عندمـا نقول ” لا يجـوز شرعاً ” فما هي درجة هذا الحكم ؟ بمعنى هل الغير جائز يقارب المكروه أكثر ؟ أم يقارب المحرّم ؟ وهل فعل الغير جائز يتساوى عقابه مع عقاب المكروه والمحرّم ؟ أريد نُبذة مختصرة عن هذا الأمر .
معنى قول الفقهاء في شيء: إنه غير جائز، وهل يشمل ذلك المحرم والمكروه؟
السؤال: 217751
ملخص الجواب
وخلاصة الجواب : أن العالم إذا قال : لا يجوز ، فالظاهر والأكثر استعمالا أنه يريد الحرام ، وقد يستعمل بعض العلماء أحيانا هذا اللفظ بمعنى المكروه . أما عقاب من فعل شيئا غير جائز فيتوقف على معناه ، فإن كان حراما فإن فاعله يستحق العقاب إلا أن تتداركه رحمة الله وعفوه ، وأما المكروه فلا عقاب على فعله ولا إثم ، جاء في " مواهب الجليل في شرح مختصر خليل " (6 / 304) : " لَا مَأْثَمَ فِي فِعْلِ الْمَكْرُوهِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُه " انتهى ، وفي " سبل السلام " (2 / 516) : " فعل المكروه تنزيها لا يقتضي نقص شيء من الثواب " انتهى . والله أعلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
كثير من الفقهاء يطلقون عدم الجواز على المحرم والمكروه ، بمعنى : أنهم يقولون في المحرم : لا يجوز ، ويقولون في المكروه أيضا : لا يجوز ، وإن كان استعمال هذه الكلمة عندهم في الحرام أكثر من استعمالها في المكروه ، جاء في ” التقرير والتحبير ” لابن أمير الحاج (3 / 288): ” لا تنافي بين غير الجائز والحرام ؛ لأن غير الجائز إما مساوي الحرام أو أعم منه ” انتهى ، وفي كتب الشافعية عند الكلام عن مسألة حكم الاستنجاء باليمين ذكروا أنه لا يجوز ثم فسر بعضهم عدم الجواز بالكراهة ، جاء في ” المجموع شرح المهذب ” (2 / 110): “……. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَحْرِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ ، وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ النَّهْيُ عَنْ الْيَمِينِ أَدَبٌ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَمُوَافِقِيهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يَجُوزُ مَعْنَاهُ لَيْسَ مُبَاحًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ ، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ رَاجِحُ التَّرْكِ ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَذْهَبَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ لَا يَجُوزُ فِي مَوَاضِعَ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً وَهِيَ تَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ . فَإِنْ قِيلَ: هَذَا غَيْرُ مُعْتَادٍ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ ، قُلْنَا : هُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَلَا يَمْتَنِعُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى اصْطِلَاحِ الْأُصُولِ ” انتهى .
وقال الإمام الشافعي – رحمه الله – في صلاة الكسوف لا يجوز تركها وفسره بعضهم بالكراهة ، جاء في ” الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ” (1 / 189): ” وَأما قَول الشَّافِعِي فِي (الْأُم) لَا يجوز تَركهَا فَمَحْمُول على الكَرَاهِيَة لتأكدها ليُوَافق كَلَامه فِي مَوَاضِع أخر ، وَالْمَكْرُوه قد يُوصف بِعَدَمِ الْجَوَاز ” انتهى ، وفي ” المجموع ” أيضا (8 / 257) : ” وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : إنَّ الْمَكْرُوهَ لَيْسَ بِجَائِزٍ وَيُفَسَّرُ الْجَائِزُ بِمُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ ” انتهى .
[ومستوى الطرفين هو المباح الذي لم يأمر به الشرع ولم ينهى عنه] ، وفي ” أسنى المطالب في شرح روض الطالب ” (1 / 285) : ” وَالْمَكْرُوهُ قَدْ يُوصَفُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ جِهَةِ إطْلَاقِ الْجَائِزِ عَلَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ” انتهى.
وبعض الفقهاء يجعل المكروه من باب الجائز ، ويخص عدم الجواز بالمحرم فقط ، جاء في ” بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب ” (1 / 397) : ” والجائز في اللغة : العابر، وفي الاصطلاح يطلق على معان : على المباح الشرعي ، وعلى ما لا يمتنع وجوده شرعا ، فيتناول الواجب والمندوب والمكروه ” انتهى ، فيؤخذ من هذا : أن غير الجائز هو الحرام .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب