0 / 0

هل تجب الجماعة في قضاء الفريضة الفائتة ؟

السؤال: 219932

حانت صلاة المغرب ، ولم نصل إلا بعد الوقت ، أي تقريباً بعد نصف ساعة ، وكان عددنا خمسة أشخاص ، فقام أحد منهم ليقيم الصلاة ، وكنت قد توضأت ، وشخص آخر ينتظر ليتوضأ ، حتى تتم صلاة الجماعة ، وللعلم فإن الصلاة ليست في المسجد ، فسبقتهم بصلاة المغرب منفرداً ، ولم أنتظر ؛ لأن المكان الذي سوف نصلي فيه لا يسع مطلقاً لهذا العدد ، وفعلت ذلك بنية إفساح المكان للآخرين ، فهل يعتبر فعلي شنيعا ؟ بمعنى كفر أو عصيان ؟ لأنني لم أنتظر لأصلي مع القوم ، لأنني صليت منفرداً ، وللعلم أيضاً ، قد شرعت في الصلاة قبل أن يقيموا الجماعة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
من فاتته صلاة الفريضة مع الجماعة الأولى في المسجد فقد فاته خير كثير ، ولعله لا يسلم من الإثم ، إلا أن يكون معذورا ؛ لأن صلاة الجماعة في المسجد – حيث يؤذن لها – واجبة ، في أصح أقوال أهل العلم ، وقد سبق بيان وجوب صلاة الجماعة في المسجد وافيا في جواب السؤال رقم : (120) .
ثانيا:
من فاتته الجماعة الأولى : شرع له أن يصلي الفريضة جماعة ، مع غيره ، قل ذلك الجمع أو كثر ، وهو أفضل من صلاته منفردا .
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( .. وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانُوا أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه أبو داود (554) ، والنسائي (843) وغيرهما ، وحسنه الألباني .

قال ابن المنذر رحمه الله :
” فَإِذَا فَاتَ جَمَاعَةً الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّوْا جَمَاعَةً اتِّبَاعًا ” انتهى من ” الأوسط ” (4/216) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ [ يعني : وجوب صلاة الجماعة ] : فَإِذَا صَلَّى الرَّجُلُ وَحْدَهُ . وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ : فَعَلَ ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُ الْجَمَاعَةِ : اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (23/242) ، وينظر ” مجموع الفتاوى ” (23/233) .

ووجوب الجماعة الثانية ، مع الإمكان ، لمن فاتته الجماعة الأولى : محتمل ، متوجه على قول من يقول بأصل وجوب صلاة الجماعة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” الجماعة الثانية مشروعة ، وقد تجب لعموم الأدلة إذا فاتته الجماعة الأولى، فإذا جاء الإنسان إلى المسجد ، وقد صلى الناس ، وتيسر له جماعة : فإنه مشروع له أن يصلي جماعة ، ولا يصلي وحده .
وقد يقال بالوجوب ، لعموم الأدلة .
ومن الدليل على هذا ” أن رجلا جاء والنبي صلى الله عليه وسلم قد سلم من صلاته ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من يتصدق على هذا فيصلي معه ) ” .
ولعموم الأدلة الدالة على أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة .
ومن قال : إنها تختص بالأولى : فعليه الدليل المخصص ، ومجرد الرأي ليس حجة .
ويدل على ذلك – أيضا – قوله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الرجل في جماعة تفضل على صلاته في سوقه وفي بيته بخمس وعشرين ضعفا ) .
فإذا فاتته الأولى ، ويسر الله جماعة في مسجد آخر ، أو في نفس المسجد ، فمشروع له أن يصلي جماعة .. ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (12/166) .
وقال – أيضا – رحمه الله (12/169) : ” الواجب عليهم أن يصلوا جماعة إذا فاتتهم الجماعة الأولى ؛ لعموم الآيات والأحاديث في الأمر بالصلاة في الجماعة ، ولكن فضلها ليس كفضل الجماعة الأولى ” انتهى .

وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله عن رجل تخلف عن الجماعة الأولى أيصلي منفردا وهو يجد متخلفين آخرين ؟
فأجاب : ” عليه أن ينتظر جماعة من المتخلفين… وليس له أن يصلي وحده مع وجود جماعة متخلفين ” . انتهى من ” فتاوى ابن جبرين ” (13/54) بترقيم الشاملة .

على أن ذلك لا يعني أن السائل قد أثم بفعله ذلك ، وصلاته منفردا ؛ وذلك لأن نفس وجوب الجماعة : مختلف فيه من أصله ، اختلافا معتبرا ، بين أهل العلم ، ثم الجماعة الثانية ، أو صلاة المرء مع غيره : ليس هو كالجماعة الأولى ، في الفضيلة ، وليس القول في حكمها أيضا بقوة وظهور القول في الجماعة الأولى .
ثم إنه إن فعل ذلك متأولا ، كما ذكر السائل : ضيق المكان ، أو نحو ذلك : كان معذورا بتأوله ، ولا يظهر عليه حرج ، إن شاء الله .
وأما الكفر ، معاذ الله ، فلا مدخل له في مثل ذلك أصلا ، بل هو من وسوسة الشيطان ، وتحزينه للمؤمنين .
ثالثا :
وأما إذا خرج وقت الصلاة بالكلية ، وكانت الصلاة قضاء للفائتة ، فتشرع صلاة الجماعة لها كذلك ، وإن كان أمرها أهون من الصلاة المؤداة في وقتها ، وليس تأكد الجماعة في القضاء ، كتأكدها في الوقت .
قال النووي في ” المجموع ” (4/189) : ” الْمَقْضِيَّةُ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ : فَلَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ ، وَلَا كِفَايَةٍ ، بِلَا خِلَافٍ ” انتهى .
وجاء في ” حاشية الروض المربع ” (2/256) ” وفي قصة الخندق ونومهم ، استحباب قضاء الفوائت جماعة ، وهو قول أكثر أهل العلم ” انتهى .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android