تنزيل
0 / 0

تفصيل حكم الإنابة في الطواف أو السعي

السؤال: 207520

امرأة اعتمرت ، طافت بالبيت ولم تقو على السعي ، سعى بدلاً عنها شخص آخر سعياً كاملاً ، فهل تصح هذه المسألة ، وما الحكم فيها ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الإنابة في بعض أفعال الحج والعمرة يختلف حكمها بحسب حالة المنيب :
أولا :
الأصل الذي نص عليه الفقهاء أنه :
1. في حالة القدرة والاستطاعة .
2. أو في حالة إمكان زوال العلة المانعة من الطواف والسعي ولو مستقبلا .
3. أو في حالة إمكان استئجار أو الاستعانة بمن يحمل المريض أو العاجز ليطوف به :

في كل ذلك : لا تصح الإنابة في الطواف أو السعي ولا تجوز ؛ فالعبادة البدنية يكلف
بها كل مسلم ، ومحاسب عليها بين يدي الله ، ولا ينتقل إلى النائب إلا لعذر شرعي ،
خاصة – كما يقول الشيخ ابن باز رحمه الله – أن ” زمن الطواف والسعي لا يفوت بخلاف
زمن الرمي ” .
ينظر ” مجموع فتاوى ابن باز ” (16/86) .
وجاء في ” حاشية قليوبي ” (2/139):
” الطواف والوقوف والسعي والحلق لا تجزئ فيها النيابة ” انتهى بتصرف يسير.
وسئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
هل تصح النيابة في الطواف والقراءة ؟
فأجاب بقوله :
” لا تصح النيابة في الطواف استقلالا ولا في القراءة إلا ممن استؤجر لهما بشرطه ” .
انتهى من ” الفتاوى الفقهية الكبرى ” (2/ 130) .
ويقول العلامة السعدي رحمه الله :
” ذكروا أن العاجز عن الطواف والسعي يحمل ، ولم يصرحوا بجواز الاستنابة إلا في رمي
الجمار ” انتهى من ” الأجوبة النافعة ” (ص/372) .
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
” وأما مسكنه في جدة من الحجاج وكان مريضاً ، فهذا يطاف به محمولاً ، ويسعى به في
سيارة ونحوها أو محمولاً إذا كان لا يستطيع الطواف والسعي ماشياً ” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ” (6/60) .
وقد سئلت ” اللجنة الدائمة ” (10/271) السؤال الآتي :
” هل يجوز لي توكيل أحد يؤدي عني طواف الإفاضة والوداع إذا لم يتيسر لي الرجوع لمكة
المكرمة ، وذلك لكبر سني ، وضعف صحتي ؟ “
فأجابت اللجنة :
” لا تجوز النيابة في الطواف للإفاضة ولا للوداع ، والعاجز يطاف به محمولا ، فلا بد
من مجيئكم إلى مكة ” انتهى .
عبد العزيز بن باز – عبد العزيز آل الشيخ – صالح الفوزان – بكر أبوزيد .
ثانيا :
من عجز عن إتمام أفعال الحج أو العمرة عجزا تاما ، أو أصيب بمرض دائم يتعذر عليه
بسببه استكمال نسكه إلا بحرج خارج عن المعتاد ، فحينئذ لا حرج أن ينيب غيره في
استكمال تلك المناسك عنه ، ولكن بشرطين مهمين :
الشرط الأول : أن يكون سبب عجزه أو المشقة الحاصلة له مرضا أو مانعا لا يرجى شفاؤه
أو زواله في الوقت ، فإن كانت المشقة يرجى زوالها بالراحة وتناول الدواء ونحو ذلك ،
أو كان العجز مؤقتا طارئا ، لم تجز النيابة مطلقا .
والشرط الثاني : أن لا يتيسر الطواف أو السعي بالعاجز محمولا ، كأن يشتد عليه مرضه
، أو يصاب بدوار وغثيان حال حمله ، أو لم يجد من يحمله ، فإن تيسر ووجد من يعينه أو
وجد مالا يستأجر به من يطيفه ويسعى به فلا يجزئه أن ينيب غيره .
والدليل على جواز الإنابة في هذه الحالة إذا انطبق الشرطان حديث ابن عباس رضي الله
عنهما عن المرأة الخثعمية التي ( قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ
اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا ، لاَ
يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَذَلِكَ فِي
حَجَّةِ الوَدَاعِ ) رواه البخاري (1513) ، ومسلم (1334)، فإذا جازت النيابة في
النسك كاملا في حالة ” العضب “، فمن باب أولى أن تجوز النيابة في بعض أفعاله .
سئل الإمام الرملي رحمه الله :
” عن حاج ترك طواف الإفاضة ، وجاء إلى مصر مثلا ، ثم صار معضوبا بشرطه ، فهل يجوز
له أن يستنيب في هذا الطواف أو في غيره من ركن أو واجب ؟
( فأجاب )
بأنه يجوز له ذلك ، بل يجب عليه ؛ لأن الإنابة إذا أجزأت في جميع النسك ، ففي بعضه
أولى.
لا يقال ( النسك عبادة بدنية فلا يبنى فيه فعل شخص على فعل غيره )؛ لأن محله عند
موته أو قدرته على تمامه ، وأما عند العجز عنه فيبني .
فقد قالوا إن للولي أن يحرم عن الصبي المميز وغير المميز والمجنون ، ويفعل ما عجز
كل منهما عنه .
ففي هاتين المسألتين تم النسك النفل بالإنابة ، مع أنه لا إثم على من وقع له بترك
إتمامه .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )؛ ولأن
الميسور لا يسقط بالمعسور .
وقالوا : إن من عجز عن الرمي وقته ، وجب عليه أن يستنيب فيه ، وعللوه بأن الاستنابة
في الحج جائزة ، وكذلك في أبعاضه ، فنزلوا فعل مأذونه ، منزلة فعله .
فإذا كان هذا في الواجب الذي يجبر تركه – ولو مع القدرة عليه – بدم ، فكيف بركن
النسك !
وإنما امتنع إتمام نسك من مات في أثنائه : لخروجه عن الأهلية بالكلية ” .
انتهى باختصار من ” فتاوى الرملي ” (2/93-94) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي :
” هل يجوز لي أن أوكل أحدًا عني ، يطوف ويسعى ، نظرًا لعدم قدرتي على تحمل شدة
الزحام فيهما ؟
فأجاب :
إذا كان الحاج يستطيع : فإنه يطوف بنفسه ، ويسعى بنفسه ؛ لأن الله سبحانه قال : (
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) فمن دخل فيها لزمه إتمامها بإجماع
المسلمين ، ولو كان نافلة ، من دخل فيها بالإحرام لزمه الإتمام بالإجماع ، امتثالاً
لقوله سبحانه : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )، فإن عجز عن الطواف
والسعي يطاف به على رؤوس الرجال محمولاً على ظهر رجل أو في عربية ، هذا هو الواجب ،
ولا يستنيب .
ومعلوم أن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يجوز أن يحج عنهما كما في حديث الخثعمية
لما قالت : ( يا رسول الله ، إن فريضة الله قد أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على
الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : حجي عنه ) وهكذا الرجل الذي قال : ( يا رسول الله ،
أدرك أبي الحج وهو شيخ كبير ، لا يستطيع الحج والظعن ، أفأحج عنه ؟ قال : حج عن
أبيك واعتمر ) والشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان ركوب الرواحل –
السيارات الآن والطيارات – يحج عنهما كالميت .
وإذا تكلف وأحرم ، وجاء ، وعجز لكبر سنه أو مرضه الذي لا يرجى برؤه : استناب من
يكمل عنه الحج لعجزه عن ذلك .
وأما ما دام يستطيع أن يكمل بنفسه أو محمولاً فإنه يكمل ”
انتهى ـ باختصار ـ من ” فتاوى نور على الدرب ” بعناية الشويعر (18/7) .

والخلاصة التي نبينها
للسائلة :
أنها إذا كان ضعفها عن إتمام السعي عارضا ، وإنما كانت تحتاج إلى شيء من الراحة أو
العلاج ، لتقدر بعد ذلك من إتمام السعي ولو بعد عدة أيام ، فلا يجزئها أن تنيب
غيرها ، بل يجب عليها أن تذهب للسعي فورا ، وتتم نسكها بالتقصير ، ولو كان قد مضى
على هذا الحادث أشهر وسنوات ، ولا شيء عليها فيما فعلته من محذورات الإحرام خلال
المدة لعذرها بالجهل ، وقد سبق بيان العذر بالجهل في المحذورات في الأرقام الآتية :
(36522) ، (49026)
، (95860) .
أما إذا انطبقت شروط الإنابة التي سبق شرحها فلا بأس عليها ، وعمرتها تامة بإذن
الله .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android