0 / 0

قسم أمواله على أولاده الذكور دون الإناث

السؤال: 218418

قبل خمسة عشر عاما أبرمت اتفاقية بيني وبين أولادي الذكور في كل ما نملك من محلات تجارية ، ونقد ، وسيارات ، وبيوت سكن ، وعقار ، ومواشي ، وغيرها أن يقسم على ثمانية أسهم لي سهمان ، ولكل واحد من الأولاد الذكور سهم ، وبعد مرور عشر سنوات من تاريخ الإتفاقية صرح لي الأولاد بأن هذه الاتفاقة مخالفة للواقع الذي نعيشه ، ومجحفة في حقهم ، ويطالبون بإلغائها ، أوتعديلها باتفاقية تثبت حقوقهم وأتعاب أولادهم في الحاضر والمستقبل ؛ للأسباب التالية :
أولا : من تاريخ الإتفاقية وأنا متقاعد عن العمل ، ويحسب لي بموجب الإتفاقية ربع دخلهم ودخل أولادهم .
ثانيا : من تاريخ الإتفاقية ينضم الأحفاد للعمل بلغ عددهم الآن ستة ، وأصبح عدد الأولاد وأبنائهم الذي يعملون في المحلات اثناعشر ياخذون ثلاثة أرباع الدخل ، وأنا متقاعد آخذ ربع دخل الإثناعشر.
واقترح علي الأولاد حلا ؛ بأن تحصر الممتلكات ، وتثمن بسعر الزمان والمكان ، وتقسم إلي ثلاث مراحل ، وهي كالتالي :
المرحلة الأولى : ما كان تحت يدي من قبل بلوغ الأولاد ودخولهم في مجال العمل يعتير حقي ومن دخلي وليس لهم أي حق فيه .
المرحلة الثانية : ما تم تحصيله ونحن نعمل مع بعض قبل تقاعدي عن العمل نعتبر شركاء أنا وأولادي فيه ، يقسم ثمانية أسهم لي سهمان ، ولكل واحد من الأولاد الذكور سهم بموجب الإتفاقية السابقة .
المرحلة الثالثة : ماكسبوه بعد تقاعدي عن العمل يعتبر حقهم بمجهودهم ومجهود أولادهم وليس لي حق فيه ، هذا ما اقترحه الأولاد .
والذي وأرجو أن تفتونني فيه هو؟
هل تغير الإتفاقيه بعد خمسة عشر عاما من تاريخها تكون ظلم في حق ورث البنات ، علما بأن البنات متزوجات ، وثلاث منهن أولادهن بالغين ، أو هل استمرار الإتفاقية يظلم الأبناء وأولادهم في حقوقهم وأتعابهم ؟
علما بأن أولاد الأبناء يزداد عددهم كل عام .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا يجوز للوالد أن يخص أبناءه الذكور بالميراث أو الهدايا ، والواجب عليه أن يعدل بين جميع أولاده : الذكور والإناث .
فإذا قسم عليهم أملاكه فإنه يقسم على الجميع بالعدل الذي شرعه الله ، وهو أن يعطي الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى .
ولما خص بعض الصحابة أحد أبنائه بعطية وجاء ليشهد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها ، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ ) ، فَقَالَ : لَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَارْجِعْه ) رواه البخاري ( 2586) ، ومسلم (1623).
وفي رواية للبخاري (2587) : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ ) قَالَ : فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ ” .
ولمسلم (1623) : ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا بَشِيرُ ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟ ) ، قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : ( أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ ) ، قَالَ : لَا ، قَالَ : ( فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ).
وهذا الفعل ، ( أي : تخصيص الذكور بالميراث ) هو من عمل أهل الجاهلية ، الذي كانوا لا يورثون الإناث ، ويخصون الميراث بالرجال فقط ، فجاء الإسلام بهدم هذه التصرفات الجاهلية وقال الله تعالى : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) النساء/7.
وإذا قسم الوالد أمواله على أولاده الذكور فقط فالواجب عليه أن يرجع في تلك العطية وأن يسترد الأموال مرة أخرى ويعيد تقسيمها بالعدل إن أراد تقسيمها .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل له بنتان ومطلقة حامل ، فكتب للبنتين ألفي دينار وبعض أملاكه ، ثم بعد ذلك توفي الرجل وولدت له مطلقته ذكرا ، فهل يفسخ ما كتب للبنات أم لا ؟
فأجاب :
“هذه المسألة فيها نزاع بين أهل العلم إن كان قد ملك البنات تمليكا تاما مقبوضا ، فأما أن يكون كتب لهن في ذمته ألفي دينار من غير إقباض أو أعطاهن شيئا ولم يقبضه لهن فهذا العقد مفسوخ ، ويقسم الجميع بين الذكر والأنثيين .
وأما مع حصول القبض ففيه نزاع ، وقد روي أن سعد بن عبادة قسم ماله بين أولاده فلما مات ولد له حمل ، فأمر أبو بكر وعمر أن يعطى الحمل نصيبه من الميراث . فلهذا ينبغي أن يفعل بهذا كذلك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )
وقال : ( إني لا أشهد على جور ) لمن أراد تخصيص بعض أولاده بالعطية .
وعلى البنات أن يتقين الله ويعطين الابن حقه …
وأما إذا أوصي لهن بعد موته فهي غير لازمة باتفاق العلماء ، والصحيح من قولي العلماء أن هذا والذي خص بناته بالعطية دون حمله يجب عليه أن يرد ذلك في حياته ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا ، طاعة لله ولرسوله ، واتباعا للعدل الذي أمر به ، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل ، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به . والله سبحانه وتعالى أعلم ” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (4/184) .

وعلى هذا ، فتسترد الأموال التي وزعتها منذ خمسة عشر عاما .
ثانيا :
أما ما حدث بعد ذلك من الأموال فإنها تكون شركة بينك وبين أولادك ، لأنها حصلت من شغلهم وتعبهم ومن أموالك أنت أيضا وقد كنت تعمل معهم مدة .
فينبغي أن يتم اعتبارك شريكا معهم في هذه الزيادة التي زادت في الأموال ، وتحسب نسبة الشركة بالعدل ، فيُسأل في تحديد تلك النسبة أهل الخبرة وهم التجار الثقات الذي يعملون في السوق والتجارة ولهم خبرة بذلك . فيحددون النسبة التي تستحقها أنت فتأخذها ، ويكون باقي الأرباح لأولادك .
هذا هو الواجب عليك فعله ، أما استمرار العمل بهذه الاتفاقية مع ما فيها من ظلم للنبات فإن ذلك حرام لا يجوز .
وفقك الله للخير .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android