0 / 0
279,30327/06/2014

ما نوع الخل الذي كان يأكله به النبي صلى الله عليه وسلم ومدحه؟

السؤال: 220217

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتدم بخل التفاح ، فقد وجدت حديثاً في النت ، إلا أني لم أستطع التأكد من صحته : ( لم يفتقر بيت فيه خل ) رواه الترمذي والبيهقي.
ووجدت أيضاً حديثاً آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن الخل كان إدام الأنبياء من قبله . وأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الخل .
وقد روى جابر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأدم ، فقالوا : ما عندنا إلا خل ، فدعا به ، فجعل يأكل به ويقول : نعم الإدام الخل ، نعم الإدام الخل )
فأريد معرفة نوع الخل الذي كان يأكله النبي صلى الله عليه وسلم . فقد وجدت أن خل التفاح هو أفضل الخل للصحة . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الخل ، ووصفه له بأنه إدام ، وأثنى عليه في مجموعة من الأحاديث الصحيحة ، فمن ذلك :
قال صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَ الإِدامُ الخَلُّ ) رواه مسلم ( 2051 ) .
وروى مسلم أيضا (2052) بسنده عن طَلْحَة بْن نَافِعٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يَقُولُ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقًا مِنْ خُبْزٍ ، فَقَالَ : مَا مِنْ أُدُمٍ ؟ فَقَالُوا : لَا إِلَّا شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ . قَالَ : فَإِنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الْأُدُمُ . قَالَ جَابِرٌ : فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وقَالَ طَلْحَةُ : مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ ) .
وعَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ :
( دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ فَقُلْتُ : لَا ، إِلَّا كِسَرٌ يَابِسَةٌ وَخَلٌّ .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَرِّبِيهِ ، فَمَا أَقْفَرَ بَيْتٌ مِنْ أُدْمٍ فِيهِ خَلٌّ )  .
رواه الترمذي في ” السنن ” (1841) وقال : ” هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه…وسألت محمدا – يعني الإمام البخاري – عن هذا الحديث قال : لا أعرف للشعبي سماعا من أم هانئ “. وحسنه الألباني في ” صحيح الترمذي “، وفي ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” (رقم/2220) .
أما حديث أُم سَعْدٍ ، قَالَتْ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ ، وَأَنَا عِنْدَهَا ، فَقَالَ : هَلْ مِنْ غَدَاءٍ ؟ قَالَتْ : عِنْدَنَا خُبْزٌ ، وَتَمْرٌ ، وَخَلٌّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْخَلِّ ، فَإِنَّهُ كَانَ إِدَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي ، وَلَمْ يَفْتَقِرْ بَيْتٌ فِيهِ خَلٌّ )
فقد رواه ابن ماجه في ” السنن ” (3318)، ولكنه حديث موضوع ، فيه عنبسة بن عبد الرحمن متهم بالوضع، ومحمد بن زاذان متروك .
قال الخطابي رحمه الله :
” معنى هذا الكلام الاقتصاد في المأكل ، ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة ، كأنه يقول : ائتدموا بالخل وما كان في معناه مما تخف مؤنته ، ولا يعز وجوده ، ولا تتأنقوا في المطعم ، فإن تناول الشهوات مفسدة للدين ، مسقمة للبدن ” انتهى من ” معالم السنن ” (4/ 254).
وانظر الفتاوى رقم : (113941) ، (191176) ، (106196)
ثانيا :
وقد بحثنا في كتب الحديث والروايات ، فلم نقف على حديث يبين لنا نوع الخل الذي أكله النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن غالب الظن أن الخل المشتهر في ذلك الزمن هو خل العنب أو التمر ، وذلك للأدلة الآتية :
الدليل الأول :
أن العنب هو الثمر الأشهر في ذلك العهد ، بل كان يعد هو القوت من الثمار لكثرته وكثرة استعماله شرابا وزبيبا وخلا وفاكهة وغيرها من أنواع الاستعمال .
الدليل الثاني :
أن التفاح لم يكن متواجدا بكثرة ، ولم يكن في الغالب يزرع في المدينة النبوية وما حولها ، وإنما كان يستورد من الشام ، فيبعد أن يصنع منه الخل في ذلك الزمن .
الدليل الثالث :
ما ذكره العلماء السابقون في طريقة صنع الخل ، وفي تعريفه في اللغة وعند العرب ، بل وما ذكره الفقهاء أيضا في كتبهم ، كله يدل على شهرة ” خل العنب ” و ” التمر “:
فهذا العلامة ابن عبد البر رحمه الله يقول :
” روي عن علي رضي الله عنه أنه كان يصطبغ في خل خمر . وهذا يحتمل أن يكون أراد خل عنب ” انتهى من ” التمهيد ” (1/ 262) .
وابن قتيبة الدينوري رحمه الله (ت276هـ) يقول :
” إذا أردت صنعة الخل : أخذت من العنب ما بدا لك … إلخ” ثم ذكر طريقة صنع الخل من العنب . كتاب ” الجراثيم ” المنسوب إلى ابن قتيبة (2/ 114) .
وقال الأزهري إمام اللغة :
” قَالَ اللَّيْث : الاختلال من الْخلّ من عصير الْعِنَب وَالتَّمْر ” انتهى من ” تهذيب اللغة ” (6/301).
ويقول السرخسي رحمه الله :
” كما أن العنب مع التمر جنسان فكذلك الخل المتخذ منهما ” انتهى من ” المبسوط ” (12/180) .
وجاء في ” المغرب في ترتيب المعرب ” (ص: 153):
” الخل ما حمض من عصير العنب ” انتهى.
وجاء في ” القاموس المحيط ” (ص994):
” الخل ما حمض من عصير العنب وغيره ” انتهى.
ويقول ابن الحاج رحمه الله :
” الخل أصناف أطيبه وأنفعه خل العنب ” انتهى من ” المدخل ” (4/ 94) .
الدليل الرابع :
أن كثيرا من الخل كان يصنع من تحويل الخمر واستحالتها ، والخمر أكثرها من العنب والتمر .
والخلاصة : أن الروايات والأحاديث لم توضح أصل الخل الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكله ، غير أن الظاهر أنه ” خل العنب ” أو ” خل التمر “.
وعلى كل حال ؛ فجميع أنواع الخل فيها النفع والفائدة الطبية بإذن الله ، ولا بد من الرجوع إلى المراجع الطبية المعاصرة ، والأبحاث الغذائية المتخصصة للوقوف على فوائد الخل واستعمالاته ، وأما المقارنة بين أنواعها وجودتها فيرجع فيه إلى المختصين في علوم الغذاء .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android