0 / 0
22,76319/08/2014

المسبوق إذا أدرك الإمام في الركوع الزائد ، هل تحسب له الركعة ؟

السؤال: 220129

كنت أصلي سنة الظهر في المسجد ، ثم ركعت ، وبعد أن رفعت من الركوع ، جاء أحد الإخوة وأراد اللحاق بي ، ظناً منه أني أصلي الفرض ، فوقف إلى يساري ؛ لأنه لم يكن هناك متسع من جهة اليمين ؛ نظراً لأني كنت ملتصقاً بالجدار ، فقمت بالانتقال إلى الجهة اليسرى وجذب الأخ إلى اليمين ، وفي ربكة هذا الموقف نسيت أني قد أتممت ركوعي ، فركعت من جديد ، وعند الانتهاء من الصلاة سجدت سجود السهو ، أمّا الأخ فقد اكتفى بما صلى ، معتقداً أن ما أدركه معي من ركوع هو الركوع الأصلي ، ولم أخبره بما حدث ؛ لأنني غير متأكد من الحكم الشرعي في المسألة ، فما السبيل إلى إصلاح هذا الخطأ ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا زاد الإمام في صلاته ركوعاً على سبيل السهو ، والتحق به المأموم المسبوق أثناء هذا الركوع الزائد : فإنه لا يُعدُّ مدركاً للركعة ، ويلزمه بعد سلام الإمام أن يقوم بقضاء ركعة كاملة .
وذلك لأن الركوع الذي زاده الإمام – وإن كان معذوراً فيه – في حكم اللغو الذي لا اعتبار له .
قال الإمام الشافعي : ” وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ فَاطْمَأَنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَاسْتَوَى قَائِمًا … ثُمَّ عَادَ فَرَكَعَ لِيُسَبِّحَ ، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ رَاكِعًا ، فَرَكَعَ مَعَهُ : لَمْ يُعْتَدَّ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ أَكْمَلَ الرُّكُوعَ أَوَّلًا ، وَهَذَا رُكُوعٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ ” انتهى من ” الأم ” (1/205) .

وقال النووي رحمه الله :
” وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِ الْإِمَامِ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْسُوبًا لَهُ ، بأن كان الإمام محدثاً ، أو قد سها وَقَامَ إلَى الْخَامِسَةِ ، فَأَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ فِي رُكُوعِهَا ، أَوْ نَسِيَ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَاعْتَدَلَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ ظَانًّا جَوَازَهُ ، فَأَدْرَكَهُ فِيهِ : لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقِرَاءَةَ إنَّمَا يَسْقُطَانِ عن المسبوق ، لأن الإمام يحملها عنه ، وهذا الإمام غيرُ حاملٍ ، لأن الرُّكُوعَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ .
وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَكُونُ مُدْرِكًا ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ” انتهى من ” المجموع شرح المهذب ” (4/216) .

وقال أيضا :
” إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ ، فَاعْتَدَلَ ، ثُمَّ تَذَّكَّرَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الرُّكُوعِ لِيُسَبِّحَ ; لِأَنَّ التَّسْبِيحَ سُنَّةٌ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ الِاعْتِدَالِ الْوَاجِبِ إلَيْهِ .
فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ , وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدٍ بِهِ .
وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ.
وَلَكِنَّ هَذَا الرُّجُوعَ لَغْوٌ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ صَلَاتِهِ , فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ مَسْبُوقٌ , وَالْحَالَةُ هَذِهِ , وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ لَغْوٌ ، وَالْمَسْبُوقُ جَاهِلٌ بِالْحَالِ : صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ , وَهَلْ تُحْسَبُ لَهُ هَذِهِ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ هَذَا الرُّكُوعِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ : ( الصَّحِيحُ ) بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ , وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ : أَنَّهَا لَا تُحْسَبُ ; لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَغْوٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ , وَكَذَا فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ , وَلِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ فِي الرُّكُوعِ , وَإِنَّمَا هُوَ فِي الِاعْتِدَالِ حُكْمًا ، وَالْمُدْرِكُ فِي الِاعْتِدَالِ لَا تُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ.
( وَالثَّانِي ) : تُحْسَبُ . وَاحْتَجُّوا لَهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي خَامِسَةٍ قَامَ إلَيْهَا جَاهِلًا ، وَأَدْرَكَ مَعَهُ الْقِيَامَ , وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ , فَإِنَّ هَذِهِ الرَّكْعَةَ تُحْسَبُ لِلْمَسْبُوقِ , وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَحْسُوبَةٍ لِلْإِمَامِ .
وَهَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْخَامِسَةِ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا ; لِأَنَّهُ فِي الْخَامِسَةِ أَدْرَكَهَا بِكَمَالِهَا , وَلَمْ يَحْمِلْ الْإِمَامُ عَنْهُ شَيْئًا وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يُدْرِكْ الْقِيَامَ وَالْقِرَاءَةَ , وَلَا الرُّكُوعَ الْمَحْسُوبَ لِلْإِمَامِ , فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ ” انتهى من ” المجموع ” (4/217) .

وقال ابن نُجيم الحنفي رحمه الله : ” إمَامٌ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ، فَلَمَّا رَكَعَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ ، ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ فَرَجَعَ وَقَرَأَ ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ قَرَأَ السُّورَةَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ وَدَخَلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ ، ثُمَّ رَكَعَ ثَانِيًا ، فَإِنَّ هَذَا الْمَسْبُوقَ يَصِيرُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ ، لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ رَكْعَةً ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ الْأَوَّلُ كَانَ فَرْضًا تَامًّا ، وَالْآخَرُ نَفْلًا ، فَصَارَ كَأَنَّ الْمَسْبُوقَ لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ مِنْ هَذِهِ الرَّكْعَةِ ” انتهى من ” البحر الرائق ” (2/82) .

وكذلك ذكر القرافي في ” الذخيرة ” (2/307) أنه لا يُعتد بما أدركه في هذا الركوع الزائد .

وقال البهوتي : ” وَمَتَى رَجَعَ إلَى الرُّكُوعِ – حَيْثُ جَازَ – وَهُوَ إمَامٌ ، فَأَدْرَكَهُ فِيهِ مَسْبُوقٌ : أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَكَعَ ثَانِيًا نَاسِيًا ” انتهى من ” شرح منتهى الإرادات ” (1/229) . وينظر : ” الإنصاف” للمرداوي (2/146) .

وبهذا يكون القول بعدم الاعتداد بما أدركه المسبوق مع الإمام في مثل هذه الحال : هو ما عليه المذاهب الأربعة .
ولا يصح تخريج هذه المسألة على قول من قال من العلماء : إن المسبوق يعتد بالركعة الخامسة ، التي يزيدها الإمام إن أدركه فيها ، لما بين الصورتين من الاختلاف ، كما سبق تقريره للإمام النووي رحمه الله .

والحاصل:
أن المسبوق لا يعتد بهذا الركوع الزائد الذي أدركه مع الإمام ؛ لأنه لغو .
والواجب عليك إخباره بحقيقة الحال ، ليستدرك ما فاته بإعادة الصلاة ، إن كنت تعرفه .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (87853) ، (49046) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android