تنزيل
0 / 0

حكم من يرضي الناس بسخط الله تعالى

السؤال: 219244

هل يعد مشركاً من أرضي الناس بسخط الله ؛ لأنه قدم طاعة المخلوق على طاعة الخالق عز وجل ؟ مثلا: كشخص لم يغض بصره عن امرأة سافرة ، حتي لا يقول عنه الناس : إنه متزمت ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ورد الوعيد الشديد لمن أرضى الناس بسخط الله تعالى .
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ ، رَضِيَ الله عَنْهُ ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ ، سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَأَسْخَطَ عليه الناس ) رواه ابن حبان “الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان” (1 /510) ، والترمذي (2414) بلفظ : ‏( ‏ مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ ) .
وقد اختلف في رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ووقفه على عائشة .
وقد صحح الإمام البخاري ، كما في العلل الكبير للترمذي (332) ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، كما في العلل لابن أبي حاتم (5/59) ، وغيرهم وقفه . وقال الدارقطني رحمه الله : ” ورفعه لا يثبت” . انتهى، من “العلل” (14/182) .
وينظر ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” ، للألباني ( 5 / 392 ) ‏.‏

ثانيا :
المعصية التي يرتكبها العبد لأجل إرضاء الناس نوعان :
النوع الأول : أن تكون كفرا ، كأن يرتكب بعض الأعمال أو الأقوال الكفرية فهذا يكفر صاحبها ، إذا توفرت فيه شروط التكفير ، وانتفت موانعه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” التكفير له شروط وموانع ، قد تنتفي في حق المعين ، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين ، إلا إذا وجدت الشروط ، وانتفت الموانع ، يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة : الذين أطلقوا هذه العمومات – مثل أن يقولوا من قال كذا فقد كفر – لم يُكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 12 / 487 – 488 ) .
ومن الشروط المهمة في هذا الباب : أن يكون فاعل هذا الفعل المكفر عالما بتحريمه ، متعمدا لفعله ، مختارا غير مكره .
ومن الموانع التي تمنع من تكفيره : أن يكون جاهلا لحكم ذلك الفعل ، أو متأولا ، أو مخطئا ، أو مكرها .
وراجع الفتوى رقم : (85102) للتعرف على ضوابط التكفير .

النوع الثاني : أن تكون هذه المعصية ذنبا ، وليست من أعمال الكفر كمثل ما ذكرت من عدم غض البصر أو الكذب أو شرب الخمر أو سماع الأغاني ، ونحو ذلك من المعاصي ؛ فهذه معصية من المعاصي ، والمعاصي إذا كان صاحبها مسلما مؤمنا بالله ورسوله مصدقا لهما ، غير مستحّل للمعاصي : فلها حكم مثلها من المعاصي ، كبيرها وصغيرها ، لكنه لا يكفر بمجرد ارتكاب هذه المعاصي ، ولو كانت من الكبائر كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، ولو فعلها هوى ، أو مراعاة لحق غيره من الناس ، أو طلبا للمكانة عنده ، أو نحو ذلك من المقاصد والأهواء .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
” وقد اتفق أهل السنة والجماعة – وهم أهل الفقه والأثر – على أن أحدا لا يخرجه ذنبه – وإن عظم – من الإسلام ” انتهى من ” التمهيد ” ( 17/22 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وأئمة المسلمين أهل المذاهب الأربعة وغيرهم – مع جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان – متفقون على أن المؤمن لا يكفر بمجرد الذنب “. انتهى من “مجموع الفتاوى” ( 6 / 479 ) .
وقال رحمه الله تعالى :
” ونحن إذا قلنا : أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب ، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب “. انتهى من “مجموع الفتاوى” ( 7 / 302 ) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android