تنزيل
0 / 0

حكم لبس الثياب المخلوطة بالحرير

السؤال: 217064

هل هناك حديث صحيح يحلل لبس الثياب المشروكة بحرير ، الثياب التي تباع في جميع محلات الخياطة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

يحرم على الرجل استعمال الحرير الطبيعي في اللبس والجلوس عليه والاستناد إليه والتغطي به واتخاذه سترا وسائر وجوه الاستعمال ، وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (158299) .

ثانيا :
يرخص أن يكون في اللباس ما لا يزيد عن أربعة أصابع من الحرير ، كتطريز ونحوه .

روى البخاري (5828) ، ومسلم (2069) عن أبي عثمان النهدي قال : أتانا كتاب عمر ، ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ ) قَالَ : فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الأَعْلاَمَ .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" الْأَعْلَامُ : هُوَ مَا يَكُونُ فِي الثِّيَابِ مِنْ تَطْرِيفٍ وَتَطْرِيزٍ وَنَحْوِهِمَا " انتهى من " فتح الباري " .

وروى مسلم (2069) عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، خَطَبَ بِالْجَابِيَة ِ، فَقَالَ : ( نَهَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْن ِ، أَوْ ثَلَاثٍ ، أَوْ أَرْبَعٍ ) .
قال النووي رحمه الله :

" وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة إِبَاحَة الْعَلَم مِنْ الْحَرِير فِي الثَّوْب إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَع أَصَابِع ، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور " انتهى من " شرح النووي على مسلم " (14/48) .

وقال العيني رحمه الله في " عمدة القاري " (22/ 10) :

" قَالَ شَيخنَا : فِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ ، حجَّة لما قَالَه أَصْحَابنَا من أَنه لَا يرخص فِي التطريز وَالْعلم فِي الثَّوْب إِذا زَاد على أَرْبَعَة أَصَابِع ، وَأَنه تجوز الْأَرْبَعَة فَمَا دونهَا ، وَمِمَّنْ ذكره من أَصْحَابنَا الْبَغَوِيّ فِي "التَّهْذِيب" ، وَتَبعهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ " انتهى .

ثالثا :

أما أن ينسج الحرير مع غيره ويخلط به ، فيصير الثوب خليطا من الحرير وغيره : فهذا لا يجوز ، سواء كان الحرير أقل أو أكثر ؛ فقد روى البخاري (5650) عن البراء بن عازب رضي الله عنهما ، قال : ( نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ ، وَلُبْسِ الحَرِيرِ ، وَالدِّيبَاجِ ، وَالإِسْتَبْرَقِ ، وَعَنِ القَسِّيِّ ، وَالمِيثَرَةِ ) .

قال الحافظ رحمه الله :

" وَاسْتُدِلَّ بِالنَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ عَلَى مَنْعِ لُبْسِ مَا خَالَطَهُ الْحَرِيرُ مِنَ الثِّيَابِ ، لِتَفْسِيرِ الْقَسِّيِّ بِأَنَّهُ مَا خَالَطَ غَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهِ الْحَرِيرَ " انتهى من " فتح الباري " (10/294) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَحَدِيثُ السِّيَرَاءِ وَالْقَسِّيّ : يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ مَا ظَهَرَ فِيهِ خُيُوطُ حَرِيرٍ أَوْ سُيُورٌ لَا بُدَّ أَنْ يُنْسَجَ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ الْقُطْنِ ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ الْحَرِيرُ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا لِظُهُورِ الْحَرِيرِ فِيهَا ، وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ وَزْنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ أَكْثَرُ أَمْ لَا ، مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ أَقَلُّ " انتهى من " الفتاوى الكبرى " (5/351) .

وقال علماء اللجنة الدائمة :
" لا يجوز لبس الثوب من الحرير خالصًا أو مخلوطًا ، إلا إذا كان الخلط من الحرير طرازًا أو نحوه ، لا يزيد مجموعه على أربعة أصابع ، فتجوز " انتهى .

رابعا :

الكلام السابق : إنما هو في الحرير الطبيعي .

وأما الحرير الصناعي فلا يدخل في التحريم ، وهذا هو الذي يوجد عادة في عامة محلات الخياطة . فإذا لم يتبين لك هل هو طبيعي أو صناعي : فاسأل صاحب المحل ، أو أرباب الخبرة ، وليس من المعتاد ، بل ولا من المعقول : أن يخبرك أنه حرير صناعي ، في حين أنه طبيعي ؛ لأن النفس في الطبيعي أرغب ، وأثمانه أعلى بأضعاف مضاعفة ، بل العكس هو الوارد : أن يغش البائع من لا خبرة له من المشترين ، ويوهمهم أنه حرير طبيعي ، في حين أنه حرير صناعي ؛ فمتى أخبرك البائع أن هذا حرير صناعي ، فالأصل قبول خبره في ذلك ، واعتماد كلامه في حل بيعه وشرائه ، إلا أن يتبين أن الأمر على خلاف ذلك .

وينظر للفائدة : إجابة السؤال رقم : (30812 ) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android