تنزيل
0 / 0

هل يجوز وصف الشيعة بأنهم ” أبناء زنا “؟

السؤال: 217843

هل يجوز القول أن الشيعة أبناء زنا ، أو أبناء متعة ؟ ، وهل يجوز أن يقال على المرأة الشيعية زانية ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
المسلم عَفُّ اللِّسان ، طيِّب القول ، لا يشتُمُّ ولا يسُبُّ ولا يطعَن ولا يخوض
في الأعراض ؛ قال الله تعالى : ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ ) الإسراء/ 54 ، وفي الحديث : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ ، وَلا
اللَّعَّانِ ، وَلا الْفَاحِشِ ، وَلا الْبَذِيءِ ) رواه الترمذي (1977) ، وصححه
الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (320) .
والمسلم له أسوة حُسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي قال عنه أنسٌ رضي الله
عنه : ” لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا ،
وَلاَ لَعَّانًا ، وَلاَ سَبَّابًا ” رواه البخاري (6046).

ثانيًا :
لا يُحكَم على شخص بأنَّه ابن زِنا إلا إذا جاءَ من طريقٍ غيرِ شرعيٍّ محرَّمٍ
تحريمًا محضًا – كزِنا أو اغتصابٍ – .
أما مَن جاء بنكاحٍ صحيحٍ مُباحٍ – وهو الزواج الشرعي – ، أو نكاحٍ فيه شُبهة –
كالنِّكاح الفاسد ( كمَن تزوَّج بغير وليّ ) ، أو كمَن جامعَ امرأة يظنُّها زوجتَه
–؛ فلا يُعَدُّ هذا ابنَ زِنا ولا يُسَمَّى بهذا.
ونكاح المُتعة الذي يستحلُّه الشِّيعة الروافِض – وإنِ استقرَّ إجماعُ العلماء على
تحريمه ، وأنَّه نكاحٌ باطلٌ – ، لكنَّه من جهة أخرى نكاحٌ فيه شُبهة العَقْد ،
وليس هو زِنا محضًا ؛ ولذا قال العلماء بلحوق النسب فيه ، وأوجبَ جمهورهم تعزيرَ
فاعِله – إن كان يعلم التحريمَ – ولم يُوجِبوا فيه حَدَّ الزِّنا .
جاء في “الموسوعة الفقهية ” (41/341) :
” اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ فِي
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لَحِقَ نَسَبُهُ بِالْوَاطِئِ ، سَوَاءٌ اعْتَقَدَهُ نِكَاحًا
صَحِيحًا أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ ، لأِنَّ لَهُ شُبْهَةُ الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ
تَصِيرُ بِهِ فِرَاشًا.
وذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ
عَلَى الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّهُ لاَ حَدَّ
عَلَى مَنْ تَعَاطَى نِكَاحَ الْمُتْعَةِ ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ
لِلرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةِ ؛ لأِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ،
وَالشُّبْهَةُ هُنَا هِيَ شُبْهَةُ الْخِلاَفِ ، بَل يُعَزَّرُ إِنْ كَانَ عَالِمًا
بِالتَّحْرِيمِ لاِرْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لاَ حَدَّ فِيهَا وَلاَ كَفَّارَةَ ”
انتهى .
قال الإمام النووي : ” وَإِذَا وَطِئَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ جَاهِلًا
بِفَسَادِهِ : فَلَا حَدَّ ، وَإِنْ عَلِمَ : فَلَا حَدَّ أَيْضًا عَلَى
الْمَذْهَبِ ، وَحَيْثُ لَا حَدَّ: يَجِبُ الْمَهْرُ ، وَالْعِدَّةُ ، وَيَثْبُتُ
النَّسَبُ ” .
انتهى من ” روضة الطالبين ” (7/42) .
وقال البُهُوتي : ” وَمَنْ تَعَاطَاهُ عَالِمًا تَحْرِيمَهُ ؛ عُزِّرَ ؛
لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ ، وَيَلْحَقُ فِيهِ
النَّسَبُ إذَا وَطِئَ يَعْتَقِدهُ نِكَاحًا.
قُلْتُ: أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ نِكَاحًا ؛ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةُ الْعَقْدِ ”
انتهى من ” كشاف القناع ” (5/97) .
وبما أن النسب يلحق فيه للواطئ : فلا يُسَمَّى مَن جاءَ من هذا النِّكاح ابنَ زِنا
، ولا يجوز للمرأة التي نُكِحَت نكاحَ متعة أنْ يُقال عنها زانية ؛ إلا إذا ثبتَ
أنَّها استحلَّت الزِّنا المحضَ الحرام ، ووقعَت فيه ، وأنَّى لنا أن نُثبِت هذا
بغير إقرارٍ منها بذلك أو بشهادة أربعة شهود ؟!!

ثالثًا :
ليس كلُّ نساءِ الشِّيعة الروافض يُمارِسْنَ نِكاح المُتعة ، فبعضُهنَّ – مع فساد
العقيدة وانتحالِ هذا المذهبِ الباطلِ الشنيعِ – عفيفات ، وهذا كبعض نساء أهلِ
الكتاب التي قال الله تعالى فيهنَّ : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) المائدة/ 5 ، والمقصود بـ ( المُحصنات ) : العفيفات ،
ينظر: ” تفسير البغوي ” (3/19) ، و” تـفسير ابن كثير” (3/42).
وعلى هذا فلا يجوز إطلاق القول بأنَّ كل امرأة شيعيَّة تُمارِس نكاح المُتعة ،
فضلاً عن وصف كل واحدة منهن بالزانية ، أو إطلاق القول بأنَّ الشِّيعة أبناء مُتعة
أو أبناء زنا ؛ بلا بُرهان ولا تثبُّت .
وهذا من الإنصاف والعَدْل والقِسْط الذي أمرَنا الله تعالى به ؛ كما في قوله تعالى:
( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ) الأنعام/152، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى) المائدة/ 8 .
وقد سألنا شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، عن إطلاق القول بأن الرافضة أبناء متعة ، هل في ذلك ظلم لهم .
فقال: ” إذا كان على سبيل التعميم فنعم فيه ظلم ، فالعدل ولزوم القسط واجب مع كل أحد “.
ونسأل الله تعالى أن يوفِّقنا لما يحبُّه ويرضاه ، وأن يرزقنا السداد في القول
والعمل .
وينظر جواب السؤال : (20738) ، (139687).
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android