تنزيل
0 / 0
3863815/06/2014

هل يجوز الشرب من فضل الوضوء إذا قطر فيه الماء من الفم أو الأنف أو غير ذلك من أعضاء الوضوء ؟

السؤال: 217921

هل ينبغي علينا شرب بقايا ماء الوضوء ؟ وماذا لو سقطت بعض القطرات من الجسم كالأنف أو الفم في هذا الماء ، هل يجوز شربه في هذه الحالة أم يصبح الماء غير طاهر للشرب ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الماء المتبقي على الجسد من أثر الغسل أو الوضوء لا يخرج عن أصله وهو الطهارة ، وقد
أجمع أهل العلم على أن الرجل المحدث الذي لا نجاسة على أعضائه لو صُب ماءٌ على وجهه
أو ذراعيه ، فسال ذلك عليه وعلى ثيابه : أنه طاهر .
انظر جواب السؤال رقم : (197361) .
روى البخاري (5616) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ
، ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الكُوفَةِ ، حَتَّى حَضَرَتْ
صَلاَةُ العَصْرِ ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ ، فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ
، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ
، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا ، وَإِنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ ” .
ورواه النسائي (136) ، وأحمد (971) عَنْ أَبِي حَيَّةَ قَالَ : ” رَأَيْتُ عَلِيًّا
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَ
وَضُوئِهِ ، وَقَالَ : (صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَمَا صَنَعْتُ ) ” وصححه الألباني في “صحيح النسائي” .
فهذا دليل واضح على جواز الشرب من فضل الوضوء .
قال العيني رحمه الله :
” الْمرَاد من فضل الْوضُوء يحْتَمل أَن يكون مَا يبْقى فِي الظّرْف بعد الْفَرَاغ
من الْوضُوء ، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ المَاء الَّذِي يتقاطر عَن أَعْضَاء
المتوضئ ، وَهُوَ المَاء الَّذِي يَقُول لَهُ الْفُقَهَاء : المَاء الْمُسْتَعْمل ”
انتهى  من “عمدة القاري” (3/ 73) .
وقال ابن بطال رحمه الله :
” … قال المهلب : هذا الباب كله يقتضى طهارة فضل الوضوء ، وهو الماء الذى يتطاير
عن المتوضئ ، ويجمع بعدما غسل به أعضاء الوُضُوء ” انتهى  من “شرح صحيح
البخارى” (1/ 289) .

ثانيا :
هل يستحب الشرب من فضل الوضوء ؟
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (43/ 378) :
” نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ
الْوُضُوءِ أَنْ يَشْرَبَ الْمُتَوَضِّئُ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنَ الْوُضُوءِ ، مِنَ
الْمَاءِ الَّذِي زَادَ فِي الإْنَاءِ ، لِمَا وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ .
قَال الْكَمَال : يَشْرَبُ الْمُتَوَضِّئُ فَضْل وُضُوئِهِ ، قَائِمًا
مُسْتَقْبِلاً ، قِيل : وَإِنْ شَاءَ قَاعِدًا .
وَقَال الْحَصَكْفِيُّ وَابْنُ عَابِدِينَ وَغَيْرُهُمَا : يَشْرَبُ الْمُتَوَضِّئُ
بَعْدَ الْوُضُوءِ مِنْ فَضْل وُضُوئِهِ ـ
التَّشْبِيهُ فِي الشُّرْبِ مُسْتَقْبِلاً قَائِمًا ، لاَ فِي كَوْنِهِ بَعْدَ
الْوُضُوءِ ـ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا .
وَيَقُول عَقِبَ الشُّرْبِ : اللَّهُمَّ اشْفِنِي بِشِفَائِكَ ، وَدَاوِنِي
بِدَوَائِكَ ، وَاعْصِمْنِي مِنَ الْوَهَل وَالأْمْرَاضِ وَالأْوْجَاعِ . قَال فِي
الْحِلْيَةِ : وَالْوَهَل هُنَا ـ بِالتَّحْرِيكِ ـ الضَّعْفُ وَالْفَزَعُ ، وَلَمْ
أَقِفْ عَلَى هَذَا الدُّعَاءِ مَأْثُورًا ، وَهُوَ حَسَنٌ ” انتهى .

لكن : ليس هناك ما يدل على
استحباب ذلك ، وخاصة هذا الدعاء ، فقد نص من ذكره من الفقهاء على أنه لم يره مأثورا
.

والراجح – والله أعلم – أن
الشرب من فضل الوضوء جائز ، ولا دليل على الاستحباب ، والظاهر أنه حصل من النبي صلى
الله عليه وسلم اتفاقا ، وإنما ذكر علي رضي الله عنه هذا الحديث لبيان جواز الشرب
قائما ، لا لبيان فضيلة الشرب من فضل الوضوء ؛ فقد تقدم حديث البخاري (5616) وفيه :
” … ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ نَاسًا
يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ “.
وأورده البخاري في ” بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا “
ورواه أحمد (943) عن عبد خير عن عليّ وفيه : … ” ثُمَّ شَرِبَ فَضْلَ وَضُوئِهِ
وَهُوَ قَائِمٌ ، ثُمَّ قَالَ: ” أَيْنَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا
يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ قَائِمًا ؟ “
وحسنه محققو المسند .

وحاصل ذلك كله أن يقال :
الشرب من فضل الوضوء – وهو الماء المتبقي في الإناء بعد الوضوء – جائز ، لا حرج فيه
، ولو قطر فيه الماء من الجسم ، من الأنف أو الفم أو أي عضو من الأعضاء ، بعد
الوضوء أو أثنائه لم يضره ذلك ، ولم يمنع من شربه ، متى قبلته نفسه ، ولم يستقذره
طبعه .
فإن عافه وكره شربه : فلا حرج عليه في ذلك أيضا ، وليس فيه ترك سنة ، ولا خلاف
فضيلة .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (106643)
، (135281) .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android