هل رياضة الوينج تشن جائزة ؟
حكم رياضة الوينج تشن القتالية
السؤال: 219234
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
رياضة الـ(وينج تشن) (Wing Chun) إحدى فنون الدفاع عن النفس القتالية الصينية ، تتميز بمهارات القتال عن قرب ، وتعتمد على سرعة توجيه اللكمات والركلات القريبة مع الالتحام مع الخصم بشكل سريع .
http://en.wikipedia.org/wiki/Wing_Chun
ثانيا :
إذا مورست هذه الرياضة القتالية (وينج تشن) على طريقة إصابة الخصم بالأذى في وجهه ورأسه ، والتنافس على إحداث ذلك بشكل مباشر وفعلي ، من غير اتخاذ احتياطات ولا وقايات ، ولا وضع قواعد تمنع الضرب المباشر على الوجه والرأس ، فحينها تنطبق القواعد الشرعية في منع الضرر والأذى لوجه الإنسان ، وتحريم كل ما يؤدي إلى ذلك ، ولو على سبيل الرياضة واللعب ، فالوجه أكرم عضو في الإنسان ، وقد ورد النص الخاص بتكريمه وتجنب إصابته أو إهانته ، سواء لرياضة ، أو لتربية ، أو غير ذلك من أعذار الناس ، التي لا تعترف بها الشريعة في الوجه خاصة ، قد قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تضرب الوجه ) رواه أحمد في ” المسند ” (33/217) ، وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة . ومن قبلهم حسنه النووي في ” رياض الصالحين ” (ص149) ، وابن حجر في ” تغليق التعليق ” (4/431) ، والألباني في ” إرواء الغليل ” (7/98) .
كما أن الشريعة جاءت بدرء الضرر والمفاسد عن الإنسان ، فلا يجوز أن يتخذ الأذى وسيلة من وسائل اللعب أو الرياضة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار ) رواه ابن ماجه (2340) .
يقول الشاطبي رحمه الله :
” الضرر والضرار مبثوث منعه في الشريعة كلها في وقائع جزئيات وقواعد كليات ، كقوله تعالى : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) ، ( ولا تضاروهن ) ، ومنه النهي عن التعدي على النفوس والأموال والأعراض ، وعن الغصب والظلم ، وكل ما هو في المعنى إضرار أو ضرار . ويدخل تحته الجناية على النفس أو العقل أو النسل أو المال . فهو معنى في غاية العموم في الشريعة لا مراء فيه ولا شك ” انتهى من ” الموافقات ” (3/16) .
وننقل هنا قرار رقم 50 (3/10) من قرارات ” المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة ” ، بشأن موضوع ( الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران ) ، وكان قد صدر في عام (1408هـ) ، فكان مما جاء فيه :
” يرى مجلس المجمع بالإجماع أن الملاكمة المذكورة التي أصبحت تمارس فعلاً في حلبات الرياضة والمسابقة في بلادنا اليوم هي ممارسة محرمة في الشريعة الإسلامية ؛ لأنها تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذاء بالغًا في جسمه ، قد يصل به إلى العمى ، أو التلف الحاد أو المزمن في المخ ، أو إلى الكسور البليغة ، أو إلى الموت ، دون مسئولية على الضارب ، مع فرح الجمهور المؤيد للمنتصر ، والابتهاج بما حصل للآخر من الأذى ، وهو عمل محرم مرفوض كليًّا وجزئيًّا في حكم الإسلام ؛ لقوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة:195] . وقوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) [النساء:29]. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ ). على ذلك فقد نص فقهاء الشريعة على أن من أباح دمه لآخر فقال له : اقتلني . أنه لا يجوز له قتله ، ولو فعل كان مسئولاً ومستحقًّا للعقاب .
وبناء على ذلك يقرر المجمع أن هذه الملاكمة لا يجوز أن تسمى رياضة بدنية ، ولا تجوز ممارستها ؛ لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون إيذاء أو ضرر ، ويجب أن تحذف من برامج الرياضة المحلية ، ومن المشاركات فيها في المباريات العالمية ، كما يقرر المجلس عدم جواز عرضها في البرامج التلفازية ، كيلا تتعلم الناشئة هذا العمل السيئ وتحاول تقليده .
وأما المصارعة الحرة التي يستبيح فيها كل من المتصارعين إيذاء الآخر والإضرار به ، فإن المجلس يرى فيها عملاً مشابهًا تمام المشابهة للملاكمة المذكورة وإن اختلفت الصورة ؛ لأن جميع المحاذير الشرعية التي أشير إليها في الملاكمة موجودة في المصارعة الحرة التي تجري على طريقة المبارزة ، وتأخذ حكمها في التحريم” انتهى .
رئيس مجلس المجمع الفقهي : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس : د.عبد الله عمر نصيف
الأعضاء: محمد بن جبير، د.بكر عبد الله أبو زيد، عبد الله العبد الرحمن البسام، صالح بن فوزان بن عبد الله، محمد بن عبد الله بن سهيل، مصطفى أحمد الزرقا، محمد محمود الصواف، أبو الحسن علي الحسني الندوي (بدون توقيع)، محمد رشيد راغب قباني، محمد الشاذلي النيفر، أبو بكر جومي، د.أحمد فهمي أبو سنه، محمد الحبيب بن الخوجه، محمد سالم بن عبد الودود.
مقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي: د. طلال عمر بافقيه ” انتهى من كتاب ” قرارات المجمع الفقهي ” (ص/216-218) .
وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى رقم : (10238) ، (10427) ، (127607) .
ثالثا :
أما إذا اتخذت الاحتياطات اللازمة في لعبة (وينج تشن) بحيث لا تصيب الخصم بالضرر المباشر ، ولا يتقصد الوجه بالأذى ، إنما وقعت على شكل تدريبات على القطع الخشبية أو الجلدية ، أو مع الخصم الوهمي ، فلا حرج فيها حينئذ ، خاصة إذا كانت على سبيل التدرب لأغراض مشروعة كتدريب قوات الجيش والأمن ونحو ذلك ، بل تكون حينئذ من الأعمال المشروعة التي تقوي البدن ، وتكسب المهارة ، وتبني في صاحبها معاني القوة والمنعة ، ليوجه ذلك الوجهة الصحيحة ، ويعين على بناء مجتمع صحي وقوي بإذن الله .
والخلاصة : أن حكم رياضة (الوينج تشن) وكل الرياضات القتالية فيه تفصيل :
إذا مورس فيها القتال على وجه إلحاق الأذى بالخصم فهي حرام .
أما إذا كانت مجرد تدريبات لا يتم فيها توجيه الضربات الحقيقية والمباشرة لوجه الخصم ، وكانت اللكمات الأخرى توجه لأماكن أخرى في الجسم محاطة ببعض الوقايات ، فلا حرج فيها .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة