الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا شك أن العبادات المؤقتة بوقت يجب الالتزام بتوقيتها ، ومن ذلك الصلاة ؛ لقول الله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) لنساء/103 .
وللتوسع في من يلزمه القضاء ومن لا يلزمه يراجع السؤال : (111783) .
ثانيا :
من يلزمه قضاء صلاة فائتة : فالواجب عليه المبادرة إلى القضاء ، والقيام بها فورا من حين زوال عذره ؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) رواه البخاري ( 572 ) ، ومسلم ( 684 ) وفيه زيادة: (أو نام عنها) .
ولمسلم ( 684 ) : ( إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله عز وجل يقول : (أقم الصلاة لذكري) طه/14).
ولأنه لا يدري ما يعرض له فوجب عليه المبادرة إلى إبراء ذمته .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” فإن قلت: أليس النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لما استيقظ أمرهم أن يرتحلوا من مكانهم إلى مكانٍ آخر؟
فالجواب: بَلى، ولكنَّه علَّل ذلك بأنه : (مكانٌ حَضَرَ فيه الشَّيطانُ) [رواه مسلم، (680)] ، فلا ينبغي أن يُصلَّى في أماكن حضور الشياطين ، ولهذا نَهَى عن الصَّلاة في الحَمَّام ؛ لأنه مَأوى الشَّياطين ، وفي الحُشِّ ، بل وفي أعطان الإبل ، لأنها خُلقت من الشَّياطين … وهذا الحديث لا يدلُّ على عدم وجوب الفورية ، وإن كان بعض العلماء قال بعدم وجوب الفورية لهذا الحديث .” انتهى من “الشرح الممتع” (2 / 141) .
ثالثا :
ومقتضى الفورية هو القيام بها فورا من حين زوال عذره دون تأخير ، وليس هناك وقت ينتهي به وجوب القضاء ، فإذا أخر القضاء ، فإن وجوب القضاء لا يسقط عنه ، وتبقى الصلاة دينا في ذمته حتى يؤديها .
فإن كان تأخيره القضاء لغير عذر : فإنه يأثم بهذا التأخير ، لمخالفته الحديث السابق (فليصلها إذا ذكرها) .
ويجوز لمن عليه القضاء التأخير لعذر ، قال المرداوي:
“قوله ( لزمه قضاؤها على الفور ) مقيد بما إذا لم يتضرر في بدنه أو في معيشة يحتاجها ؛ فإن تضرر بسبب ذلك : سقطت الفورية ” انتهى من “الإنصاف” ( 1/ 443) .
وقال الصاوي المالكي:
“واستثنى من قوله : ( فورا مطلقا ) قوله: ( إلا وقت الضرورة) : أي الحاجة ؛ كوقت الأكل والشرب والنوم الذي لا بد منه ، وقضاء حاجة الإنسان ، وتحصيل ما يحتاج له في معاشه.” انتهى من ” حاشية الصاوي على الشرح الصغير” (1/ 365).
والله أعلم .