الحكمة من جعل صلاة الصبح ركعتين .
السؤال: 210538
لماذ كانت ركعات صلاة الفجر أقل من عدد الركعات في غيرها من الصلوات ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
فرض الله على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة ، وجعل عدد ركعات كل صلاة على ما هي
عليه بحكمته وعلمه .
فعلينا التسليم والانقياد والطاعة ، وأن نقول كما قال الرسول والمؤمنون : (
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) البقرة /258 ، وانظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (65877)
.
ثانيا :
روى البخاري (1090) ، ومسلم (685) عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا قَالَتْ: ” فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ
رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ
فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ “.
قال ابن رجب رحمه الله :
” تريد عائشة – رضي الله عنها -: أن الله تعالى لما فرض على رسوله الصلوات الخمس
ليلة الإسراء ، ثم نزل إلى الأرض وصلى به جبريل – عليه السلام – عند البيت ، لم تكن
صلاته حينئذ إلا ركعتين ركعتين ، في الحضر والسفر، ثم أقرت صلاة السفر على تلك
الحال ، وزيد في صلاة الحضر ركعتين ركعتين ، ومرادها: الصلاة الرباعية خاصة ” انتهى
من “فتح الباري” لابن رجب (2/ 327) .
وروى ابن خزيمة (305)، وابن حبان (2738) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ” فَرْضُ صَلَاةِ
السَّفَرِ وَالْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا أَقَامَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ : زِيدَ فِي صَلَاةِ
الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ ، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ
الْقِرَاءَةِ، وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ ” وحسنه الشيخ
شعيب الأرناؤوط في تعليقه على ” صحيح ابن حبان “.
وفي رواية عند أحمد (26338) : ” كَانَ أَوَّلَ مَا افْتُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ : رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ ، إِلَّا
الْمَغْرِبَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الظُّهْرَ
وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعًا فِي الْحَضَرِ ، وَأَقَرَّ
الصَّلَاةَ عَلَى فَرْضِهَا الْأَوَّلِ فِي السَّفَرِ ” .
وحسنه محققو المسند .
ففي هذا الحديث بيان أن
الصلاة فرضت أول ما فرضت ركعتين ركعتين ، فأقرت في السفر ، وزيدت في الحضر ، فزيدت
صلاة الظهر والعصر والعشاء ركعتين ، وأقرت صلاة الفجر ركعتين من أجل تطويل القراءة
فيهما ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يطول فيهما ما لا يطول في باقي الصلوات ،
فكان تارة يصلي فيهما بالصافات ، كما رواه أحمد (4989) وحسنه محققو المسند ، وتارة
بالروم ، كما عند أحمد أيضا (15873) وحسنه محققو المسند ، وتارة يقرأ فيهما ما بين
الستين إلى المائة ، متفق عليه ، فلأجل تطويل القراءة في صلاة الصبح : أقرت ركعتين
، كما فرضت أول مرة ، لا أنها نقصت ركعتين لأجل تطويل القراءة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” لَمَّا فَرَضَ اللَّه تَعَالَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِمَكَّةَ: فَرَضَهَا
رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ
الْحَضَرِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : لَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ زِيدَ فِي صَلَاةِ
الْحَضَرِ ، وَجُعِلَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا وِتْرُ
النَّهَارِ ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَأُقِرَّتْ رَكْعَتَيْنِ ؛ لِأَجْلِ
تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” (23/ 114) .
ومثل هذا قصر صلاة الجمعة
على ركعتين لأجل الخطبة ، فروى ابن الأعرابي في معجمه (1447) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا قَالَتِ : ” افْتَرَضَ اللَّهُ
تَعَالَى الصَّلَاةَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ
رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ
النَّهَارِ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ اتَّخَذَهَا دَارَ هِجْرَةٍ ،
وَأَقَامَ بِهَا زَادَ إِلَى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا صَلَاةَ
الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَإِلَّا صَلَاةَ الْغَدَاةِ يُطِيلُ
فِيهَا الْقِرَاءَةَ ، وَإِلَّا الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَصَلَاتَهَا
رَكْعَتَيْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَةِ ” .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
” عَنْ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أَنَّهُ قَالَ: قَصُرَتْ الصَّلَاةُ
لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ ، وَقَوْلُ عَائِشَةَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا ، وَقَالَ سَعِيدُ
بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتْ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا فَجُعِلَتْ الْخُطْبَةُ مَكَانَ
الرَّكْعَتَيْنِ ” انتهى من “المغني” (2/ 224) .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة