موظف ويلح عليه بعض المراجعين ويعطونه مالا
السؤال: 219079
أنا موظف دائرة حكومية ، بعض المواطنين يقومون بإعطائي مالا لما أقوم به ، من دون طلب مني ، بالرغم من رفضه مِن قِبلي ، ولكن من شدة إلحاههم أضطر أن آخذه ، ومن ثم أقوم بإعطائه إلى الفقراء والمحتاجين ، لعلمي بأنه لا يجوز أخذ هذا المال . فهل آثم لأني لا أستطيع رد هذا المال ؛ لأنه يسبب لي إحراجا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من كان موظفا في إحدى الهيئات والمؤسسات الحكومية أو غيرها ، ويتقاضى على عمله
راتبا ، فلا يجوز له قبول هدية من أحد ممن له معاملة في تلك المؤسسة التي يعمل بها
، إلا إذا أذن له أصحاب المؤسسة ؛ وذلك لما روى الإمام أحمد في ” المسند ” (39/14)
عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ ) [أي : خيانة]
حسنه ابن الملقن في ” تحفة المحتاج ” (2/572)، وصححه الألباني في
”
صحيح الجامع ” (7021).
وعَنْ أَبِى حُمَيْدٍ رضي الله عنه أيضا قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى
الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِي ،
فقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ
أُمِّهِ ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ
يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ
عَلَى رَقَبَتِهِ ) رواه البخاري (2597) ومسلم (1832) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
“وفي الحديث من الفوائد : منع العمال من قبول الهدية ممن له عليه حكم ، ومحل ذلك
إذا لم يأذن له الإمام ؛ لما أخرجه الترمذي من رواية قيس بن أبي حازم عن معاذ بن
جبل قال: ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال : لا تصيبن شيئا
بغير إذني فإنه غلول ) ” انتهى من ” فتح الباري ” (13/ 167)
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله
:
أنا مدير إدارة يقوم بعض الناس بعد إنهاء معاملاتهم بإهدائي بعض الهدايا ، علما
أنهم لا يستغنون عن إدارتي وسيراجعونها في يوم من الأيام ، فهل أقبلها عن حسن نية
أم تعتبر من الرشوة والسحت ؟
!
فأجاب:
” الواجب عليك عدم قبول هذه الهدايا لأنها في حكم الرشوة ، ولأنها قد تحملك على
تقديم معاملاتهم على غيرهم طمعا في هداياهم أو حياء منهم ، وقد ورد في السنة عن
النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على منع مثل هذه الهدايا ” انتهى من
”
فتاوى إسلامية ” (4 /350) بتصرف يسير.
وعلى هذا , فالواجب عليك أن تصر على موقفك من عدم أخذ هذه الأموال ، إذا ألح عليك
أحد من المراجعين فازدد إصرارا على عدم أخذه اجتنابا لهذا المال المحرم . وحتى لا
تتهم بين الناس بأنك تتقاضى الرشوة ، وحتى يعلم الناس أن هذه رشوة محرمة لا يجوز
إعطاؤها ولا أخذها .
وقد أحسنت في التصدق بما أخذته قبل ذلك من الأموال ، ولكن الأحسن من ذلك أن لا
تأخذه ابتداء .
وفقك الله تعالى .
والله أعلم
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟