0 / 0
5,89203/08/2014

أخذ قطعة أرض عوضا عن القرض ، فما الحكم ؟

السؤال: 218550

أقرضت شخصا مبلغا من المال منذ عام و نصف على أن يرده لي بعد ٣ أشهر بعد أن يبيع قطعة أرضية له ، واليوم هذا الشخص يماطل في بيع أرضه بدعوى انتظار عرض ثمن مناسب وهو شبه مستحيل حاليا بسبب الأزمة الاقتصادية ، فهل يجوز لي أخذ جزء من أرضه تعويضا للقرض أم يعتبر ذلك من الربا مع العلم أن أخذ الأرض سيترتب عنه مصاريف تسجيل اضطر إلى تحملها ؟
وهل إذا كان ذلك جائزا يتم تقويم ثمن الأرض اليوم أو قبل عام ونصف حيث كان الثمن أهم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يجب على المدين أن يوفّي دينَه عند القدرة على الوفاء إذا حلَّ أجله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2287) ، ومسلم (1564) أي : مماطلة الغني وتأخيره أداء الحقوق التي عليه بدون عذر : ظلم .

ثانيا :
الأصل أنه لا يلزم المقترض أن يرد إلا مثل ما أخذ .
قال ابن عابدين رحمه الله : ” الديون تقضى بأمثالها ” انتهى من ” حاشية ابن عابدين ” (3/848) .

ولكن لا حرج على الدائن والمدين أن يتفقا عند الوفاء على بدلٍ عن القرض .

وعليه ، فإذا تراضيتما على أن تستوفي قرضك بما يعادل قيمة القرض من الأرض ، فلا حرج عليكما في ذلك .
ويدل لذلك ما جاء في الحديث الذي رواه أحمد (6239) ، وأبو داود (3354) ، والنسائي (4582) ، والترمذي (1242) ، وابن ماجه (2262) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [ أي : مؤجلا ] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال ( لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ) ، وقد صححه بعض العلماء مرفوعا كالنووي ، وأحمد شاكر ، وصححه آخرون من قول ابن عمر ، منهم الحافظ ابن حجر والألباني . وانظر : ” إرواء الغليل ” (5/173) .

ولكن يشترط لجواز ذلك ألا تأخذ من الأرض أكثر من قيمة دَينِك عليه ، فتقوم الأرض بسعرها يوم أخذك لها ، وليس بسعرها يوم القرض ، وتأخذ منها بمقدار حقك فقط ، بلا زيادة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” الثَّمَنَ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ … وذكر حديث ابن عمر المتقدم … ثم قال : وَهَكَذَا قَدْ نَصَّ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ إنَّمَا يَعْتَاضُ عَنْهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ ؛ لِئَلَّا يَكُونَ رِبْحًا فِيمَا لَا يُضْمَنُ ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا أَجَابَ فِي السَّلَمِ أَنْ قَالَ : إذَا أَسْلَمْت فِي شَيْءٍ فَجَاءَ الْأَجَلُ وَلَمْ تَجِدْ الَّذِي أَسْلَمْت فِيهِ فَخُذْ عِوَضًا بِأَنْقَصَ مِنْهُ وَلَا تَرْبَحْ مَرَّتَيْنِ . وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ مَالِكٍ يُجَوِّزُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (29/510) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” إذا كان لي في ذمته عشرة آلاف ريال ، وقال : أعطيك عنها هذه السيارة ، والسيارة تساوي عشرة آلاف ريال ، فقد وجد الشرط ، وهو قوله في الحديث : ( بسعر يومها ) ، ولكن إذا انصرفتُ ولم أستلم السيارة فإنه يجوز ؛ لأن اشتراط عدم الافتراق وبينهما شيء الوارد في الحديث هو لأنه سيأخذ عن الدنانير دراهم ، أو عن الدراهم دنانير ، وبيع الذهب بالفضة يشترط فيه : التقابض في مجلس العقد ، وأما بيع السيارة بالدراهم فلا يشترط فيه ذلك ” انتهى من ” فتح ذي الجلال والإكرام ” (9/192) .

ثالثا :
أما مصاريف التسجيل فيتحملها مَن جرت العادة والعرف عندكم أنه يتحملها من البائع أو المشتري ، ولا يجوز تحميلها على المقترض إذا كان العرف عندكم قد جرى أنها على المشتري ؛ لأنها تكون والحالة هذه زيادة للمقرِض وربحا له في مقابل اعتياضه عن النقود بالأرض ، وذلك ممنوع شرعا كما سبق .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android