0 / 0

هل يمكن أن تكون المسلمة ملك يمين ؟

السؤال: 218082

هل يجوز أن تكون المسلمة ملك يمين ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
” الْأَصْلُ فِي الْآدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا ، وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْعَارِضُ ، فَلَهُ حُكْمُ الْأَصْلِ ” انتهى من ” المغني ” (6/ 112) .
ثانيا :
لا يجوز استرقاق الحر أو الحرة ولو رضيا ؛ لما في ذلك من إبطال حق الله تعالى .
روى البخاري في صحيحه (2114) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( قَالَ اللَّهُ : ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ ) .
وترجم عليه البخاري في صحيحه : ” باب إثم من باع حرا ” انتهى .

قال الشهاب الحموي رحمه الله :
” لا يجوز اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ بِرِضَاهُ ، لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ” انتهى من ” غمز عيون البصائر ” (2/ 406) .
وقال الكاساني رحمه الله في ” بدائع الصنائع ” (4/ 124) :
” .. فِي الْحُرِّيَّةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِإِسْقَاطِ الْعَبْدِ ” انتهى .
وانظر : ” المحيط البرهاني ” (9/ 215) ، ” درر الحكام ” (2/ 190) .

ثالثا :
” يَدْخُل الرَّقِيقُ فِي مِلْكِ الإْنْسَانِ بِوَاحِدٍ مِنَ الطُّرُقِ الآْتِيَةِ :
أَوَّلاً : اسْتِرْقَاقُ الأْسْرَى وَالسَّبْيِ مِنَ الأْعْدَاءِ الْكُفَّارِ .
وَلاَ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ اسْتِرْقَاقِ الْمُسْلِمِ ؛ لأِنَّ الإْسْلاَمَ يُنَافِي ابْتِدَاءَ الاِسْتِرْقَاقِ ؛ لأِنَّهُ يَقَعُ جَزَاءً لاِسْتِنْكَافِ الْكَافِرِ عَنْ عُبُودِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى .
ثَانِيًا : وَلَدُ الأْمَةِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا ، يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَبُوهُ حُرًّا أَمْ عَبْدًا ، وَهُوَ رَقِيقٌ لِمَالِكِ أُمِّهِ ، لأِنَّ وَلَدَهَا مِنْ نَمَائِهَا ، وَنَمَاؤُهَا لِمَالِكِهَا ، وَلِلإْجْمَاعِ .
ثَالِثًا : الشِّرَاءُ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ مِلْكًا صَحِيحًا مُعْتَرَفًا بِهِ شَرْعًا ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمِيرَاثُ وَغَيْرُهَا مِنْ صُوَرِ انْتِقَال الأْمْوَال مِنْ مَالِكٍ إِلَى آخَرَ ” .
“الموسوعة الفقهية” (23/ 12-13) .

فعلى ما تقدم :
لا يصح استرقاق المسلم ، إلا في حالين :
الأولى : أن يكون الرق قد جرى عليه في كفره ، ثم أسلم بعد ذلك ؛ فإنه لا يعتق على مالكه بمجرد إسلامه ، ويصح بيعه وشراؤه .
الثاني : أن تكون أمه رقيقا ، فيرث الرق عنها .
قال الشنقيطي رحمه الله :
” فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الرَّقِيقُ مُسْلِمًا ، فَمَا وَجْهُ مِلْكِهِ بِالرِّقِّ ؟ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الرِّقِّ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ وَمُحَارَبَةُ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ، قَدْ زَالَ ؟
فَالْجَوَابُ : أَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَكَافَّةِ الْعُقَلَاءِ : أَنَّ الْحَقَّ السَّابِقَ لَا يَرْفَعُهُ الْحَقُّ اللَّاحِقُ ، وَالْأَحَقِّيَّةُ بِالْأَسْبَقِيَّةِ ظَاهِرَةٌ لَا خَفَاءَ بِهَا ، فَالْمُسْلِمُونَ عِنْدَمَا غَنِمُوا الْكُفَّارَ بِالسَّبْيِ ثَبَتَ لَهُمْ حَقُّ الْمِلْكِيَّةِ بِتَشْرِيعِ خَالِقِ الْجَمِيعِ ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ هَذَا الْحَقُّ وَثَبَتَ ، ثُمَّ أَسْلَمَ الرَّقِيقُ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَانَ حَقُّهُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الرِّقِّ بِالْإِسْلَامِ مَسْبُوقًا بِحَقِّ الْمُجَاهِدِ الَّذِي سَبَقَتْ لَهُ الْمِلْكِيَّةُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ ، وَلَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ رَفْعُ الْحَقِّ السَّابِقِ ، بِالْحَقِّ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ ، نَعَمْ ، يَحْسُنُ بِالْمَالِكِ ، وَيَجْمُلُ بِهِ أَنْ يُعْتِقَهُ إِذَا أَسْلَمَ ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِذَلِكَ وَرَغَّبَ فِيهِ ، وَفَتَحَ لَهُ الْأَبْوَابَ الْكَثِيرَةَ ” انتهى من ” أضواء البيان ” (3/ 31) .

فأما إذا لم تكن المرأة قد استرقت في حرب الكفار ، أو كانت قبل ذلك رقيقا ، ثبت عليها ذلك ثبوتا شرعيا صحيحا ، فلا يحق استرقاقها ، ولا عقد ملك يمين عليها ، ولو رضيت هي بذلك ، أو رضي به أولياؤها .
وانظر إجابة السؤال رقم : (12562) ، والسؤال رقم : (26067) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android