هل العادة السرية في العمرة ، لا تفسد تلك العمرة ؟ وإذا كنت قد تزوجت بعد تلك العمرة ، فهل عقد الزواج صحيح ؟
فعل العادة السرية في العمرة ، فماذا يلزمه ؟
السؤال: 206010
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الاستمناء محرم بدلالة الكتاب والسنة ، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (329) .
يزاد إثم ذلك : إذا كانت المعصية في مكانٍ أو زمانٍ فاضلين ، وخاصة إذا كان وقت ذلك الفعل ، مختصا بشيء من العبادات ؛ ففي ذلك من وجود مضادة قصد الشارع ما هو معلوم ظاهر .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن إثم المعصية وحد الزنا : هل تزاد في الأيام المباركة أم لا ؟
فأجاب : نعم ، المعاصي في الأيام المفضلة ، والأمكنة المفضلة : تغلظ ، وعقابها ، بقدر فضيلة الزمان والمكان . " انتهى من مجموع الفتاوى (34/180).
وتغليظ العقوبة يكون بالكيفية ، لا بالكمية .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (38213).
ثانياً:
الاستمناء من محظورات الإحرام [ الحج والعمرة ] ، فمن استمنى ، فأنزل : لم يفسد نسكه عند جمهور العلماء ، رحمهم الله ؛ لعدم الدليل الموجب لفساد النسك ، ولا يصح قياسه على الجماع ، لما بينهما من الفوارق .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (4/102) : " لا يفسد الحج بالاستمناء باليد ، عند الحنفية والشافعية والحنابلة .. ويفسد الحج به عند المالكية , وأوجبوا فيه القضاء والهدي ، ولو كان ناسياً ؛ لأنه أنزل بفعل محظور..
والعمرة في ذلك كالحج عند الحنفية , والشافعية والحنابلة , وهو ما يفهم من عموم كلام الباجي من المالكية , لكن ظاهر كلام بهرام وغيره : أن ما يوجب الفساد في الحج في بعض الأحوال ، من وطء وإنزال : يوجب الهدي في العمرة ؛ لأن أمرها أخف ، من حيث إنها ليست فرضاً. " انتهى .
ثالثاً:
يجب على من استمنى في عمرته ، سواء كان رجلاً أو مرأة : فدية عل القول الصحيح ، واختلف العلماء فيما يجب عليه ، فقال الأحناف تجب شاة ، وقال الشافعية تجب فيه فدية أذى ، وفدية الأذى على التخيير ، أما أن يذبح شاة ، أو يطعم ستة مساكين ، أو يصوم ثلاثة .
وهذا مذهب الحنابلة أيضاً.
قال النووي رحمه الله في المجموع (7/307):
" وأما الاستمناء باليد : فحرام بلا خلاف ; لأنه حرام في غير الإحرام ؛ ففي الإحرام أولى .
فإن استمنى المحرم ، فأنزل فهل تلزمه الفدية ؟ فيه وجهان :
الصحيح : المشهور لزومها..
والثاني : لا فدية .. والأصح وجوب الفدية …" .
ثم قال ـ رحمه الله ـ أيضاً : (7/417) :
" فإن قلنا بالفدية : فهي فدية الحلق ، كما قلنا في مباشرة المرأة بغير الجماع ، ولا يفسد حجه بالاستمناء ، بلا خلاف " انتهى .
وقوله : "بلا خلاف" : يعني : في مذهب الشافعية .
وينظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (1/550، 556).
وجاء في " درر الحكام شرح غرر الأحكام" (1/246) :
" قال في الجوهرة : الإنزال بوطء البهيمة ، أو الاستمناء بالكف : يوجب شاة عند أبي حنيفة ، ولا يفسد الحج ولا العمرة ، وإن لم ينزل : فلا شيء عليه " انتهى.
والقول بوجوب فدية الأذى ، هو ما رجحه الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ، قال :
" وأما المباشرة لغير شهوة ، كما لو أمسك الرجل بيد امرأته ، فهذا ليس حراماً، أما لو كانت المباشرة بشهوة : فهو حرام ، وسواء كانت المباشرة لشهوة باليد ، أو بأي جزء من أجزاء البدن، سواء كانت بحائل أو بدون حائل ؛ لأن ذلك يخل بالنسك، وربما أدى إلى الإنزال.. " .
ثم قال بعد ـ أن ذكر قول أصحاب المذهب ـ :
" والصحيح أن المباشرة لا تجب فيها البدنة ، بل فيها ما في بقية المحظورات " .
انتهى من "الشرح الممتع"(7/163).
وقال أيضاً ـ رحمه الله ـ : " ومحظورات الإحرام من حيث الفدية تنقسم إلى أربعة أقسام :
الأول : ما لا فدية فيه ، وهو عقد النكاح .
الثاني : ما فديته مغلظة ، وهو الجماع في الحج قبل التحلل الأول .
الثالث : ما فديته الجزاء أو بدله ، وهو قتل الصيد .
الرابع : ما فديته فدية أذى ، وهو بقية المحظورات .
وهذه القسمة حاصرة تريح طالب العلم .
وفدية الأذى إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو صيام ثلاثة أيام متتابعة، أو متفرقة ، أو ذبح شاة ، فتذبح وتوزع على الفقرا ء، لقوله تعالى: ( فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) [البقرة: 196] " .
انتهى من "الشرح الممتع"(7/167).
وبناء على ما سبق :
فعمرتك السابقة : صحيحة ، وإنما يلزمك فدية أذى ، لما حصل من الاستمناء ، ومن ثم : فالزواج بعدها صحيح ، إن شاء الله ، ولا حاجة إلى عقده من جديد ، ولو لم تكن الفدية قد أخرجت في وقتها ، وإنما يجب إبراء الذمة بإخراج ما في ذمتك من الفدية ، وهي : شاة تُذبح وتوزع على فقراء الحرم ، أو إطعام ستة مساكين من مساكينه ، لكل مسكين نصف صاع ، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان شاء.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة