تنزيل
0 / 0

صمم برنامجا لاختراق أجهزة الكمبيوتر , ويريد طرحه في أحد المواقع العربية

السؤال: 218644

أنا الآن أصمم برنامجا لاختراق أجهزة الكمبيوتر؛ في البداية : كنت أظن أن الاختراق حلال على غير المسلمين ، لكن اكتشفت أنه لا يجوز على من لا يستحق الاختراق ، بعدما علمت : فأنا أنوي طرح برنامجي في أحد مواقع الانترنت العربية ، فهل يجوز لي هذا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

جاءت شريعة الإسلام السمحة بالحفاظ على أموال الناس ودمائهم وأعراضهم وسائر
خصوصياتهم , ويستوي في ذلك المسلمون والكفار , إلا من كان من الكفار محاربا
للمسلمين فهذا لا حرمة له , واختراق أجهزة الكمبيوتر الأصل فيه المنع والحظر ؛ وذلك
لما يلي :
أولاً : أنه نوع من الاعتداء على خصوصيات الغير وممتلكاته , وهذا محرم بقوله تعالى
( وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) البقرة : 190 ، وقد
أخرج أبو داود (1485) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : ( مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ، فَإِنَّمَا
يَنْظُرُ فِي النَّارِ ) ، والحديث وإن كان فيه ضعف ، ولكنه يعتبر به في مثل هذا
المقام ؛ لأنه موافق لمقاصد الشريعة في الحفاظ على ممتلكات الغير وخصوصياته .

ولكن إن كان جهاز الكمبيوتر
يحتوي على ريبة وفساد وإضرار بالمسلمين : فيجوز اختراقه وإظهار ما فيه ؛ حفاظا على
مصالح المسلمين ، وإفسادا لمخططات الكافرين والمفسدين , ويمكن أن يستدل على ذلك
باطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على كتاب حاطب ابن أبي بلتعة لمشركي قريش , وذلك
ما أخرجه البخاري (3007) عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ ، وَالمِقْدَادَ بْنَ
الأَسْوَدِ ، قَالَ : ( انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ ، فَإِنَّ
بِهَا ظَعِينَةً ، وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا ) ، فَانْطَلَقْنَا
تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ ، فَإِذَا نَحْنُ
بِالظَّعِينَةِ ، فَقُلْنَا أَخْرِجِي الكِتَابَ ، فَقَالَتْ : مَا مَعِي مِنْ
كِتَابٍ ، فَقُلْنَا : لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ ،
فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا ، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى
أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا حَاطِبُ مَا هَذَا ؟ ) ، قَالَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ ،
وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ
قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، فَأَحْبَبْتُ
إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا
يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي ، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا ، وَلاَ
رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ صَدَقَكُمْ ) ، قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ ، قَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ
بَدْرًا ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى
أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ) .
جاء في شرح السنة للبغوي (11/74) ” قَالَ الإِمامُ : فِي الْحدِيث دليلٌ على أنّهُ
يجوز النظرُ فِي كتاب الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه ، وَإِن كَانَ سرا , إِذا كَانَ
فِيهِ ريبةٌ وضررٌ يلْحق الْغَيْر ، أما مَا رُوِي عنِ ابْنِ عبّاسٍ ، أنّ رسُول
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( منْ نظر فِي كِتابِ أخيهِ بِغيْرِ
إِذْنِهِ فإِنّما ينْظُرُ فِي النّارِ ) ، فهُو فِي الْكتاب الّذِي فِيهِ أَمَانَة
، أوْ سر بيْن الْكَاتِب والمكتوب إِليْهِ لَا رِيبَة فِيهِ ، وَلَا ضَرَر بأحدٍ من
أهل الإِسْلام ، فَأَما كتبُ الْعلم , فقدْ قِيل : يجوز النظرُ فِيهِ بِغَيْر إِذن
صَاحبه ؛ لِأَن الْعلم لَا يحلُّ مَنعه ، وَلَا يجوز كتمانُه ، وقِيل : لَا يجوز
لظَاهِر الْحدِيث ، وَلِأَن صَاحب الشَّيْء أولى بِمَنْفَعَة مِلكه ، وَإِنَّمَا
يَأْثَم بكتمان الْعلم الّذِي سُئل عَنهُ ، فَأَما منع الْكتاب عنْ غَيره ، فَلَا
إِثْم فِيهِ ” انتهى .
ثانيا : أن هذا الفعل نوع من التجسس والتحسس وتتبع العورات , وهذا منهي عنه بقوله
تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا ) الحجرات : 12 ، وعن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ
فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ ، فَقَالَ 🙂 يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ
وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ ، لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ
تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ
عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ
اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ) قَالَ : وَنَظَرَ
ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى البَيْتِ أَوْ إِلَى الكَعْبَةِ فَقَالَ : ( مَا
أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللهِ
مِنْك ) رواه الترمذي (2032) وقال حسن غريب ، وصححه الألباني في ” صحيح الترغيب
والترهيب ” .

من هذا البيان يظهر ما يلي :
لا يجوز لك أن تدفع هذا البرنامج لمن تعلم أو يغلب على ظنك أنه سيستخدمه في الشر
والتجسس على الناس , وتتبع عوراتهم , وكشف خصوصياتهم ؛ لأنك حينئذ تكون معينا له
على الإثم والعدوان ، وهذا لا يجوز , وقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز بيع الشيء
لمن يعلم أنه سيستخدمه في المحرم ؛ كبيع السلاح لأهل الحرب ، أو لمن سيقطع به
الطريق ويخيف به الناس , وبيع العنب لمن سيعصره خمرا , وبيع أرض لمن يتخذها كنيسة
أو معبدا يُكفر فيه بالله سبحانه , ونحو ذلك .
طرح هذا البرنامج في موقع بحيث يصير متاحا لكل الناس : لا يجوز ؛ لأن هذا البرنامج
يستخدم في اختراق أجهزة الغير والاطلاع على ما فيها , وهذا عمل محرم في أصله , فلا
يجوز نشره بين الناس , خصوصا وأن أكثر الناس لا يتقي الله سبحانه , ولا يحفظ حدوده
, ولا ينضبط بضوابط الشرع الحنيف , فعلمهم بمثل هذه البرامج مفسدة كبيرة .
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم : (39744)
أن الشيء إذا غلب استخدامه في الحرام ، فإنه يحرم بيعه وشراؤه وبذله ، ولو كان في
أصله مباحا كالدش وما يتعلق به .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android