تنزيل
0 / 0

أيهما أفضل : سيد الاستغفار أم دعوة ذي النون ؟

السؤال: 218905

أيهما أعلى وأفضل وأفرج للكرب وأثقل في ميزان الله عز وجل ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، أم استغفر الله وسيد الاستغفار ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
المشروع في الأذكار أن يجمع الذاكر بينها .
وانظر جواب السؤال رقم : (194733) .
فما ورد في نصوص الشرع من دعاء للكرب يلهج به المكروب ، وما ورد فيها من استغفار
يلهج به المستغفر ، وهكذا ، ودعاء ذي النون عليه السلام يقال عند الكرب .
قال الله عز وجل : ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ
نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ
سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) الأنبياء/ 87 ،
88.
وروى الحاكم (1864) عن سعد رضي الله عنه قَالَ : ” كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ
بِشَيْءٍ إِذَا نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ كَرِبٌ ، أَوْ بَلَاءٌ مِنْ بَلَايَا
الدُّنْيَا دَعَا بِهِ يُفَرَّجُ عَنْهُ ؟ ) فَقِيلَ لَهُ : بَلَى ، فَقَالَ: (
دُعَاءُ ذِي النُّونِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ ) وصححه الألباني في ” الصحيحة ” (1744) .
ورواه الترمذي (3505) ولفظه : ( دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي
بَطْنِ الحُوتِ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ
إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وأفضل صيغة للاستغفار لمن أراد أن يستغفر ما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم بـ”
سيد الاستغفار” .
روى البخاري (6306) عن شَدَّاد بْن أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ :
اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ
وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا
صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ
لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ) ، قَالَ : ( وَمَنْ
قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ
يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ
مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) .
فكل دعاء من هذين الدعاءين هو أفضل في الوقت والحال المناسب له ، فمن وقع في شدة
وكرب فدعاء ذي النون أفضل له ، ومن أراد أن يسأل الله المغفرة فسيد الاستغفار أفضل
له .
ثانيا :
ينبغي التنبيه إلى أن المفضول قد يكون هو الأفضل في حق بعض الأشخاص ، كما لو كان
يتفهم معناه أكثر ويحضر قلبه ويخشع عند هذا الدعاء ، فيكون هذا الدعاء هو الأفضل
لهذا الشخص ، ولكنه ليس هو الأفضل لجميع الأشخاص في جميع الأحوال .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” قَدْ يَكُونُ الْمَفْضُولُ فِي وَقْتٍ أَفْضَلَ مِنْ الْفَاضِلِ ؛ وَقَدْ يَكُونُ
الْمَفْضُولُ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ
الْفَاضِلِ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (11 /399) .
وسئل رحمه الله عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ تَحْصِيلَ الثَّوَابِ : هَلْ الْأَفْضَلُ لَهُ
قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ؟ أَوْ الذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ ؟ .
فأجاب :
” قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَالذِّكْرُ أَفْضَلُ مِنْ
الدُّعَاءِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ ؛ لَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْمَفْضُولُ أَفْضَلَ
مِنْ الْفَاضِلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ ، كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْ
ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَمَعَ هَذَا فَالْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِي
أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ وَوَقْتِ
الْخُطْبَةِ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَالتَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ
وَالسُّجُودُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ أَفْضَلُ
مِنْ الذِّكْرِ ، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ النَّاسِ انْتِفَاعُهُ بِالْمَفْضُولِ
أَكْثَرَ بِحَسَبِ حَالِهِ إمَّا لِاجْتِمَاعِ قَلْبِهِ عَلَيْهِ وَانْشِرَاحِ
صَدْرِهِ لَهُ وَوُجُودِ قُوَّتِهِ لَهُ ، مِثْلُ مَنْ يَجِدُ ذَلِكَ فِي الذِّكْرِ
أَحْيَانًا دُونَ الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ الْعَمَلُ الَّذِي أَتَى بِهِ عَلَى
الْوَجْهِ الْكَامِلِ أَفْضَلَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ
عَلَى الْوَجْهِ النَّاقِصِ ، وَإِنْ كَانَ جِنْسُ هَذَا أَفْضَلَ ، وَقَدْ يَكُونُ
الرَّجُلُ عَاجِزًا عَنْ الْأَفْضَلِ فَيَكُونُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ
أَفْضَلَ لَهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (23 /62-63) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الأعمال لها مراتب بعضها أفضل من بعض ، ولكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من
الفاضل ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (12 /22) بترقيم الشاملة .
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android