لدي طفل يخاف من كل شيء حتى من ظله ولا أعرف هل طريقة تربيتي خاطئة وكيف أعلمه الشجاعة ؟.
التعامل مع خوف الطفل
السؤال: 21390
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يرى المختصون بعلم نفس الأطفال أن الطفل في السنة الأولى قد يبدي علامات الخوف عند حدوث ضجة مفاجئة ، أو سقوط شيء بشكل مفاجئ ، أو ما شابه ذلك ، ويخاف الطفل من الأشخاص الغرباء اعتباراً من الشهر السادس تقريباً ، وأما الطفل في سنته الثالثة فإنه يخاف أشياء كثيرة مثل الحيوانات ، والسيارات ، والمنحدرات ، والمياه ، وما شابه هذا .
وبوجه عام فإن الإناث أكثر إظهاراً للخوف من الذكور ، كما تختلف شدته تبعاً لشدة تخيل الطفل ، فكلما كان أكثر تخيلاً كان أكثر تخوفاً .
ولازدياد الخوف لدى الطفل عوامل وأسباب ، منها :
-تخويف الأم للطفل بالأشباح ، أو الغول ، أو العسكري ، أو الظلام ، أو العفريت ، أو المخلوقات الغريبة … الخ .
-دلال الوالدين المفرط ، وقلقهما الزائد ، وتحسسهما الشديد .
-تربية الطفل على العزلة ، والإنطوائية ، والاحتماء بجدران المنزل .
-سرد القصص الخيالية التي تتصل بالجن ، والعفاريت .. إلى غير ذلك من الأسباب .
-وقد يبدي الطفل استعداداً قوياً لالتقاط مخاوف والديه عن طريق العلم بالمشاهدة ، وهذه المخاوف التي تكتسب عن هذا الطريق تمتاز بطول بقائها ، لذا كان للقدوة الحسنة دور كبير في تربية الطفل على عدم الخوف ، والقدوة المطلوبة هنا هي القدوة الشجاعة في كل المواقف على اختلافها ، وعدم الخوف من الحيوانات التي لا تضر ، ومن الأفراد – وإن علت مكانتهم – في الحق بالطبع ، وعدم الخوف عموماً بدون داع .
ولعلاج ظاهرة الخوف عند الطفل كان على الوالدين مراعاة عدة أمور منها :
-تنشئته منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله ، وعبادته ، واللجوء إليه في كل ما ينوب ويروع .
-إعطاؤه حرية التصرف ، وتحمل المسؤولية ، وممارسة الأمور على قدر نموها .
-عدم تخويفه ولا سيما عند البكاء بالغول والضبع والحرامي والجني والعفريت .. إلى غير ذلك ، وذلك يدخل في عموم الخيرية : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) أخرجه مسلم رقم 2664
-تمكينه منذ أن يعقل من الخلطة العملية مع الآخرين ، وإتاحة المجال له للالتقاء بهم والتعرف عليهم ليشعر من قرارة نفسه ووجدانه أنه محل عطف ومحبة واحترام مع كل من يجتمع به ، ويتعرف عليه .
ومما ينصح به علماء النفس والتربية : أن تتاح الفرصة للطفل للتعرف على الشيء الذي يخيفه ، فإذا كان يخاف الظلام فلا بأس بأن يُداعب بإطفاء النور ثم إشعاله ، وإن كان يخاف الماء فلا بأس بأن يسمح له بأن يلعب بقليل من الماء في إناء صغير … وهكذا .
-تلقينه مواقف السلف البطولية ، وتأديبه على التخلق بأخلاق الصحابيات ، ليتطبع على الشجاعة ، والبطولة .
أما إذا كان الخوف عند الطفلة قلقاً ، فسببه يرجع إلى مجموعة من عوامل متداخلة ، عالجتها السنة النبوية بشيء من الروية ، ومن هذه العوامل :
-تكليف الطفل ما لا يستطيع أداءه ، في حين يقول صلى الله عليه وسلم : ( من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا ) أخرجه أبو داود رقم 4943 ، والترمذي رقم 1921 وفي صحيح الجامع للألباني 5444
-عدم إشباع حاجته للنجاح ، في حين ورد عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( ما سمعت رسول الله يفدي أحداً غير سعد ، سمعته يقول : ( ارم فداك أبي وأمي ) أظنه يوم أحد ) أخرجه البخاري رقم 6184 ، ومسلم رقم 2411 . وفي ذلك توجيه للآباء إلى تشجيع أولادهم على أي مستوى أداء يحققونه تحفيزاً لهم على مزيد من الاهتمام .
-الإسراف في العقاب البدني ، والقسوة في المعاملة ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من يُحرم الرفق يُحرم الخير كله ) أخرجه مسلم ، رقم 2292 .
-الظروف المعيشية الصعبة التي تدفع الوالدين لصبِّ غضبهم على أولادهم . كعدم التوافق بين الزوجين ، أو عمل الأم ، أو عدم الرضا عن العمل في حين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بالصُّرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) أخرجه البخاري برقم 6116 .
ونشير ختاماً أنه ليس معنى هذا ألا يخاف الطفل مطلقاً ، فالخوف لا بد منه في بعض الأمور ، لأنه يحفظ بقاء الطفل ، فعليه أن يخاف من الله ، وإيذاء الناس ، وارتكاب الجرائم … الخ ، وليكن خوفاً طبيعياً سوياً لا مبالغة فيه ولا تهاون .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
من كتاب تنشئة الفتاة المسلمة ص 159 تأليف حنان عطية الطوري الجهني