أخذ قطعة أرض عوضا عن القرض ، فما الحكم ؟
السؤال: 218550
أقرضت شخصا مبلغا من المال منذ عام و نصف على أن يرده لي بعد ٣ أشهر بعد أن يبيع قطعة أرضية له ، واليوم هذا الشخص يماطل في بيع أرضه بدعوى انتظار عرض ثمن مناسب وهو شبه مستحيل حاليا بسبب الأزمة الاقتصادية ، فهل يجوز لي أخذ جزء من أرضه تعويضا للقرض أم يعتبر ذلك من الربا مع العلم أن أخذ الأرض سيترتب عنه مصاريف تسجيل اضطر إلى تحملها ؟
وهل إذا كان ذلك جائزا يتم تقويم ثمن الأرض اليوم أو قبل عام ونصف حيث كان الثمن أهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يجب على المدين أن يوفّي دينَه عند القدرة على الوفاء إذا حلَّ أجله ؛ لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2287) ، ومسلم
(1564) أي : مماطلة الغني وتأخيره أداء الحقوق التي عليه بدون عذر : ظلم .
ثانيا :
الأصل أنه لا يلزم المقترض أن يرد إلا مثل ما أخذ .
قال ابن عابدين رحمه الله : ” الديون تقضى بأمثالها ” انتهى من ” حاشية ابن عابدين
” (3/848) .
ولكن لا حرج على الدائن
والمدين أن يتفقا عند الوفاء على بدلٍ عن القرض .
وعليه ، فإذا تراضيتما على
أن تستوفي قرضك بما يعادل قيمة القرض من الأرض ، فلا حرج عليكما في ذلك .
ويدل لذلك ما جاء في الحديث الذي رواه أحمد (6239) ، وأبو داود (3354) ، والنسائي
(4582) ، والترمذي (1242) ، وابن ماجه (2262) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [ أي : مؤجلا ] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ ،
وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ ، فسألت رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن ذلك ، فقال ( لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ
تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ) ، وقد صححه بعض العلماء مرفوعا كالنووي ، وأحمد
شاكر ، وصححه آخرون من قول ابن عمر ، منهم الحافظ ابن حجر والألباني . وانظر : ”
إرواء الغليل ” (5/173) .
ولكن يشترط لجواز ذلك ألا
تأخذ من الأرض أكثر من قيمة دَينِك عليه ، فتقوم الأرض بسعرها يوم أخذك لها ، وليس
بسعرها يوم القرض ، وتأخذ منها بمقدار حقك فقط ، بلا زيادة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
” الثَّمَنَ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالسُّنَّةِ
الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ … وذكر حديث ابن
عمر المتقدم … ثم قال : وَهَكَذَا قَدْ نَصَّ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ فِي بَدَلِ
الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ إنَّمَا يَعْتَاضُ عَنْهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ
؛ لِئَلَّا يَكُونَ رِبْحًا فِيمَا لَا يُضْمَنُ ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ
أَحْمَد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا أَجَابَ فِي السَّلَمِ أَنْ قَالَ : إذَا
أَسْلَمْت فِي شَيْءٍ فَجَاءَ الْأَجَلُ وَلَمْ تَجِدْ الَّذِي أَسْلَمْت فِيهِ
فَخُذْ عِوَضًا بِأَنْقَصَ مِنْهُ وَلَا تَرْبَحْ مَرَّتَيْنِ . وَكَذَلِكَ
مَذْهَبُ مَالِكٍ يُجَوِّزُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ ” انتهى من ”
مجموع الفتاوى ” (29/510) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
” إذا كان لي في ذمته عشرة آلاف ريال ، وقال : أعطيك عنها هذه السيارة ، والسيارة
تساوي عشرة آلاف ريال ، فقد وجد الشرط ، وهو قوله في الحديث : ( بسعر يومها ) ،
ولكن إذا انصرفتُ ولم أستلم السيارة فإنه يجوز ؛ لأن اشتراط عدم الافتراق وبينهما
شيء الوارد في الحديث هو لأنه سيأخذ عن الدنانير دراهم ، أو عن الدراهم دنانير ،
وبيع الذهب بالفضة يشترط فيه : التقابض في مجلس العقد ، وأما بيع السيارة بالدراهم
فلا يشترط فيه ذلك ” انتهى من ” فتح ذي الجلال والإكرام ” (9/192) .
ثالثا :
أما مصاريف التسجيل فيتحملها مَن جرت العادة والعرف عندكم أنه يتحملها من البائع أو
المشتري ، ولا يجوز تحميلها على المقترض إذا كان العرف عندكم قد جرى أنها على
المشتري ؛ لأنها تكون والحالة هذه زيادة للمقرِض وربحا له في مقابل اعتياضه عن
النقود بالأرض ، وذلك ممنوع شرعا كما سبق .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟