ما رأيك لو محل يبيع خضار ، وقال صاحب المحل ادفع 300 ريال ، وخذ هذه الأكياس واحمل ما تستطيع حمله لمرة واحدة بقيمة 300 ريال ؛ فهذا رجل يقدر يحمل وزن 40 كيلو وأخر 20 كيلو ، كل حسب قوته ، فهل هذا جائز ؟
صاحب محل خضار يقول : ادفع 300 ريال وخذ ما تستطيع حمله ؟
السؤال: 219031
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من شروط البيع المتفق عليها بين العلماء : أن يكون المبيع معلوماً ، فلا يصح البيع إذا كان في المبيع جهالة لدى العاقدين أو أحدهما .
جاء في ” الموسوعة الفقهية” (9/100) : ” مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ : أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَعْلُومَيْنِ عِلْمًا يَمْنَعُ مِنَ الْمُنَازَعَةِ ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولاً جَهَالَةً مُفْضِيَةً إِلَى الْمُنَازَعَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ “.
وقالوا : ” لاَ بُدَّ لِمَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي بِالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْمِقْدَارِ ، فَالْجِنْسُ كَالْقَمْحِ مَثَلاً ، وَالنَّوْعُ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ إِنْتَاجِ بَلَدٍ مَعْرُوفٍ ، وَالْمِقْدَارُ بِالْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا ” انتهى من ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (9/ 16) .
وعليه : فالبيع بالصورة المذكورة في السؤال محرم وباطل ؛ لما يتضمنه من الجهالة في نوع ، وقدر المبيع ، فقد يجعل المشتري همته مصروفة كلها لحمل أشياء أغلى من غيرها في المحل ، وإذا قدر أن ما يباع في المحل : لا يتفاوت ثمنه ، وهذا متعذر واقعا ، فالمقدار الذي يحمله كل مشتري : يتفاوت تفاوتا كثيرا ، فقد يحمل الرجل (10) كيلو أو (30 ) أو أكثر أو أقل ، وهذا غرر بيِّن .
روى الإمام مسلم في صحيحه (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ” نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ “.
والغرر : الجهالة والمخاطرة وما يفضي إلى النزاع .
قال النووي رحمه الله في ” شرح مسلم ” : ” وَأَمَّا النَّهْي عَنْ بَيْع الْغَرَر فَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول كِتَاب الْبُيُوع , وَيَدْخُل فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة غَيْر مُنْحَصِرَة كَبَيْعِ الْمَعْدُوم وَالْمَجْهُول ” انتهى باختصار.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : ” أما إن كان حين الشراء لا يعرف حقيقة المال ، وإنما اشتراه جزافاً ، فالبيع غير صحيح ؛ لما فيه من الغرر.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن بيع الغرر)، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى عن بيع: الملامسة، والمنابذة، وبيع الحصاة )؛ لما في ذلك من الغرر ،والملامسة هي : أن يقول البائع للمشتري : أي ثوب لمسته أو لمسه فلان فهو عليك بكذا.
والمنابذة : أن يقول للمشتري : أي ثوب نبذته إليك أو نبذه إليك فلان فهو عليك بكذا.
وبيع الحصاة هو : أن يقول البائع : أي بقعة أو أي ثوب وقعت عليها أو عليه الحصاة فهو عليك بكذا .
وما أشبه هذا التصرف فهو في حكمه بجامع الغرر ؛ لكون المشتري لم يدخل في المعاملة على بصيرة بحقيقة المبيع ، والله سبحانه أرحم بعباده من أنفسهم ؛ ولهذا نهاهم عز وجل عما يضرهم في المعاملات وغيرها ” انتهى من ” مجموع الفتاوى والمقالات ” (19/89) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب