وجد أبي – رحمه الله – قطعة ذهبية فى سوق كبير ، وكان من الصعب إيجاد صاحبها ، وكان ذلك من حوالي 15 سنة ، والآن وقد عرفنا حكمها ؛ نتصدق بثمنها بنيه صاحبها .
السؤال : هل نتصدق بثمنها آنذاك أم بسعر الذهب الآن ؟
وجد قطعة ذهبية قبل فترة طويلة ، فهل يتصدق بقيمتها في الوقت الحالي ، أو بقيمتها يوم التقاطها ؟
السؤال: 212609
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
من وجد قطعة ذهبية أو مالاً له قيمة فإن هذا المال يُسمَّى في الشرع ” لُقَطَة ” والواجب عليه أن يُعَرِّفَها سنة هجرية كاملة ، (أي : يسأل عن صاحبها ) ، فإن لم يأت صاحبها ، فلا حرج عليه أن ينتفع بها ، على أن يضمنها لصاحبها إذا جاء يوماً من الدهر ؛ لما روى مسلم (3249) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : ” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة من الذهب أو الفضة ، فقال : ( اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا [ يعني : يعرف صفات الكيس والوعاء الذي كانت فيه ] ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ ، فَاسْتَنْفِقْهَا ، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ ، فَأَدِّهَا إِلَيْهِ .. الحديث ) .
وللاستزادة ينظر جواب السؤال رقم : (5049) ، ورقم : (4046) .
ثانياً :
بناء على ما سبق ، إذا كان والدكم ، قد عَرّف تلك القطعة الذهبية في ذلك السوق أو في مجامع الناس ، سنة كاملة من وقت التقاطها ، فلا حرج عليه في تملكها والانتفاع بها ، ولا يلزمه التصدق بها بنية صاحبها .
وأما إذا لم يُعرِّفها في ذلك الوقت ، فلا تدخل تلك اللقطة في ملكه أبدا ، حتى ولو قام بتعريفها بعد ذلك ، لأن الشرع اشترط لجواز الانتفاع بها وتملكها أن يعرفها بمجرد ما يجدها لمدة سنة ، والمدة المذكورة في السؤال يغلب على الظن ، أن التعريف لا ينفع معها ؛ ولهذا يُتصدق بتلك القطعة الذهبية بنية صاحبها .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” إذا أخر التعريف عن الحول الأول , مع إمكانه أثم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فيه , والأمر يقتضي الوجوب … ، ويسقط التعريف بتأخيره عن الحول الأول , في المنصوص عن أحمد ; لأن حكمة التعريف لا تحصل بعد الحول الأول . والقول الثاني: أنه لا يسقط التعريف بتأخره ; لأنه واجب , فلا يسقط بتأخيره عن وقته , كالعبادات وسائر الواجبات ، ولأن التعريف في الحول الثاني يحصل به المقصود على نوع من القصور , فيجب الإتيان به ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ، وعلى كلا القولين , لا يملكها بالتعريف فيما عدا الحول الأول ; لأن شرط الملك : التعريف في الحول الأول , ولم يوجد ” انتهى مختصراً من ” المغني ” (6/7-8) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” عليك أن تتصدق أنت وصاحبك بقيمتها بالنية عن صاحبها إذا كانت المدة طويلة ، أما إذا كانت المدة قصيرة ، فعليك تعريفها سنة كاملة في مجامع الناس ؛ لعلها تعرف ، فمتى عرفها أحد فأعطوه قيمتها ، وإذا لم تعرف فلا شيء عليكم ، وأما إن كانت المدة طويلة ، وقد فات وقت التعريف ، وقد نسيها صاحبها ، أو ذهب عن المكان ، أو ما أشبه ذلك ، فالأحوط لك ولصاحبك : أن تتصدقا بقيمتها بالنية عن صاحبها ” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (19/ 435 ) .
وعليه ، إن كانت تلك القطعة الذهبية موجودة الآن عندكم ، فإنه يُتصدق بها بنية صاحبها .
وإن كانت غير موجودة ، وهذا هو الظاهر من السؤال ، فإن الذهب يضمن بمثل وزنه ، فعليكم أن تتصدقوا بقيمتها الآن ، لأنه لو جاء صاحبها كان الواجب عليكم أن تردوا إليه قطعة ذهب بنفس الوزن والشكل ، ولا تردوا إليه ثمنها الذي بيعت به من عدة سنوات .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة