعاقد عن حساب التأمين ، في حين أنها طرف أصلي في التأمين التجاري ، وتتعاقد باسمها .
(ج) الشركة في التأمين التجاري تملك الأقساط في مقابل التزامها بمبلغ التأمين ، أما الشركة في التأمين الإسلامي فلا تملك قيمة الاشتراك ؛ لأن الأقساط تصبح مملوكة لحساب التأمين .
(د) ما يتبقى من الأقساط وعوائدها – بعد المصروفات والتعويضات – يبقى ملكا لحساب حَمَلة الوثائق ، وهو الفائض الذي يوزع عليهم ، ولا يتصور هذا في التأمين التجاري ؛ لأن الأقساط تصبح ملكا للشركة بالعقد والقبض ، بل يعتبر إيرادا وربحا في التأمين التجاري .
(هـ) عوائد استثمار أصول الأقساط بعد حسم نسبة المضاربة للشركة تعود إلى حساب حملة الوثائق في التأمين الإسلامي ، وهي تعود للشركة في التأمين التجاري .
(و) يستهدف التأمين الإسلامي تحقيق التعاون بين أفراد المجتمع ، ولا يستهدف الربح من عملية التأمين ، في حين أن التأمين التجاري يستهدف الربح من التأمين نفسه .
(ز) أرباح الشركة في التأمين الإسلامي تعود إلى استثماراتها لأموالها ، وحصتها من ربح المضاربة ، حيث هي مضارب ، وحساب التأمين : ربُّ المال .
(ح) المشترك والمؤمن في التأمين الإسلامي في حقيقتهما واحد ، وإن كانا مختلفين في الاعتبار ، وهما في التأمين التجاري مختلفان تماما .
(ط) الشركة في التأمين الإسلامي ملتزمة بأحكام الشريعة ، وفتاوى هيئتها الشرعية ، وأما التأمين التجاري فليس فيه التزام بأحكام الشريعة .. " انتهى .
ونحن نعلم أن كثيرا من هذه الفوارق لا محل لها في الحديث عن الصندوق الوارد في السؤال ؛ لكننا نقلناها هنا لأجل أن يدرك القارئ الفارق الحقيقي الكبير بين التأمين التعاوني الجائز ، والتأمين التجاري المحرم ، ويقيس بعدئذ صناديق الضمان الصحي الحكومية .
ثالثا :
لإصدار فتوى دقيقة في حكم صندوقكم ، ومساعدتكم في تحقيق الضوابط الشرعية للتأمين التعاوني ، لا بد من إرسال الأوراق الرسمية الناظمة للصندوق ، وكذلك العقود التي يوقع عليها المشتركون ، ليصار إلى دراستها وبيان الحكم فيها ، وإن كنا نميل إلى أن الغالب في صندوقكم هو صورة السلامة بإذن الله ، ولكن لا ينبغي الجزم بالحكم قبل الاطلاع على نظام الصندوق الرسمي ، ونماذج الاشتراكات فيه .
وقد اشترطت " المعايير الشرعية " مجموعة من الأمور الأساسية التي يجب أن ينص عليها في النظام التأسيسي للصناديق التعاونية ، حيث جاء فيها (ص/364) :
" التأمين الإسلامي هو : اتفاق أشخاص يتعرضون لأخطار معينة على تلافي الأضرار الناشئة عن هذه الأخطار ، وذلك بدفع اشتراكات على أساس الالتزام بالتبرع ، ويتكون من ذلك صندوق تأمين له حكم الشخصية الاعتبارية ، وله ذمة مالية مستقلة ، (صندوق) يتم منه التعويض عن الأضرار التي تلحق أحد المشتركين من جراء وقوع الأخطار المؤمن منها، وذلك طبقا للوائح والوثائق ، ويتولى إدارة هذا الصندوق هيئة مختارة من حملة الوثائق ، أو تديره شركة مساهمة بأجر تقوم بإدارة أعمال التأمين واستثمار موجودات الصندوق .
وأما التأمين التقليدي فهو عقد معاوضة مالية يستهدف الربح من التأمين نفسه ، وتطبق عليه أحكام المعاوضات المالية التي يؤثر فيها الغرر، وحكم التأمين التقليدي أنه محرم شرعا.
ويقوم التأمين الإسلامي على المبادئ والأسس الشرعية الآتية ، التي يجب أن ينص عليها في النظام الأساسي للشركة أو في اللوائح أو في الوثائق :
أولا : الالتزام بالتبرع ، حيث ينص على أن المشترك يتبرع بالاشتراك وعوائده لحساب التأمين لدفع التعويضات ، وقد يلتزم بتحمل ما قد يقع من عجز حسب اللوائح المعتمدة .
ثانيا: قيام الشركة المنظمة للتأمين بإنشاء حسابين منفصلين، أحدهما خاص بالشركة نفسها، حقوقها والتزاماتها، والآخر خاص بصندوق (حملة الوثائق) حقوقهم والتزاماتهم .
ثالثا : الشركة وكيلة في إدارة حساب التأمين، ومضاربة أو وكيلة في استثمار موجودات التأمين.
رابعا: يختص حساب التأمين بموجودات التأمين وعوائد استثماراتها، كما أنه يتحمل التزاماتها.
خامسا: يجوز أن تشتمل اللوائح المعتمدة على التصرف في الفائض بما فيه المصلحة…على أن لا تستحق الشركة المديرة شيئا من ذلك الفائض.
سادسا: صرف جميع المخصصات المتعلقة بالتأمين ، والفوائض المتراكمة في وجوه الخير عند تصفية الشركة.
سابعا: أفضلية مشاركة حملة الوثائق في إدارة عمليات التأمين .
ثامنا: التزام الشركة بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في كل أنشطتها واستثماراتها، وبخاصة عدم التأمين على المحرمات .
تاسعا: تعيين هيئة رقابة شرعية تكون فتاواها ملزمة للشركة ، ووجود إدارة رقابة وتدقيق شرعي" انتهى.
كل هذه الأمور ينبغي مراعاتها في الأوراق الناظمة لعمل صناديق التأمين ، خاصة تلك التي تستثمر اشتراكات المؤمنين ، لحساب صندوق التأمين ، فلا بد من تحري وجودها في مواد القانون ، أو النظام الذي يحكم عملية التأمين .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android