في الصلاة السرية ، إن كان الإمام يقرأ بهمس يسمعه المأموم ، فهل ينصت المأموم لقراءة الإمام ، أم يقرأ الفاتحة بشكل عادي ؟
وإن كان عليه أن ينصت للإمام : فهل يجهر بقول : آمين ، عند إتمام الإمام لقراءة الفاتحة ؟
هل ينصت للإمام إذا كان يقرأ في السرية بهمس مسموع ؟
السؤال: 217580
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
المشروع في صلاة الجماعة : أن يجهر الإمام في صلاة الصبح ، والمغرب والعشاء ، وفي صلاة الجمعة ، ويُسرّ في الظهر والعصر .
وعلى المأموم في الصلاة الجهرية أن ينصت لقراءة الإمام ، ولا يقرأ إلا الفاتحة ، أما السرية : فيقرأ فيها الفاتحة والسورة ، وليس من السنة فيها الجهر ، لا للإمام ولا للمأموم .
إلا أنه يُشرع الإمام أن يُسمِع المأمومين الآية أحيانا ؛ لما روى البخاري (762) ومسلم (451) عن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا ) .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
” وَقَوله: ( ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا ) أَي : فِي وَقت ، وَذَلِكَ لَا يخرج الصَّلَاة عَن كَونهَا صَلَاة إخفاء ” انتهى .
“كشف المشكل” (2/ 142) .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل لي أن أجهر في غير الصلاة الجهرية ؟
فأجاب : ” السنة : السر، لكن لو جهر ببعض الآيات : لا بأس ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم الآية أحيانا ، في الظهر والعصر، لكن الأفضل في الظهر والعصر : السر ، وفي الليل : الجهر ، وفي الفجر : الجهر .. ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (8/ 224-225) .
ثانيا:
هذا الجهر بالآية ونحوها : هو جهر عارض في القراءة ، وليس مقصودا لذاته ، فيما يظهر ، كما يقصد رفع الصوت والجهر به في الصلوات الجهرية ، وإسماع المأمومين قراءة الإمام على وجهها ، ولهذا كان الوارد فيه : الجهر بالآية ، أحيانا ، فليس هو جهرا راتبا دائما ، وليس هو كذلك جهرا بالسورة التي يقرؤها الإمام ، أو سياق الآيات كلها ، وتمام المعنى الذي يراعي الإمام قراءته .
قال القاري رحمه الله :
” قال الطِّيبِيُّ : أَيْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِبَعْضِ الْكَلِمَاتِ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ، بِحَيْثُ يُسْمِعُ حَتَّى يُعْلَمُ مَا يَقْرَأُ مِنَ السُّورَةِ .
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : فَيَقْرَأُ نَحْوَهَا مِنَ السُّورَةِ ، فِي نَحْوِهَا مِنَ الصَّلَاةِ .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لِغَلَبَةِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي التَّدَبُّرِ يَحْصُلُ الْجَهْرُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، أَوْ لِبَيَانِ جَوَازِهِ ، أَوْ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ يَقْرَأُ أَوْ يَقْرَأُ سُورَةً بِهَذَا لِيَتَأَسَّوْا بِهِ ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (2/ 688) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” وهذا التسميع إما ليعلم الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ شيئاً بعد الفاتحة , وإما أن ينبه الناس بعض الشيء ؛ لأنه إذا جهر الإمام في صلاة السر انتبه الناس ” انتهى .
“لقاء الباب المفتوح” (101/ 6) بترقيم الشاملة .
ثالثا :
إذا همس الإمام بقراءته حتى أسمع بعض المأمومين ، لم يجب على المأموم الإنصات لقراءته ، ولا التأمين خلفه ، وذلك لأمور ، منها :
– أن غاية ما يشرع له من ذلك : أن يُسمع نفسه فقط في السرية ، وإنما يُسمع المأموم بعض قراءته أحيانا ، على ما سبق .
– أنه على تقدير سماع المأمومين كلهم قراءته في السرية ، أو تعمده إسماع المأمومين خلفه ، كامل قراءته : فهو بذلك في حكم الذي يجهر ، والمشروع هنا : نهيه عن ذلك إذا اعتاده ، وأمره بالإسرار ؛ لأنه بهذا الجهر يخالف السنة ، ويشغل المصلين ويخلط عليهم القراءة .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز قلب الصلاة السرية إلى جهرية والعكس ؟
فأجاب :
” خلاف السنة , وإن اتخذ الإنسان ذلك سنة ، قلنا : أنت مبتدع , يعني : لو جهر في صلاة الظهر على أن هذا سنة ، قلنا : أنت مبتدع , وإذا كان إماماً : عزلناه ، ما لم يتب , وإذا أسر في الجهرية واعتقد أن هذا سنة قلنا : هذه بدعة , وعزلناه ما لم يتب , لكن ليعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية يُسمع الصحابة الآية أحياناً , فينبغي للإمام ، لا للمأموم ، في الصلاة السرية أحياناً : أن يسمع المأمومين القراءة , لينبههم على أنه يقرأ ” انتهى .
“لقاء الباب المفتوح” (109/ 23) بترقيم الشاملة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب