تنزيل
0 / 0

إذا أكل الأخ حق أخيه فلا بأس في التظلم للقاضي وإن غضبت الوالدة

السؤال: 210982

مات جدي منذ 22 عاماً ، وترك ثروة طائلة ، وقُسمت التركة ، ولم يحصل أبي إلا على مقدار 45% من نصيبه ؛ لأن عمي تولى مقاليد الأمور بعد وفاة أبيه مباشرة ، أما أبي فكان في الخارج للدراسة ، ولم ينصب عمي شاهداً بالنيابة عن أبي يوم أن قسمت التركة ، وبالتالي فإنه قد استحوذ على الجزء الأكبر منها .
وسؤال والدي الآن هو : هل عليه أن يثير الموضوع من جديد ليحصل على بقية نصيبه أم لا ؟ فهو يخشى على جدتي الطاعنة في السن من أن يصيبها مكروه أو حزن فيما لو حدث صدام بينهما .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا حرج على والدك في مطالبة أخيه بتمام حقه من التركة ، فتركة الميت أمانة في عنق
من تولاها ، يجب عليه أداؤها إلى الورثة الشرعيين ، كل بحسب حصته التي قسم الله عز
وجل له ، ومن يطالب بحقه لا تثريب عليه في الدنيا ولا في الآخرة ، فقد قال الله عز
وجل : ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ
ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا . إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ
أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا )
النساء/148-149. فالمظلوم صاحب سلطان على ظالمه ، سلطان المطالبة أمام القضاء ،
وسلطان الشكوى والتظلم القولي عند الناس ، وذلك بنص القرآن الكريم .
غير أننا ننبه هنا إلى أمور مهمة قبل رفع الأمر إلى القضاء ، ومن ذلك :
أولا :
لا بد من التثبت قبل المطالبة بالحق من وقوع الظلم ، وذلك بالبينة الظاهرة ، وليس
من خلال الشكوك والأوهام أو النميمة التي يثيرها بعض الناس ، خاصة إذا كانت التركة
قد قسمت عن طريق القضاء الشرعي .
ثانيا :
لا بد من الحوار الهادئ بين والدك وأخيه ، والشكاية له مباشرة لسماع كل منهما حجة
الآخر ، مع توسيط أهل الخير والعلم والصلاح لتوضيح الأمور ، وعدم اليأس من التوصل
إلى حل وعلاج للقضية قبل الترافع إلى القضاء ، ولتكن المحكمة آخر الدواء ، بعد صبر
وطول نفس .
ثالثا :
لا إثم على والدك إن حزنت والدته أو غضبت بسبب لجوئه إلى القضاء ، بل ليس ذلك من
حقها ، متى كان الظلم الواقع عليه بينا ظاهرا ، وعليه أدلة لا ينكرها أحد ، فلا بد
حينئذ من إقناع الوالدة أيضا بهذه البينات ، والحوار الهادئ معها كي تتقبل الأمر ،
وتعلم الأسباب التي أدت إلى ذلك ، وحينئذ لو استمرت في حزنها وغضبها فلا إثم على
والدك ، إذ ليس من حق الوالدة مطالبة الولد بالتنازل عن حقوقه ، والسكوت عن الظلم
الواقع عليه .
يقول ابن تيمية رحمه الله :
” يلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين ، وهو ظاهر إطلاق أحمد
، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليه ، فإن شق عليه ولم يضره : وجب ، وإلا فلا
” .
انتهى من “الاختيارات الفقهية” للبعلي (114) .
فلما كان في السكوت عن الحق ضرر ظاهر لم تكن طاعة الوالدة واجبة في هذه الحال ، ولا
يجب على الأخ التنازل لأخيه ومسامحته برا بوالدته ، وإن كان ذلك هو الأولى والأفضل
في كل الأحوال ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا
تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/22.

فمن طلب المعالي نصحناه بصرف النظر عما جرى ، ورعاية قلب الوالدة الضعيف أن ترى
أبناءها في خصامهم ، وفي الوقت نفسه من لجأ إلى القضاء فلا عتب عليه .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android