تنزيل
0 / 0

أبواها مصران على الخروج للعمل وهي لا تريد ، ولديها أسئلة متعلقة بدعوة أهلها .

السؤال: 218870

مترددة في الخروج والذهاب إلى العمل كمدرسة في إحدى المدارس ؛ لأني أرى جلوسي في المنزل مفيد لي ولأسرتي أكثر ، فمنذ أن أنهيت دراستي الجامعية وعباداتي بدأت تتحسن ، وكذلك صرت متفرغة أكثر لنصيحة أهلي ، والداي مصران على البحث عن وظيفة براتب جيد ، وأنا أحب الزهد بشكل عام ، ولكن نظرة الأقارب وكلامهم عني بأنني أفكر بطريقة خاطئة يضايقني قليلا ، ومنزعجة من طريقة اهتمام الجميع بأمر دنياي وانشغالهم عن آخرتهم ، فبعضهم لا يصلي ، كما أن لدي أخ ينام عن صلواته ، ويزجرني والداي إذا تحدثت معه أنا أو أختي بشدة حول صلاته ، وهم كذلك غير مهتمين كثيرا بشأن ذهاب إخوتي بشكل عام إلى صلاتهم في المسجد أو تأخيرهم لصلواتهم أو فواتها حتى عنهم ، بينما يهتمون بأمور أخرى كدراستهم ، ويعاقبونهم على تلك الأمور ، ثم يقولون لي الهداية بيد الله مما يجعلني اغتاظ جدا. وأخيرا أختي الصغرى كانت تغطي وجهها حتى قبل أن تبلغ وبعد أن بلغت أمرتها بأن تلبس الحجاب الشرعي الكامل ولكنها رفضت ، وقال لها والداي شيئا لا أعلمه ، وصارت الآن لا تغطي وجهها ، وتلبس عباءة متبرجة جدا، نصحتها كثيرا .
فهل يحق لي أن أخرب لها بعض عباءتها دون علمها وأصبر على ما ألقاه من الأذى بعدها أم أنه لا يجوز لي فعل ذلك ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
اعلمي أن طريق الالتزام ليس سهلا ، وهو طريق الأنبياء والمرسلين ، والمسلم لابد أن
يلاقي ويواجه صعوبات في طريق التزامه ، فعليك أن تتحلي بالصبر ، فعن أنس رضي الله
عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حُفَّت الجنة بالمكاره ، وحُفَّت
النار بالشهوات) رواه مسلم ( 2823 ) ، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد لقوا من
أقوامهم بل من أقرب الناس إليهم الأذى والمضايقة فكان جزاء صبرهم أن جعل الله
العاقبة لهم ، وأسأل الله أن تكون عاقبتك حميدة .
واعلمي أيضا أن ما تقومين به من نصح أهلك أمر محمود ومشكور عند الله ، فحذار أن
تيأسي ، وليكن ذلك باللين والموعظة الحسنة ، مع إظهار الأخلاق الحميدة وطيّب
الأفعال والأقوال ومد يد العون والإحسان إليهم ؛ فإن هذا له تأثير كبير ، وهو من
أنجح الوسائل للدعوة إلى الله ، ولا بأس بالاستعانة بمن تريه مناسباً بالتأثير
عليهم لعل الله أن يهديهم ويصلح حالهم .

ثانيا:
الأصل للمرأة قرارها في بيتها ، وألا تخرج منه إلا لحاجة ، قال تعالى : (وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الأحزاب
/ 33 .
وليس لوالديك إجبارك على العمل ، لكن الذي ينبغي لك أن تتلطفي في الرد عليهما ،
وتتوددي إليهما ، لعل الله أن يهديهما .
وإن رأيتِ إرضاءهما في الحصول على عمل يناسب طبيعتك ، ولا يخل بشيء من التزامك
بدينك ؛ فهو أفضل برا بهما وإحسانا إليهما ، قال الشيخ محمد الصالح العثيمين : ”
المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء
كان ذلك عملا إداريّاً أو فنيّاً , وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما
أشبه ذلك..” .
انتهى من ” فتاوى المرأة المسلمة ” ( 2 / 981).
ولعل ذلك يعزز وضعك بين أهلك ، وتكوني سندا لوالديك في تحسين وضعهم المادي ، وتغدقي
على إخوتك بالهدايا ، ويصبح تأثيرك أكبر عليهم ؛ فيقبلون منك النصح والتوجيه .

لكن ذلك مشروط بأمرين :
الأمر الأول : ألا يكون في عملك هذا مخالفة شرعية ، كأن يعرضك للاختلاط بالرجال ،
أو الخلوة ببعضهم ؛ فإن كانت طبيعة العمل في بلدك تقتضي ذلك : فليس لك أن تقدمي
عليه ، إرضاء لوالديك ؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
الثاني : ألا يؤثر ذلك على دينك ، وينقص طاعتك ، ويضعف إيمانك ، وإن كان في أصله
عملا مباحا .
ويكفي أن تعرفي ذلك بتجربتك السابقة ، وقياس حالك بين الأمرين : التفرغ للطاعة ،
والعمل ، في حين أنه ليس هناك سبب يضطرك إليه .

ثالثا:
عليك بنصح إخوتك بالتي هي أحسن ، خاصة تارك الصلاة منهم ولا شك أن الرفق واللين في
النصيحة له أثر كبير على النفوس ، وهو أدعى للقبول ، قال – صلى الله عليه وسلم – :
(يا عائشة ، ارفقي فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه ، ولا نزع من شيء قط ، إلا
شانه ) رواه أبو داود (2478) ، وهذا هو الواجب عليك : النصيحة باللسان ، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، قدر طاقتك .

وأما ما ذكرت من إتلاف عباءة
أختك : فلا يجوز فعله ؛ لأنه ـ أولا ـ لن يترتب عليه شيء من تغيير المنكر ، بل متى
تلفت على تلك الحال ، فسوف يأتون لأختك ببدلها ، وربما يزيد عنادهم ، فيلبسوها ما
هو شر منها ؛ وهذا كله فضلا عما يترتب على ذلك من أذاهم لك ، وإساءتهم إليك ،
وتضييقهم عليك ؛ فليس من الحكمة في شيء أن تتصرفي على هذا النحو .

وأخيرا
أختي الكريمة أكثري من الدعاء للوالدين ولأخوتك بالهداية والصلاح ، واعلمي أن
الهداية من الله ، وأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ،
فكرري النصح ولا تستعجلي النتائج .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android