0 / 0
18,10030/09/2014

هل يأثم إذا استفاد من المواد الموجودة في الانترنت والتي لا يكتب أصحابها مصادرها ؟

السؤال: 218902

لي استفسارات بخصوص حقوق التأليف والملكية الفكرية وغير ذلك :
أولا : هناك بعض المعلومات تكون موجودة في صورة كتب ، أو فيديوهات ، أو مواقع إنترنت ، تكتب دروسا أو كورسات ، وأسئلة لمشكلات على المنتديات ، وغير ذلك ، ولا يكتبون المراجع لهذا الكلام ، فهل هذا حرام لي كمتعلم ؟ والبعض يكتب أهم المراجع ، فهل هذا يكفي أم لا ؟

وهل قراءتي للكتاب تعتبر تعديا على الملكية للمؤلفين الذين اقتبس منهم المؤلف الكتاب ؟

وهل يجب أن أسأل مؤلفي الكتب : هل قمتم بشراء المراجع أو استخدمتموها بطريقة غير شرعية ؟

ثانيا : معنى جميع الحقوق محفوظة .. ، هل يمنع من تلخيص الكتاب في ورق خاص بي ، أو الاقتباس منه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

حقوق الطبع والنشر للمؤلف والناشر ، في الكتب النافعة المفيدة : من النوازل الحادثة ، وقد أفتى غير واحد من أهل العلم في هذا العصر بحفظه وصيانته ، وحرمة العدوان عليه ، وهو ما عليه المجامع العلمية المعتبرة .

سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
” أعمل في مجال الحاسب الآلي ، ومنذ أن بدأت العمل في هذا المجال أقوم بنسخ البرامج للعمل عليها ، ويتم ذلك دون أن أشتري النسخ الأصلية لهذه البرامج ، علما بأنه توجد على هذه البرامج عبارات تحذيرية من النسخ ، مؤداها : أن حقوق النسخ محفوظة ، تشبه عبارة ( حقوق الطبع محفوظة ) الموجودة على بعض الكتب ، وقد يكون صاحب البرنامج مسلما أو كافرا . وسؤالي هو : هل يجوز النسخ بهذه الطريقة أم لا ؟

فأجابت : ” لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من سبق إلى مباح فهو أحق به ) ؛ سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي ؛ لأن حقَّ الكافر غير الحربي مُحترَم كحق المسلم ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى ” (13/188) .

وللفائدة راجع الفتوى رقم : ( 26307 ) ، ورقم : (21899) .

وما تشير إليه هذه الفتاوى والقرارات ، والمتعارف عليه ، والمنصوص عليه في بداية كل كتاب ؛ أن الممنوع هو الطبع والنشر من غير إذن من صاحب الحق .

وعلى هذا :
فما سألت عنه من الانتفاع بمعلومات الكتاب بتطبيقها أو تلخيصها لتسهيل الرجوع إليها ، أو نقلها لمن يستفيد منها ، كالطلاب ونحوهم ، فهذا مأذون فيه بداهة ، وهو من بين غايات امتلاك الكتاب .

حق الاقتباس :
وهو من حق أي إنسان : أن يقتبس وينقل ما يفيد من أي كتاب ، ولا يعد ذلك خرقا لحقوق المؤلف أو الناشر .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
” إنارة المفاهيم والأفكار بالأسس السليمة وتقويم معوجها ، وإصلاح ما فسد منها وبعث الحيوية والنشاط فيها ، واستصلاحها وعمارتها وظهور الأثر العملي في ميدان العمل والتطبيق = هذه الإيجابيات من أعظم عوائد التأليف ومنافعه العملية .
والاقتباس واحد من هذه الآثار المباركة ، فهو ثمرة عملية وصلت إلى حد الإيجاب باعتبارها والاستشهاد بها ، واتخاذ الكاتب لها سنداً في موضوعه وبحثه ، فهو انتفاع شرعي لا يختلف فيه اثنان ، وما زال المسلمون منذ أن عرف التأليف إلى يومنا هذا وهم يجرون على هذا المنوال في مؤلفاتهم دون نكير .
وعليه : فإن منع المؤلف لذلك يعد خرقاً للإجماع ” انتهى من ” فقه النوازل ” (2/161) .

لكن للاقتباس آداب يجب مراعاتها ؛ ومنها : إسناد كل قول إلى صاحبه .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
” شرط الاقتباس : لكن الاقتباس مشروط بأداء أمانته ، وهو نقله بأمانة منسوباً إلى قائله دونما غموض أو تدليس أو إخلال ، ومباحث هذه منتشرة في آداب التأليف وغيرها ” انتهى من ” فقه النوازل ” (2/162) .

ومن لم يحافظ على هذا الشرط ، مخالف لأمانة النقل ، وأدب النفع والفائدة ، في نسبة القول إلى قائله ، والفضل إلى أهله ، متزين عند الناس بما ليس فيه .
عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها : ” أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي ضَرَّةً ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏: ( الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ ‏) رواه البخاري ( 5219 ) ، ومسلم ( 2130 ) .

قال الإمام النووي رحمه الله :
” قال العلماء : معناه المتكثّر بما ليس عنده ، بأن يظهر أنّ عنده ما ليس عنده ، يتكثّر بذلك عند النّاس ، ويتزيّن بالباطل ، فهو مذموم كما يذمّ من لبس ثوبي زور ” انتهى من ” شرح مسلم ” (14/110) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” وأما حكم التثنية في قوله ( ثوبي زور ) فللإشارة إلى أن كذب المتحلي مثنى ، لأنه كذب على نفسه بما لم يأخذ ، وعلى غيره بما لم يُعطَ ، وكذلك شاهد الزور يظلم نفسه ويظلم المشهود عليه . وقال الداودي : في التثنية إشارة إلى أنه كالذي قال الزور مرتين مبالغة في التحذير من ذلك … ” انتهى من ” فتح الباري ” (9/318) .

هذا فيما يخص الناقل من غير عزوٍ لصاحب المصدر ، أمّا القارئ والمطالع للمؤلفات التي لا تعزو المعلومات لأصحابها ، فهذا ليس محل شك ولا شبهة أصلاً ، بل جواز ذلك من الأمور البديهية ، التي يعد السؤال والبحث فيها تنطعا ، وتكلفا ، أو فتحا لباب الوسوسة المرضية ؛ فإياك ومثل هذه المسالك ، لا تفتحها على نفسك ، فتنقطع في مسيرك إلى ربك ، ولا عليك بسؤال صاحب الكتاب ، أو البحث وراءه عن مصادره ، ومن أين له هذا ؟

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android