0 / 0

هل تمتنع عن الذهاب للحج لأنها ستعود للمعاصي بعد الحج؟

السؤال: 205233

أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاماً ، وأريد أن أذهب إلى الحج ، ولكن أقاربي يقولون لي: إنك لابد أن تقعي في الذنوب مثل الذهاب إلى حفلات الزواج ، وبالطبع هناك موسيقى واختلاط بين الرجل والمرأة . لذلك بعد العودة من الحج هل أستطيع الذهاب إلى حيث الاختلاط بين الرجل والمرأة ؟ وهل يجوز أن أذهب مع عمي إلى الحج ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
نحب أن نهنئك على نيتك وعزمك على الحج ، ففي مثل هذه السن ، وفي تلك البلاد البعيدة يندر من يفكر في أداء هذه الفريضة العظيمة ، ولعلَّ ذلك بسبب انشغالهم بالدنيا وحرصهم على المال ، والتطبع بطبائع أهل تلك البلاد الكافرة ، ومن أجل ذلك فقد أوصى الشرع بعدم السكنى معهم ، وقد نبهنا على هذا مراراً ، فنسأل الله تعالى أن يوفقك وأهلك لسكنى بلاد الإسلام .

ثانياً:
اعلمي – يا أختنا – أن المعاصي تغضب الله تعالى ، ويستحق فاعلها العقوبة ، ولا فرق بين أن تكون تلك المعاصي قبل الحج أو بعده ، وقد كتب الإمام ابن القيم في كتابه " الجواب الكافي لمن سئل عن الدواء الشافي " جملة من آثار المعاصي على صاحبها – وقد ذكرناها بتفصيل في جواب السؤال رقم : ( 23425 ) – ومما ذكره رحمه الله : أن المعاصي سبب للوحشة بين العبد وربه ، وهي سبب لذهاب البركة ، وسوء الخاتمة ، وتعسير الأمور ، وقلة الرزق.
ومن فضل الله تعالى على هذه الأمة أن جعل لها مواسم خير يغتنمها المسلم ليكفِّر عن سيئاته وليزداد ثوابه ، فصوم يوم عرفة يكفر سنتين ، وصوم يوم عاشوراء يكفِّر سنة ، وهكذا .
ومن أعظم مواسم الخير وأعمال الطاعات : الحج ، فقد جاء في السنة الصحيحة أنه : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري ( 1683 ) ، ومسلم ( 1349 ) .

والمسلم العاقل يغتنم مثل هذه الفرص لا ليعود بعد تلك الأعمال ليبدأ من جديد في المعاصي ، بل ليفتح صفحة جديدة في صحيفته ، ويصطلح مع ربه تبارك وتعالى ، وإذا علم المسلم أنه لم يعد عنده من المعاصي شيء : شكر ربه تعالى ، ومن الشكر أنه لا يعود إلى ما يغضبه .
وليس يعني هذا أن من حج لن يعود إلى المعصية ؛ بل معناه أن من شأن الطاعات بصفة عامة أن تحجز صاحبها عن المعاصي ، بمن من الله وفضل ، ومن شأنها أيضا ، ولا سيما الحج : أن تذهب عن العبد آثار المعاصي ، وعارها .
ومن أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تابعوا بين الحج والعمرة ؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة ) رواه الترمذي ( 810 ) وصححه ، والنسائي ( 2631 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (2901).
وهذا دليل على أن المسلم قد يأتي قبل الحج وبعده بذنوب ومعاصي ، وليس أحدٌ معصوماً عن الوقوع في المعصية ، لكنه إذا كان كثير الحج والعمرة فإن ذنوبه تكفَّر بهذه المتابعة .

وليس القصد أن نقول إن العبد له رخصة في المعاصي ، بعد الحج ، أو قبله ، حاش لله ، وهيهات ، فلا رخصة لأحد في معصية الله ، لكننا نريد أن نقول : لو أن كل صاحب معصية ، امتنع من حج بيت الله ، لما حج بيت الله أحد ، ولما قام أحد بشعيرة الله .
وهكذا الحال : لو كان كل من خاف من المعصية : لم يحج ، لبطل حج بيت الله الحرام ؛ فما من عبد مؤمن ، يأمن على نفسه الوقوع في المعاصي في حال من الأحوال ؛ وغاية ما في الأمر أن نقول :
إن الله أمر عباده بالتوبة ؛ فقال : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ؛ وهذا أمر عام بالتوبة من المعاصي ، صغيرها وكبيرها .
ومن تمام التوبة : أن يوطن العبد نفسه على ألا يعود إلى شيء منها .
فإن غلبته نفسه ، فعاد إلى شيء منها : وجب عليه أن يبادر بالتوبة مرة أخرى ، والإكثار من الخيرات .
إن الوقوع في الذنب يستوجب علينا أن نبادر إلى عمل الطاعة ، وأن نستكثر من الطاعات في كل وقت وحين ، لا أن نفرط في طاعة عظيمة ، كحج بيت الله الحرام ، خشية من الوقوع في الذنب مرة أخرى ؛ فهذا عكس لطبائع الأمور .

ثالثاً :
وأما الذهاب مع عمك : فنعم ، يجوز لك الذهاب مع عمك ؛ لأنه من محارمك ؛ فإن كان هذا هو حج الفريضة : فذهابك معه واجب عليك ، وليس جائزا فقط .
فاستعيني بالله يا أمة الله ، وبادري إلى الحج ، واجتهدي في التوبة إلى الله ، والافتقار إليه أن يحفظك من الذنب والزلل .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android