0 / 0

أكمل دراسته قبل انتهاء مدة المنحة الدراسية فهل يستحق المال الذي تعطيه الدولة بعد ذلك ؟

السؤال: 210593

أسأل عن طالب كان موفداً لدرجة الماجستير مع مجموعة أخرى من الطلبة ؛ وعندما أنهى دراسته ، وحصل على الشهادة في وقت قياسي ، في حين كان أغلب الطلبة الآخرين لا يزالون مستمرين في الدراسة ، ويحتاجون إلى سنين لكي يكملوا دراستهم ، في الوقت الذي كان الطلبة الآخرون يتقاضون المنحة الدراسية ، قرر هذا الطالب أن لا يخبر سفارة بلاده أنه قد أنهى دراسته ، مخافة أن يوقفوا المنحة الدراسية ، وبالتالي يضطر للعودة إلى بلده ، ولا يستطيع إكمال دراسة الدكتوراه ، علماً بأن السفارة كانت تسأل عن الوضع الدراسي بين الحين والآخر ، وقد مكث هذا الطالب ودرس الدكتوراه على حسابه ، ولم يتم صرف منحة له ، علما بأن هذه الحادثة مر عليها ما يقرب من ثلاث عشرة سنة .
فسؤالي :
ما حكم المنحة التي تقاضاها في المدة بعد انتهائه من دراسة الماجستير ؟
وهل يجب عليه إرجاعها للدولة أو التصدق بها ، علما بأن السفارة لم تعطه حقه فيما يتعلق بجهاز الحاسوب وتذاكر السفر السنوية وغيرها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الواجب على المسلم الصدق في جميع شأنه ، والوفاء بالشروط التي تعاقد عليها ، ووعد بالالتزام بها ، فقد قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/1، وقال سبحانه وتعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) الإسراء/34 ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَالمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا ) رواه الترمذي (1352) وقال حسن صحيح . وصححه النووي في ” المجموع ” (9/376) .
ولهذا كان الواجب عليك الالتزام بإخبار الجهة المانحة عن إتمامك دراستك في الوقت القياسي ، وذلك في حالة اشتراط الجهة المانحة هذا الشرط عليك ، أو كان عرفهم العام المستقر : أن تلتزم بإخبارهم حال انتهاء دراستك ، وهو الغالب المعمول به . ولا يسوغ ما فعلت أنك اجتهدت في دراستك فأنهيتها في وقت مبكر ، فالقضية ليست راجعة إلى ما تسلكه وتتمه ، بل إلى نظام المنح والابتعاث الذي التزمت به ، فالواجب عليك الالتزام بما فيه من الشروط .
أما إذا لم تشترط الجهة المانحة ذلك عليك ، ولم يكن لها عرف مستقر بذلك ؛ بل منحتك المال لنفسك لتنتهي من دراستك في الوقت الذي تشاء ، وتستمر في المكث إلى حين انتهاء المنحة ، فلا حرج عليك حينئذ في الاستمرار في إقامتك هناك ، وإكمالك مشوار الدراسة ومرحلة الدكتوراة ، بل ذلك علامة على جدك واجتهادك ، بشرط أن يكون ذلك متاحا في نظام المنح والابتعاث الذي حصلت فيه على المنحة وفقا لبنوده ومواده .
فإذا كانت المخالفة هي الحاصلة فالواجب إرجاع المال إلى الجهة المانحة ، فقد أخذته منها بغير وجه حق ، بمخالفة شروطها ونظامها ، والمسلم مطالب بأداء الأمانة ، وعدم مقابلة التقصير بالتقصير والخداع ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ) رواه أبو داود (3534) وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود “.
وأداء الأمانة يقتضي منك إرجاع المال إلى الخزينة العامة ، فإن شق ذلك عليك جاز لك التخلص منه بإنفاقه على المصالح العامة ، كبناء مسجد أو مستشفى أو مدرسة ونحو ذلك .
يقول النووي رحمه الله :
” قال الغزالي : إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه .. فينبغي أن يصرف في مصالح المسلمين العامة ، كالقناطر والربط والمساجد ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه . وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب ، وهو كما قالوه ، نقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف ( انظر مصنف ابن أبي شيبة 4/561) ، وعن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع ، لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر ، فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين ” انتهى من في ” المجموع ” (9/330 ) .
وغاية ما يحق لك أخذه من هذا المال : الحقوق الظاهرة المتفق عليها ، من التذاكر ، أو جهاز الحاسوب ونحو ذلك ، مما لم تأخذه ، وكان متفقا عليه صراحة ، أو استقر العرف بين الدارسين بالحصول عليه .
وينظر جواب السؤال رقم : (162369) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android