تنزيل
0 / 0

إذا تعذر غسل الميت وتيممه : فهل يصلى عليه ؟

السؤال: 209408

إذا مات طفل بمرض مضر ، ولف بالبولي إثيلين (polythene) ، وقال الأطباء : بعدم فتحها وإلا يضر الناس .
فكيف يصلي علي هذا الميت ؟
لأنا لا نستطيع الغسل والتيمم ، فماذا نفعل في هذه الحالة مع أن الطهارة شرط للصلاة عليها ؟ فهل يصلي عليه بدون الطهارة أو يصلى عليه عند تعذر الغسل والتيمم ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
غسل الميت المسلم صغيرا كان أو كبير : واجب ، فإن أمكن غسله : وجب الغسل ، وإن لم
يمكن : يُمِّم بالتراب ، وإن أمكن غسل بعضه دون بعض : غسل ما أمكن منه ، ويمم
للباقي .
انظر جواب السؤال رقم : (154635) ، (194752)
.
وقد نص الفقهاء على أنه إذا خيف على “غاسل الميت” أن يصاب بأذى من جراء الغسل ، سقط
وجوب غسله ، ويمم الميت .
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
” (وَمَنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ) لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ لِنَحْوِ حَرْقٍ أَوْ لَدْغٍ
وَلَوْ غُسِّلَ تَهَرَّى أَوْ خِيفَ عَلَى الْغَاسِلِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ
التَّحَفُّظُ (يُمِّمَ) وُجُوبًا .. ” .
انتهى من “تحفة المحتاج” (3/184) ، وينظر : “المجموع” (5/178) .

ثانيا :
اختلف الفقهاء فيمن تعذر غسله وتيممه : هل يصلى عليه أم لا ؟
جاء في “الموسوعة الفقهية” (2/ 119):
” ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ
الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَعَ
تَعَذُّرِ الْغُسْل وَالتَّيَمُّمِ ؛ لأِنَّهُ لاَ وَجْهَ لِتَرْكِ الصَّلاَةِ
عَلَيْهِ ؛ لأِنَّ الْمَيْسُورَ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ، لِمَا صَحَّ مِنْ
قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ( وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ
فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وَلأِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ
الصَّلاَةِ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ لِلْمَيِّتِ .
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فَلاَ
يُصَلَّى عَلَيْهِ ؛ لأِنَّ بَعْضَهُمْ يَشْتَرِطُ لِصِحَّةِ الصَّلاَةِ عَلَى
الْجِنَازَةِ تَقَدُّمَ غُسْل الْمَيِّتِ ، وَبَعْضُهُمْ يَشْتَرِطُ حُضُورَهُ أَوْ
أَكْثَرِهِ ، فَلَمَّا تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ لَمْ يُصَل عَلَيْهِ
لِفَوَاتِ الشَّرْطِ ” انتهى .

والراجح – والله أعلم –
القول الأول ، وهو أنه يصلى عليه ، حتى مع تعذر تغسيله وتيميمه ؛ فإن الصلاة على
الميت من حق الميت على المسلمين ، وهكذا غسله ، أو تيميمه عند تعذر الغسل ؛ ومتى
حصل العجز عن بعض الواجبات ، لم تسقط المطالبة بما أمكن منها ؛ لقول الله تعالى : (
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16 .
قال الخطيب الشربيني رحمه الله :
” (فَلَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ بَحْرٍ
عَمِيقٍ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَغُسْلُهُ) وَتَيَمُّمُهُ : (لَمْ يُصَلَّ
عَلَيْهِ) لِفَوَاتِ الشَّرْطِ ، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي
وَأَقَرَّاهُ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَا خِلَافَ فِيهِ ، قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ:
وَلَا وَجْهَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ
بِالْمَعْسُور، لِمَا صَحَّ ( وَاذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) متفق عليه ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ :
الدُّعَاءُ ، وَالشَّفَاعَةُ لِلْمَيِّتِ، وَجَزَمَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ
مَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ : صُلِّيَ عَلَيْهِ ، قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَإِلَّا
لَزِمَ أَنَّ مَنْ أُحْرِقَ فَصَارَ رَمَادًا ، أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ : لَمْ
يُصَلَّ عَلَيْهِ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ بِذَلِكَ ،
وَبَسَطَ الْأَذْرَعِيُّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ .
وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمْيَلُ ، لَكِنَّ الَّذِي
تَلَقَّيْنَاهُ عَنْ مَشَايِخِنَا مَا فِي الْمَتْنِ ” انتهى من “مغني المحتاج” (2/
49) .

وبنحو هذا أفتى “قطاع
الإفتاء” في دولة الكويت ، في بحث مطول ، يمكن مراجعته للفائدة .
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android