قبل خمسة عشر عاما أبرمت اتفاقية بيني وبين أولادي الذكور في كل ما نملك من محلات تجارية ، ونقد ، وسيارات ، وبيوت سكن ، وعقار ، ومواشي ، وغيرها أن يقسم على ثمانية أسهم لي سهمان ، ولكل واحد من الأولاد الذكور سهم ، وبعد مرور عشر سنوات من تاريخ الإتفاقية صرح لي الأولاد بأن هذه الاتفاقة مخالفة للواقع الذي نعيشه ، ومجحفة في حقهم ، ويطالبون بإلغائها ، أوتعديلها باتفاقية تثبت حقوقهم وأتعاب أولادهم في الحاضر والمستقبل ؛ للأسباب التالية :
أولا : من تاريخ الإتفاقية وأنا متقاعد عن العمل ، ويحسب لي بموجب الإتفاقية ربع دخلهم ودخل أولادهم .
ثانيا : من تاريخ الإتفاقية ينضم الأحفاد للعمل بلغ عددهم الآن ستة ، وأصبح عدد الأولاد وأبنائهم الذي يعملون في المحلات اثناعشر ياخذون ثلاثة أرباع الدخل ، وأنا متقاعد آخذ ربع دخل الإثناعشر.
واقترح علي الأولاد حلا ؛ بأن تحصر الممتلكات ، وتثمن بسعر الزمان والمكان ، وتقسم إلي ثلاث مراحل ، وهي كالتالي :
المرحلة الأولى : ما كان تحت يدي من قبل بلوغ الأولاد ودخولهم في مجال العمل يعتير حقي ومن دخلي وليس لهم أي حق فيه .
المرحلة الثانية : ما تم تحصيله ونحن نعمل مع بعض قبل تقاعدي عن العمل نعتبر شركاء أنا وأولادي فيه ، يقسم ثمانية أسهم لي سهمان ، ولكل واحد من الأولاد الذكور سهم بموجب الإتفاقية السابقة .
المرحلة الثالثة : ماكسبوه بعد تقاعدي عن العمل يعتبر حقهم بمجهودهم ومجهود أولادهم وليس لي حق فيه ، هذا ما اقترحه الأولاد .
والذي وأرجو أن تفتونني فيه هو؟
هل تغير الإتفاقيه بعد خمسة عشر عاما من تاريخها تكون ظلم في حق ورث البنات ، علما بأن البنات متزوجات ، وثلاث منهن أولادهن بالغين ، أو هل استمرار الإتفاقية يظلم الأبناء وأولادهم في حقوقهم وأتعابهم ؟
علما بأن أولاد الأبناء يزداد عددهم كل عام .
قسم أمواله على أولاده الذكور دون الإناث
السؤال: 218418
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يجوز للوالد أن يخص أبناءه الذكور بالميراث أو الهدايا ، والواجب عليه أن يعدل بين جميع أولاده : الذكور والإناث .
فإذا قسم عليهم أملاكه فإنه يقسم على الجميع بالعدل الذي شرعه الله ، وهو أن يعطي الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى .
ولما خص بعض الصحابة أحد أبنائه بعطية وجاء ليشهد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها ، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ ) ، فَقَالَ : لَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَارْجِعْه ) رواه البخاري ( 2586) ، ومسلم (1623).
وفي رواية للبخاري (2587) : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ ) قَالَ : فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ ” .
ولمسلم (1623) : ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا بَشِيرُ ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟ ) ، قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : ( أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ ) ، قَالَ : لَا ، قَالَ : ( فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ).
وهذا الفعل ، ( أي : تخصيص الذكور بالميراث ) هو من عمل أهل الجاهلية ، الذي كانوا لا يورثون الإناث ، ويخصون الميراث بالرجال فقط ، فجاء الإسلام بهدم هذه التصرفات الجاهلية وقال الله تعالى : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) النساء/7.
وإذا قسم الوالد أمواله على أولاده الذكور فقط فالواجب عليه أن يرجع في تلك العطية وأن يسترد الأموال مرة أخرى ويعيد تقسيمها بالعدل إن أراد تقسيمها .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل له بنتان ومطلقة حامل ، فكتب للبنتين ألفي دينار وبعض أملاكه ، ثم بعد ذلك توفي الرجل وولدت له مطلقته ذكرا ، فهل يفسخ ما كتب للبنات أم لا ؟
فأجاب :
“هذه المسألة فيها نزاع بين أهل العلم إن كان قد ملك البنات تمليكا تاما مقبوضا ، فأما أن يكون كتب لهن في ذمته ألفي دينار من غير إقباض أو أعطاهن شيئا ولم يقبضه لهن فهذا العقد مفسوخ ، ويقسم الجميع بين الذكر والأنثيين .
وأما مع حصول القبض ففيه نزاع ، وقد روي أن سعد بن عبادة قسم ماله بين أولاده فلما مات ولد له حمل ، فأمر أبو بكر وعمر أن يعطى الحمل نصيبه من الميراث . فلهذا ينبغي أن يفعل بهذا كذلك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )
وقال : ( إني لا أشهد على جور ) لمن أراد تخصيص بعض أولاده بالعطية .
وعلى البنات أن يتقين الله ويعطين الابن حقه …
وأما إذا أوصي لهن بعد موته فهي غير لازمة باتفاق العلماء ، والصحيح من قولي العلماء أن هذا والذي خص بناته بالعطية دون حمله يجب عليه أن يرد ذلك في حياته ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا ، طاعة لله ولرسوله ، واتباعا للعدل الذي أمر به ، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل ، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به . والله سبحانه وتعالى أعلم ” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (4/184) .
وعلى هذا ، فتسترد الأموال التي وزعتها منذ خمسة عشر عاما .
ثانيا :
أما ما حدث بعد ذلك من الأموال فإنها تكون شركة بينك وبين أولادك ، لأنها حصلت من شغلهم وتعبهم ومن أموالك أنت أيضا وقد كنت تعمل معهم مدة .
فينبغي أن يتم اعتبارك شريكا معهم في هذه الزيادة التي زادت في الأموال ، وتحسب نسبة الشركة بالعدل ، فيُسأل في تحديد تلك النسبة أهل الخبرة وهم التجار الثقات الذي يعملون في السوق والتجارة ولهم خبرة بذلك . فيحددون النسبة التي تستحقها أنت فتأخذها ، ويكون باقي الأرباح لأولادك .
هذا هو الواجب عليك فعله ، أما استمرار العمل بهذه الاتفاقية مع ما فيها من ظلم للنبات فإن ذلك حرام لا يجوز .
وفقك الله للخير .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب