هناك أناس في زمننا هذا أثبتوا بالنسب أنهم من آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأقرت الدولة بذلك ، سؤالي هو ما حكم من يسبهم ؟
أعلم أن سب الناس لا يجوز على كل حال ، لكن أقصد هل من سبهم يكون إثمه مثل إثم من سب آل بيت الرسول الذين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
هل يستوي في الإثم من سب آل البيت في هذا الزمان ، ومن سب آل البيت في عهد النبوة ؟
السؤال: 213236
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الواجب في حق آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم : محبتهم ، وموالاتهم ، وإكرامهم ، واحترامهم ، ومراعاة حقوقهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وكذلك أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم : تجب محبتهم ، وموالاتهم ورعاية حقهم …. ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” لابن تيمية (28/491) .
وقال رحمه الله أيضاً – في معرض كلامه عن عقيدة أهل السنة والجماعة – : ” ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم : ( أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ) ، وقال أيضا للعباس عمه – وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم – فقال : ( والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) ، وقال : ( إن الله اصطفى بني إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ) ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” لابن تيمية (3/ 154) .
ثانياً :
الفضل الوارد في آل البيت ، من : المحبة والموالاة والإكرام ، وبعض الأحكام المتعلقة بهم ، من حرمة أخذ الزكاة ، وأشباه ذلك : يستوي فيها ، كل من انتسب إلى ذلك النسب الشريف ، سواء كان من المتقدمين الذين أدركوا زمن النبوة ، من الصحابة المنتسبين لآل البيت ، أو كان ممن جاء بعدهم إلى زماننا هذا ، وما بعده أيضا ، متى صح نسبه وثبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وآل بيته .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” إذا قال قائل : هل هؤلاء موجودون ؟ أعني : بني هاشم ، والمطلب ؟
قلنا : نعم ، موجودون ، وقد ذكروا أن مِنْ أثبت الناس نسباً لبني هاشم : ملوك اليمن الأئمة ، الذين انتهى ملكهم بثورة الجمهوريين عليهم قريباً ، فهم منذ أكثر من ألف سنة متولون على اليمن ، ونسبهم مشهور ، معروف بأنهم من بني هاشم .
ويوجد ناس كثيرون أيضاً ينتمون إلى بني هاشم ، فمن قال : أنا من بني هاشم : قلنا : لا تحل لك الزكاة ؛ لأنك من آل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (6/257).
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (119288) .
ثالثاً :
سب المسلم في أصله أمر محرم ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) رواه البخاري (46) ، ومسلم (97) .
ويعظم النهي والإثم في السب ، إذا كان من وقع عليه السب ، له حق خاص ، فآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لهم حق خاص على الأمة ، كما سبق ؛ وذلك لقرابتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فسبهم أعظم من غيرهم في الجملة ، وكذلك الصحابي من آل البيت له حق خاص ، من جهة أنه من آل البيت ، ومن جهة أنه صحابي ، وقد جاء في حق الصحابة خاصة ، ما رواه البخاري (3397) – واللفظ له – ، ومسلم (4611) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ) .
وعليه ، فمع أن السب والشتم واللعن بغير حق : كله محرم مذموم ؛ فإن الإثم يختلف باختلاف رتبة ودرجة المسبوب ، فسب وشتم من جمع بين الصحبة والانتساب إلى آل البيت ، ليس كسب من انتسب إلى آل البيت فقط ، فالأول سبه أعظم وأشد ؛ لكونه جمع بين حقين : حق الصحبة ، وحق الانتساب إلى آل البيت .
فصلوات الله وسلامه على محمد النبي ، وعلى آله الطيبين الأطهار ما تعاقب الليل والنهار .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة