لماذا لم يخبرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقت قيام الساعة ؟
السؤال: 21636
لماذا لم يخبرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقت قيام الساعة ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
لم يخبرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقت قيام
الساعة أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يعلم وقت قيام الساعة . وقد
سبق في السؤال رقم (32627)
الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك .
ثانياً :
فإن قيل : لماذا لم يخبرنا الله تعالى بوقت قيام الساعة ؟
فالجواب : أن الحكمة تقتضي إخفاء وقتها عن الخلق .
وبيان ذلك : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث
مبشراً لمن أطاعة بالجنة ، ومنذراً لمن عصاه بالنار. والإنذار بالساعة والنار
وأهوالها ، لا تتم الفائدة منه إلا بإبهام وقتها ؛ ليخشى أهلُّ كلِّ زمان إتيانَها
فيه ، فالإعلام بوقت إتيانها ، وتحديد تاريخها ، ينافي هذه الفائدة ، بل فيه مفاسد
أخرى ؛ فلو قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للناس : إن الساعة تأتي
بعد ألف سنة من يومنا هذا مثلا ، لرأيت المكذبين يستهزئون بهذا الخبر ، ويلحون في
تكذيبه ، والمرتابين يزدادون ارتيابا .
فالحكمة البالغة إذن في إبهام أمر الساعة للعالم ، كما أخفى الله
تعالى وقت الساعة الخاصة بكل إنسان وهي الموت .
قال الآلوسي رحمه الله :
“وإنما أخفي سبحانه أمر الساعة لاقتضاء الحكمة التشريعية ذلك ؛
فإنه أدعى إلى الطاعة ، وأزجر عن المعصية ، كما أن إخفاء الأجل الخاص للإنسان كذلك
. . . وتدل الآيات على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعلم وقت قيامها ،
نعم علم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قربها على الإجمال ، وأخبر صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به” اهـ .
“فيجب على المؤمنين أن يخافوا ذلك اليوم ، وأن يحملهم الخوف على
مراقبة الله تعالى في أعمالهم ؛ فيلتزموا فيها الحق ويتحروا الخير ، ويتقوا الشرور
والمعاصي ، ولا يجعلوا حظهم من أمر الساعة الجدال ، والقيل والقال” اهـ من تفسير
المنار .
ومن رحمة الله تعالى بخلقه أنه جعل لهم علامات دالة على قرب قيام
الساعة ، حتى يكون ذلك باعثاً لهم على العمل الصالح ، وتقوى الله ، واجتناب محارمه
، فكلما رأوا علامة من علاماتها قد تحققت ازداد خوفهم من الساعة وأهوالها ، وازداد
يقينهم بقربها ، فيزداد استعدادهم لذلك بالعمل الصالح .
قال الله تعالى : ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ
تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) محمد /18
. أي علاماتها.
ويدل على ذلك ما رواه مسلم (2947) أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا : طُلُوعَ الشَّمْسِ
مِنْ مَغْرِبِهَا ، أَوْ الدُّخَانَ ، أَوْ الدَّجَّالَ ، أَوْ الدَّابَّةَ ، أَوْ
خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ ) . رواه مسلم (2947)
.
أي : سابقوا ست آيات دالة على وجود القيامة ، وسارعوا بالأعمال
الصالحة قبل وقوعها وحلولها ؛ فإن العمل بعد وقوعها وحلولها لا يقبل ، ولا يعتبر .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْ خَاصَّةَ
أَحَدِكُمْ ) وفي رواية بالتصغير (خُوَيْصة أحدكم)
وهو ما يخص الإنسان دون غيره ، وأراد به الموت ، الذي يخصه ،
ويمنعه من العمل ، إن لم يبادر به قبله . و “أَمْرَ الْعَامَّةِ” المراد به القيامة
.
قال القاضي : “أمرهم أن يبادروا بالأعمال قبل نزول هذه الآيات ؛
فإنها إذا نزلت أدهشت ، وأشغلت عن الأعمال ، أو سد عليهم باب التوبة ، وقبول العمل”
.
قال العلائي : “مقصود هذه الأخبار الحث على البداءة بالأعمال قبل
حلول الآجال واغتنام الأوقات قبل هجوم الآفات” .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاغتنام الأوقات في طاعته .
والله تعالى أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة