نويت القيام بأداء فريضة الحج أنا وزملاء لي في العمل ، علما بأني مقيم في مكة المكرمة ، وفعلا طلعنا إلي عرفة ، ثم إلي مزدلفة ، وهناك فقدت زملائي ، وكنت أجهل واجبات ومناسك ومحظورات الحج ، فعندما فقدت زملائي الذي كنت أسير برفقتهم ، والذين كانوا سيرشدونني بطريقة الحج ، رجعت إلي سكني في مكة ، وخلعت الإحرام ، وكان ذلك قبل منتصف الليل ، ولم أكمل بقية الحج . فما الحكم في ذلك ؟ وما الواجب عليا فعله ؟
وقف بمزدلفة ولم يكمل مناسكه
السؤال: 215055
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الواجب على كل من أحرم بالعمرة أو الحج أن يتم نسكه ، سواء كان تلبس بفريضة أو نافلة ؛ لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) البقرة/ 196 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا دخل الإنسان في حج أو عمرة فإنه لا يحل له أن يخرج منه إلا بعذر يمنعه من إتمام نسكه ، لقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) فقوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) يعني منعتم عن إتمام النسك " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23 / 438) .
وليس فقد الزملاء في الحج من الإحصار ؛ لأنه يمكنك إتمام النسك بدونهم ، وكان الواجب عليك وقد عزمت على الحج أن تتعلم أحكامه ، لاسيما وأنك من أهل مكة ، ولا يعسر عليك تعلم المناسك قبل التلبس بها ، ولا السؤال عن كيفية إتمامها بعد الدخول فيها .
والواجب عليك الآن ما يلي :
أولا :
التوبة إلى الله من التقصير في أداء النسك على وجهه بسبب عدم التفقه في الدين مع تيسر أسباب العلم وقربها منك .
ثانيا :
بما أنك إما مفرد أو قارن كما هو ظاهر سؤالك ، ولأن أهل مكة لا تمتع لهم ، فيكون قد بقي عليك من أركان الحج طواف الإفاضة وسعي الحج ، وهذه الأركان لا تسقط بحال ، وعليه فلا بد من الإتيان بها مهما تطاول الزمان .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، فإذا تركه الإنسان فإن حجّه لم يتم ، لا بدّ أن يأتي به ، فيرجع ولو من بلده فيطوف طواف الإفاضة ، وفي هذه الحال ما دام لم يطف : لا يجوز أن يستمتع بزوجته ؛ لأنه لم يتحلل التحلل الثاني ، إذ إنه لا يحل التحلل الثاني إلا بعد طواف الإفاضة والسعي إن كان متمتعاً ، أو كان قارناً أو مفرداً ولم يكن سعى مع طواف القدوم " انتهى من " فتاوى أركان الإسلام " (ص 541) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا من سكان مكة حججت العام الماضي وطفت ولكن لم أسع ، فما الحكم ؟
فأجاب : " عليك السعي ، وهذا غلط منك ، ولا بد من السعي سواء كنت من أهل مكة أو من غيرهم ، لا بد من السعي بعد الطواف بعد النزول من عرفات تطوف وتسعى ، فالذي ترك السعي يسعى الآن " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (17/341) .
ثالثا :
الواجبات التي تركتها حتى خرج وقتها يلزمك أن تجبرها بدم ، وهي رمي الجمرات ، والمبيت بمنى ليالي التشريق ، والنحر ، إن كنت قارنا في نسكك .
وهل الحلق والتقصير كذلك ، فيلزمك عنه دم ، أم لا يلزمك ونقول احلق الآن ولا شي عليك ، هذا محل خلاف بين العلماء رحمه الله :
فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة في رواية : إلى أن من أخر الحلق حتى خرجت أيام النحر : لزمه دم بالتأخير .
وذهب الشافعية والحنابلة في رواية : إلى أنه إن أخر الحلق حتى خرجت أيام التشريق ، فلا شيء عليه ، فمتى أتى به أجزأه ، كطواف الزيارة والسعي ، وقد نص الشافعية على كراهية تأخيره . ينظر " الموسوعة الفقهية " (10 /12-13) .
والقول الأول ، بوجوب دم : يفتي به الشيخ ابن عثيمين ؛ فقد سئل رحمه الله : رجل اعتمر أو حج ، وعند الحلق لم يعمم جميع شعره ، وكان قد مضى على حجه وعمرته سنوات ، فما الحكم في ذلك ، ونريد أيضاً قاعدة متى يؤمر الحاج أو المعتمر إذا ترك شيئاً من نسكه أن يرجع إلى مكة للإتيان به ؟
فأجاب بقوله : " هذا الرجل ترك واجباً ، وترك الواجب يجب فيه فدية تذبح في مكة ، وتوزع على الفقراء، وبهذا يتم حجه .
وأما ما يلزم الحاج فعله إذا تركه فهي الأركان ، أما الواجبات فإذا فات وقتها تجبر بدم ".
انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22 / 481) .
رابعا :
أما المحظورات التي ارتكبتها كالجماع قبل إتمام نسكك : فلا شيء عليك ؛ لأن الظاهر أنك ما فعلت هذا إلا جهلا بالحكم .
وانظر للفائدة جواب السؤال : (40512) ، (176329) .
والحاصل : أن عليك مع التوبة ، المبادرة بإتمام نسكك ، بفعل الأركان التي بقيت عليك من طواف الإفاضة وسعي الحج ، وعليك ثلاثة دماء تذبح في الحرم وتوزع على فقرائه عن الواجبات المتروكة ؛ وهي الحلق والرمي والمبيت ، والرابع عن الهدي إن كنت قارنا فإن عجزت عنه صمت عشرة أيام .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة