تنزيل
0 / 0
68,23221/07/2014

هل لفرشاة الأسنان فضيلة السواك ؟!

السؤال: 219510

إذا توضأ الإنسان ولم يجد سواكا ، فهل يقوم معجون الأسنان مقامه ؟ وهل يثاب فاعله على ذلك ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
السواك من السنن النبوية الثابتة التي ورد في فضلها والحث عليها أحاديث كثيرة ، وقد
سبق بيان بعض من أحكامه في جواب السؤال : (2577)
.
والأحاديث الواردة في فضل السواك والحث عليه : تشمل كلَّ آلةٍ يتم بها تنظيف
الأسنان ، إذا تحقَّق بها المقصود ، ونوى التسنُّن بذلك ، وسواء تم ذلك بعود الأراك
، أو عود الزيتون ، أو النخيل أو غيره .
ويدخل في ذلك : ” فرشاة الأسنان” حيث يتحقق بها دَلْك الأسنان وتنظيفها ، بل إن
الفرشاة يتم بها تنظيف باطن الأسنان بسهولة ويسر ، مع اشتمالها على مواد مطهرة
ومنظفة .
ويدل على دخولها في هذا الفضل أمور :
الأول :
أن كلمة “السواك” في أصل معناها اللغوي تطلق على عملية “دلك الأسنان” بغض النظر عن
الآلة التي تستعمل في ذلك ، ثم قيل لما يستخدم في هذا الدلك : سواك ، وغلب إطلاقه
عرفاً على : ” عود الأراك “.

قال الزبيدي : ” ساكَ
الشَّيءَ يَسُوكُه سَوْكًا : دَلَكَه ، ومِنْهُ أُخِذَ المِسواكُ ” .
انتهى من ” تاج العروس ” (27/215) .
وقال ابن دقيق العيد : ” السِّواك يُطلق ويُراد به : الفعل ، الذي هو المصدر ، ومنه
: ( السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ) … ويقول الفقهاء :
السواك مستحب ، السواك ليس بواجب ، وغير ذلك مما لا يمكن أن يوصف به إلا الفعل .
ويُطلق ويراد به الآلة التي يُستاك بها ” انتهى من ” شرح الإلمام” (1/10) .
وقال ابن الأثير : “والْمِسْوَاكُ : مَا تُدْلَكُ بِهِ الأسْناَن مِنَ العِيدانِ ،
يُقَالُ سَاكَ فَاه يَسُوكُهُ : إِذَا دَلَكه بالسِّواك” انتهى من ” النهاية في
غريب الحديث والأثر” (2/ 425).
وقال الإمام النووي : ” السِّوَاك : هُوَ اسْتِعْمَال عود ، أَو نَحوه ، فِي
الْأَسْنَان لإِزَالَة الْوَسخ ، وَهُوَ من ساك ، إِذا دلك ، وَقيل من التساوك ،
وَهُوَ التمايل ” .
انتهى من ” تحرير ألفاظ التنبيه ” (ص: 33) .

فالسواك : ليس محصوراً بعود
الأراك كما قد يفهم البعض ، بل هو اسم لعملية دلك الأسنان وتنظيفها بأي آلة كانت ،
ويطلق على أي عود يتم به تنظيف الأسنان ، ولم يقصره أهل اللغة على ” عود الأراك”.

الثاني :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر في تسوكه على ” عود الأراك ” ، بل كان يتسوك
به – وهو الغالب – وبغيره أيضاً .
فمما ورد من استياكه بعود الأراك ما جاء عن عَبْدِ اللهِ بن مسعود قَالَ : ” كُنْتُ
أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكًا مِنَ
الْأَرَاكِ…” رواه أحمد (3991) ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (9/ 209) واللفظ له
، وحسنه الألباني .

واستاك النبي صلى الله عليه
وسلم – كذلك – بعودٍ من النخيل .
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : ” تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَفِي يَوْمِي ، وَبَيْنَ سَحْرِي
وَنَحْرِي ، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ ، فَذَهَبْتُ
أُعَوِّذُهُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَقَالَ : ( فِي الرَّفِيقِ
الأَعْلَى ، فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى ).
وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ ،
فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَظَنَنْتُ أَنَّ
لَهُ بِهَا حَاجَةً ، فَأَخَذْتُهَا ، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا ، وَنَفَضْتُهَا ،
فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا ،
ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا ، فَسَقَطَتْ يَدُهُ ، أَوْ : سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ ، فَجَمَعَ
اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ
يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ ” رواه البخاري (4451) .

” والْجَرِيدَةُ : غُصْنُ
النَّخْلِ ” انتهى من ” طلبة الطلبة ” (ص: 161) .
وقال الفيومي : ” وَالْجَرِيدُ : سَعَفُ النَّخْلِ ، الْوَاحِدَةُ جَرِيدَةٌ ،
وَإِنَّمَا تُسَمَّى جَرِيدَةً إذَا جُرِدَ عَنْهَا خُوصهَا ” انتهى من ” المصباح
المنير ” (1/ 96).

الثالث :
أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمر بالسواك لم يحدد لأصحابه شجرة معينة تؤخذ
منه ، وكانت العرب تستاك بأشياء كثيرة .
جاء في ” البيان والتبيُّن ” للجاحظ (3/ 77) : ” قضبان المساويك : البشام ، والضّرو
، والعُتم والأراك ، والعرجون ، والجريد ، والإسحل ” [ وكلها أسماء أشجار معروفة
عند العرب] .
وينظر أيضا : ” مشكلات موطأ مالك بن أنس” للبطليوسي (ص: 72) .
قال ابن عبد البر : ” وَكَانَ سِوَاكُ الْقَوْمِ : الْأَرَاكَ ، وَالْبَشَامَ ،
وَكُلَّ مَا يَجْلُو الْأَسْنَانَ وَلَا يُؤْذِيهَا وَيُطَيِّبُ نَكْهَةَ الفم :
فجائز الاستنان به ” انتهى من ” الاستذكار ” (1/365) .

الرابع :
أن الفقهاء لم يقصروا حكم السواك على ” عود الأراك ” ، بل ذكروا أن التسوك يتحصل
بكل ما يتحقق به تنظيف الفم من عود خشنٍ ونحوه .
قال ابن عبد البر : ” وَالسِّوَاكُ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ : هُوَ الْمَعْرُوفُ
عِنْدَ الْعَرَبِ ، وَفِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَكَذَلِكَ الْأَرَاكُ وَالْبَشَامُ ، وَكُلُّ مَا يَجْلُو الْأَسْنَانَ ” .
انتهى من” التمهيد” (7/ 201) .
وقال : ” وَكُلُّ مَا جَلَا الْأَسْنَانَ ، وَلَمْ يُؤْذِهَا ، وَلَا كَانَ مِنْ
زِينَةِ النِّسَاءِ : فَجَائِزٌ الِاسْتِنَانُ بِهِ ” انتهى من ” التمهيد ”
(11/213) .
وقال النووي : ” وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ من أراك ، وبأي شئ اسْتَاكَ
، مِمَّا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ : حَصَلَ السِّوَاكُ ، كَالْخِرْقَةِ الْخَشِنَةِ ،
وَالسَّعْدِ ، وَالْأُشْنَانِ ” انتهى ” شرح صحيح مسلم ” (3/143) .
وقال العراقي : ” وَأَصْلُ السُّنَّةِ تَتَأَدَّى بِكُلِّ خَشِنٍ يَصْلُحُ
لِإِزَالَةِ الْقَلَحِ [ أي صفرة الأسنان ] ” .
انتهى “طرح التثريب ” (2/ 67) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ السِّوَاكُ عُودًا
لَيِّنًا يُطَيِّبُ الْفَمَ وَلَا يَضُرُّهُ ، وَلَا يَتَفَتَّتُ فِيهِ ،
كَالْأَرَاكِ وَالزَّيْتُونِ وَالْعُرْجُونِ ” انتهى من ” شرح عمدة الفقه ” (1/
221) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : ” ويحصل الفضل بعود الأراك ، أو بغيره من كل عود يشابهه ”
.
انتهى من ” شرح رياض الصالحين” (5/226) .

ولم يقل أحد من أهل العلم ،
فيما نعلم ، أن السواك قاصر على “عود الأراك” ، بل كلماتهم متوافرة على أن السواك
يحصل بغيره مما يحقق المقصود .

الخامس:
أن السواك ليس عبادة محضة ، بل هو عبادة معقولة المعنى ، والمقصود منه تنظيف
الأسنان وتطييب رائحة الفم ، وهذا يتحقق بأي آلة تحقق المقصود .
قال شيخ الإسلام : ” وَلِأَنَّ السِّوَاكَ إِنَّمَا شُرِعَ لِتَطْيِيبِ الْفَمِ
وَتَطْهِيرِهِ وَتَنْظِيفِهِ ” .
انتهى من ” شرح عمدة الفقه ” (1/218) .

وبهذا يتبين :
أن الفضل الموعود به في النصوص الشرعية هو لعملية التسوك لا لآلة التسوك ، فليس هذا
الفضل لعود الأراك ؛ بل لعملية تنظيف الفم والأسنان .
قال في “عون المعبود ” (1/ 46) : ” وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى : الفعل والآلة ، والأول
هو المراد ها هنا “.
أي في الأحاديث الواردة في فضل السواك والحث عليه .

وسئل الشيخ ابن عثيمين : هل
استعمال معجون الأسنان يغني عن السواك ، وهل يثاب من استعمله بنية طهارة الفم ، أي
هل يعادل السواك في الأجر الذي رغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لمن يستاك ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ” نعم ؛ استعمال الفرشاة والمعجون يغني عن السواك ، بل وأشد
منه تنظيفاً وتطهيراً ، فإذا فعله الإنسان حصلت به السنة ؛ لأنه ليس العبرة بالأداة
، العبرة بالفعل والنتيجة ، والفرشاة والمعجون يحصل بها نتيجة أكبر من السواك
المجرد .
لكن هل نقول إنه ينبغي استعمال المعجون والفرشاة كلما استحب استعمال السواك ، أو
نقول إن هذا من باب الإسراف والتعمق ، ولعله يؤثر على الفم برائحة أو جرح أو ما
أشبه ذلك ؟ هذا ينظر فيه ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب للعثيمين ” (7/ 2،
بترقيم الشاملة آليا)

ثانياً :
مع القول بإجزاء التسوك بالفرشاة ، وحصول الأجر بها مع النية ، إلا أن التسوك بـ
“عود الأراك” يبقى له ميزة التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، حيث إن عود
الأراك كان هو الغالب في استعمالهم ، فضلاً عن سهولة حمله والتنقل به في كل مكان
وحال ، واعتياد ذلك من غير نكير ولا شذوذ فيه ، بخلاف الفرشاة التي يتعذر استعمالها
في كل وقت ، لحاجتها إلى مكان مخصوص .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (4/140) : ” اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ
الأْرْبَعَةِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُ جَمِيعًا : الأْرَاكُ ، لِمَا فِيهِ مِنْ
طِيبٍ ، وَرِيحٍ ، وَتَشْعِيرٍ يُخْرِجُ وَيُنَقِّي مَا بَيْنَ الأْسْنَانِ ” انتهى
.
قال ابن علان : ” وأولاه : الأراك ؛ للاتباع ، مع ما فيه من طيب طعم وريح ، وشعيرة
لطيفة تنقي ما بين الأسنان ، ثم بعده النخل ؛ لأنه آخر سواك استاك به صلى الله عليه
وسلم” .
انتهى من ” دليل الفالحين ” (6/ 658) .
وقال الشيخ عطية محمد سالم : ” إذا نظرنا إلى الغرض من استعمال السواك ، وهو كما في
الحديث : ( مطهرة للفم مرضاة للرب ) فأي شيء طهَّر الفم فإنه يؤدي المهمة ، ولكن ما
كان عليه السلف فهو أولى وأصح طبياً ” انتهى من ” شرح بلوغ المرام ” (13/ 5، بترقيم
الشاملة آليا) .

وللاستزادة ينظر جواب السؤال
: (115282) ففيه بيان فوائد عود الأراك
الطبية .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android