تنزيل
0 / 0

تشعر بأنها ستتحول إلى رجل يوما ما

السؤال: 210197

أنا فتاة مسلمة بدأت أواجه الكثير من المشاكل منذ أن وعيت على المجتمع وما يحيط بي. وأدركت أن ميولي العاطفية تميل نحو النساء لا الرجال . أنا لست بشاذة جنسيا ، ولكنني أشعر بأنني سأتحول في يوم من الأيام إلى رجل ، فالله قادر على كل شيء . عزفت نفسي عن الزواج لأني أعلم أنني لن أستطيع أن أعيش دور الزوجة ، ولكنني لا أعرف إن كان ما أشعر به يجوز أو لا يجوز . فماذا أقول لوالدي كي يفهم وضعي ؟! ما هي حقيقتي تماماً ، هل انأ مريضة نفسياً أم ماذا ؟ هل ينبغي علي البقاء مع عائلتي ، أم تركهم والعيش بعيداً في مكان مهجور ؟ وما هي هويتي من وجهة نظر الإسلام ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ما يجب عليك هو فعل أمور مهمة ؛ هي :
الأول :
أن تصرفي عن عقلك وقلبك هذه المشاعر السلبية التي تضطرم في نفسك ، فالله سبحانه وتعالى خلق الخلق سويا معتدلا ، لا يصيبه الاضطراب إلا مع الخلل في حالات مرضية استثنائية ، أما عامة الخلق فهم على قوالب من الإحكام والصنع والإتقان ، الذي لا ينخرم إلا في حالات مرضية حقيقية ، تقتضي العلاج عند المختصين ، فإذا لم تكوني مريضة فعلا ، فليس ثمة تفسير إلا أن ما يخطر في قلبك وساوس وخواطر ، لا بد عليك من دفعها ومحاربتها ، وذلك بصرف النظر عنها ، وتعزيز ما يضادها من مشاعر الأنوثة الحقيقية ، واستشعار نعمة الله سبحانه وتعالى عليك ، والاشتغال بطاعته عز وجل ، فالدنيا لا تنقضي مشاغلها النافعة ، ولا تنتهي فرصها الحقيقية لتحقيق النجاح والصلاح والتقى في الأرض . فإذا شغلت نفسك حق المشغلة في هذه الأمور النافعة ، وصدرت إرادتك الجازمة من داخل عقلك وقلبك برفض كل وساوس الرجولة والتحول إلى الجنس الآخر ، فاعلمي أنك تسلكين السبيل القويم للعلاج ، وستصلين إلى الاستقرار النفسي الذي تبحثين عنه وتنشدينه ، إن شاء الله .
وصدقينا نحن لا نكرر لك كلاما لا تأثير له ، ولا جديد فيه ، بل هو خلاصة تجربة ، وعصارة خبرة ، ندلك عليها رحمة بحالك ، وشفقة على نفسك التي يتلاعب بها الشيطان بمثل هذه المشاعر ، وسوف تكونين أنت السبب الأكبر في معاناتك ، ذلك حين تستسلمين لتلك المشاعر السلبية ، وتدافعين عنها ، وتبررينها بعجزك عن دفعها ، وما ذلك إلا ضعف وخور ، سيؤدي بك إلى المهالك إن لم تحسمي أمرك ، وتعزمي على العلاج والشفاء .
يقول الله عز وجل : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا . وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا . ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ) النساء/66-70 .
الثاني :
مراجعة الطبيب المختص ، أو المستشار النفسي المختص ، حتى لو جزمت بأنك غير مصابة بالشذوذ ، فهذه الخواطر التي تعرض في قلبك خواطر مرض قلبي ونفسي ، وربما يكون لهذا المرض عندك جانب عضوي ، يتعلق بخلل في الهرمونات ، أو نحو ذلك ، يحتاج إلى تعامل علاجي لدى المختص .
فلا بد من الاستعانة بجميع الوسائل لمقاومة تلك المشاعر السلبية ، ومحاصرتها ، والطبيب المختص في ذلك ، أمراض الخصوبة وما يشببها ، والمختص النفسي ـ أيضا ـ لديهما من الأدوات والمقترحات ما يساعدك على تجاوز هذا الابتلاء ، إن شاء الله ، فلا تترددي في هذا الشأن ، المهم أن تبذلي جميع الأسباب ، وكوني على رجاء وحسن ظن في الله : أن يكتب لك الشفاء ، بمنه وكرمه .
الثالث :
أن تتأكدي أن مشاعر الرجولة التي تخطر في قلبك مشاعر آثمة إذا استجبت لها ، وامتثلت ما تمليه عليك من مظاهر رجولية ، أو أعمال ذكورية ، أو نفور عن الزواج بهذا السبب ، بل هي من أشد الآثام عند الله سبحانه ، فقد ثبت عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ) رواه البخاري (5885)، والتشبه لفظ مطلق يشمل المظاهر الشكلية ، والمشاعر القلبية ، متى استرسل الإنسان وراءها ، ولم يجاهدها في نفسه ؛ فكل جنس يتشبه بالجنس الآخر ، ويستجيب لوساوس التشبه الظاهري أو الباطني ، يشمله اللعن والإثم عند الله سبحانه ، وهذا ظاهر معلوم .
الرابع :
إياك أن تستجيبي لدعاوى الشيطان في تأخير الزواج ، بدعوى المشكلة الجنسية ، بل الزواج علاج بإذن الله لهذه المشكلة ، ولكن بشرط أن يصاحبه قرار جازم من جهتك بالعلاج ، وتعزيز كل مشاعر الأنوثة في نفسك ، والاستعانة بالطبيب الذي علمه الله أسباب العلاج أيضا ، ففي هذه الحالة سيكون الزواج سببا لتجاوز الأزمة ، وعلاج المعضلة . أما الاعتزال والانفصال عن سير الحياة الطبيعي فلن يزيدك إلا مرضا وسقما ، سيكون عونا للشيطان عليك .
الخامس :
استعيني على ذلك بالله عز وجل ، بدعائه وسؤاله والالتجاء إليه والتذلل بين يديه ، وبتذكر الموت والبعث والنشور ، فالموت يهدم كل فتنة ، ويطفئ كل شهوة . تحرصين خلال ذلك على تلاوة كتاب الله ، والتدبر في آياته ومعانيه ، وتحافظين على أذكار الصباح والمساء ، التي يحفظك الله بها من كل شر بإذنه عز وجل .
وللمزيد يرجى مراجعة الفتوى رقم : (101169) ، (166525).
والحاصل :
أن مدار علاجك ، الخروج من حالك ومعاناتك مبني على ثلاثة أمور :
1- تقوى الله ، والخوف منه ، والحذر من تعدي حدوده .
2- قوة الإرادة في نفسك ، والتصميم على العلاج ، وعدم الاسترسال خلف المشاعر السلبية .
3- الأخذ بأسباب العلاج الجسدي والنفسي ، ومراجعة المختصين في ذلك .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android