يريد الزواج ووالده رافض
السؤال: 21831
مشكلتي مع والدي فنحن سبعة إخوة وأنا الخامس بينهم ، وقد طلبت من والدي أن يزوجني ، فأجاب أن أنتظر 4 سنوات ، وأنا في طريقي لإنهاء تدريبي إن شاء الله ( وسأنتهي من برنامج التدريب ) بعد عام من الآن ، والبلد الذي أسكنه مليء بالفتن ، والله المستعان ، وعليه : فأنا أريد أن أعرف ما إذا كان والدي ستلحقه ذنوب لأنه لم يتركني أتزوج ، وللمعلومية فكل إخوتي عزاب كذلك ، أنا لا أستطيع أن أتحدث معه مرة أخرى في هذا الخصوص لأني عندما أكلمه ، فإنه يغضب ثم لا أتمكن من التفوه بأي كلمة وأنا في ذلك الوضع ، وأنا لا أريد حقّاً أن أقع في أية معصية – والله – فأنا أريد أن أفعل كل شيء بالطريق الصحيح ، لكنه لا يسمح لي بفعل ذلك ، أرجوك .. أرجوك .. أرجوك .. أريد منك النصيحة ، فأنا – والله – أخاف أن أقع في الأمور المحرمة ، فأنا لا أستطيع منع نفسي أكثر من ذلك ، والله المستعان .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
لا حظنا في سؤالك أخي الفاضل أنك بارٌّ بأبيك ،
وهذا أمرٌ تشكر عليه ، ونحثك على الاستمرار فيه ، وقد أوجب الله ذلك عليك ، والنصوص
في ذلك أشهر من أن تذكر .
ثانياً :
ولا حظنا في سؤالك – أيضاً – مدى حرقتك على نفسك
أن لا تقع في الموبقات المهلكات ، وهذا يدل – إن شاء الله – على دينٍ متين عندك ،
فدِينك هو رأس مالك فإياك أن تفرط فيه فتخسر الدنيا والآخرة ، وابق على خوفك هذا من
أن تقع في الفاحشة فيحل عليك سخط الله ، وتذكر مراقبة ربك لك في الليل والنهار ،
واعلم أنه يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، ويكفيك أن تتصور
لو قبض الله روحك وأنت – حاشاك من ذلك – في حال مقارفتك للمعصية ، فكيف ستلقى الله
تعالى ؟
ثالثاً :
ونوصيك بتقوى الله ، فهي الحاجز المنيع بينك
وبين الفواحش ، ونوصيك بغض البصر عن كل ما حرَّم الله ، وليس لك إلا النظرة الأولى
التي تقع من غير قصدٍ ، ونوصيك بعدم الاستماع لما حرَّم الله مما قد يثير الشهوة
الكامنة ، وبالبعد عن أصحاب السوء ، وأصدقاء الفحش الذين لا يريدون لك إلا النار في
الآخرة ، والعار في الدنيا .
وهذه بعض أسباب الوقوع في الفاحشة ، فبمقدار
بعدك عنها يكون بُعدك عن الفاحشة .
وبعد ذلك نوصيك بالطاعات ، وخاصة الصيام فهو
العلاج الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في مثل أحوالك هذه .
عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال النبي
صلى الله عليه وسلم : ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع
فعليه بالصوم فإنه له وجاء ” . رواه البخاري ( 4778 ) ومسلم ( 1400 ) .
معنى الباءة : تكاليف الزواج .
ومعنى وِجاء : وقاية .
ونوصيك بقراءة القرآن والإكثار من الدعاء أن
يجنبك الله الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ونوصيك بالصحبة الصالحة التي تدلك على
الخير ، وتحثك عليه ، وكذا نوصيك بالتمارين الرياضية ، والنوم مبكِّراً .
وهذه بعض الأسباب التي يُرجى أن تكون سبباً
لابتعادك عن كل ما لا يُرضي ربك تعالى .
وإليك هذه الفائدة النفيسة :
قال ابن مفلح
– نقلاً عن ابن عقيل في ” الفنون ” – : وتسمع قوله قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
وأنت تُحَدِّقُ إلى المحظورات تحديقَ متوسل أو متأسف كيف لا سبيلَ لكَ إليها ،
وتسمع قوله تعالى وجوه يومئذِ ناضرة تهشُّ لها كأنها فيكَ نزلت ، وتسمع بعدها
ووجوه يومئذِ باسرة فتطمئن أنها لغيرك ! ومِن أين ثبت هذا الأمر ؟ ومِن أين جاءَ
الطمعُ ؟ اللهَ اللهَ ، هذه خدعةٌ تحول بينك وبين التقوى . أ.هـ .
” الآداب الشرعية ” ( 1 / 151
، 152 ) .
رابعاً :
وأما فعل والدك من منعك من الزواج وتأخيره عليك
: فهو خطأ منه ، وينبغي عليه أن يتقي الله في أبنائه ، وأن يسارع في تزويجهم ، وأن
يعلم أن حاجة بعض أبنائه وبناته للزواج قد تكون أكثر وأعظم من حاجتهم للطعام
والشراب .
وهذه فتوى الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في
مثل حال والدك :
قال – رحمه الله – :
” الواجب على أبيك ما دام الله قد أغناه أن ينفق
عليك طعاماً وشراباً وكسوة وسكنى ، ويجب عليه أيضاً أن يزوجك إذا كنت محتاجاً إلى
الزواج ، كما قال ذلك أهل العلم ، …….
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أمر مهم ، وهو
أن بعض الآباء وهم أغنياء يطلب منهم أبناؤهم الزواج فيرفضون ، قائلين للولد : اسع
في الكسب للصرف على نفسك وتزوج فأنت رجل ، وما أشبه ذلك ، وقد نص أهل العلم أن من
وجبت عليه نفقة شخص وجب عليه إعفافه وتزويجه ، فليتق الله هؤلاء الآباء ، وليقوموا
بما أوجب الله عليهم من إعفاف أبنائهم والله الموفق ” .
من كتاب ” فتاوى منار الإسلام ” ج/ 3 ص/619
وأخيراً : نسأل الله لنا ولك الثبات والعفة
والمعونة إنه سبحانه نعم المولى ونعم النصير .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟