حكم الإشارة بالسبابة عند الاحتضار
السؤال: 220250
نشاهد كثيراً من موتى المسلمين أنهم يرفعون السبابة دلالة أنه كان آخر كلامهم من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله ، فهل ورد شيء في مشروعية هذا الأمر الذي هو رفع السبابة عند التلفظ بالشهادة قبل الموت ؟ وهل ورد شيء في رفع السبابة مطلقاً عند التشهد ؟ أم أن الرفع خاص في مواضع كالتشهد بعد الفراغ من الوضوء ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
دلت السنة على مشروعية قول : لا
إله إلا الله لمن نزل به الموت ، وأن هذا من علامات حسن الخاتمة .
فقد روى أبو داود (3116) عن معاذ
بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ آخِرُ
كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ، وصححه الشيخ الألباني
رحمه الله في ” صحيح سنن أبي داود ” .
ولأجل ذلك : شرع لمن كان عند
المُحْتَضَر ، أن يلقنه الشهادتين ، ويذكره بهما ، لعله أن يختم له بهما .
روى مسلم (916) عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَقِّنُوا
مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) .
قال النووي رحمه الله :
” قَوْلُهُ – صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ( لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )
مَعْنَاهُ : مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ ، وَالْمُرَادُ ذَكِّرُوهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ مَنْ كَانَ آخِرُ
كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَالْأَمْرُ بِهَذَا
التَّلْقِينِ أَمْرُ نَدْبٍ ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا التَّلْقِينِ ،
وَكَرِهُوا الْإِكْثَارَ عَلَيْهِ وَالْمُوَالَاةَ لِئَلَّا يَضْجَرَ بِضِيقِ
حَالِهِ وَشِدَّةِ كَرْبِهِ فَيَكْرَهُ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا
لَا يَلِيقُ . قَالُوا : وَإِذَا قَالَهُ مَرَّةً لَا يُكَرِّرُ عَلَيْهِ إِلَّا
أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ بِكَلَامٍ آخَرَ ، فَيُعَادُ التَّعْرِيضُ بِهِ
لِيَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ ، وَيَتَضَمَّنُ الْحَدِيثُ الْحُضُورَ عِنْدَ
الْمُحْتَضَرِ لِتَذْكِيرِهِ وَتَأْنِيسِهِ وَإِغْمَاضِ عَيْنَيْهِ وَالْقِيَامِ
بِحُقُوقِهِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ .” انتهى من “شرح مسلم” (6/518) .
وروى البخاري (1360) ، ومسلم
(24) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب عند الموت : ( يَا عَمِّ قُلْ
: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ) .
ثانياً :
رفع السبابة والإشارة بها ، ثبتت
بذلك السنة في مواضع ، منها :
– إذا تشهد المصلي في صلاته –
التشهد الأول والأخير – فإنه يشير بأصبعه حال تشهده ؛ لما روى مسلم (580) عن ابن
عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه
على ركبتيه ، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام ، فدعا بها ، ويده اليسرى على
ركبته اليسرى باسطها عليها .
وينظر للفائدة للسؤال رقم : (11527)
.
– وعند الدعاء ، كما روى أبو داود (1499) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال
مَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَدْعُو
بِأُصْبُعَيَّ، فَقَالَ: أَحِّدْ أَحِّدْ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ .
وللفائدة ينظر للسؤال رقم : (130176)
.
– وعند دعاء الخطيب على المنبر
يوم الجمعة ، فقد روى مسلم (874) أن عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه : رَأَى بِشْرَ
بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ ، فَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ
هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ ؛ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ
بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ .
وأما رفع الأصبع عقب الوضوء للتشهد ، فقد سبق في السؤال رقم : (129501)
أنه لم يرد بذلك نص ولا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وينظر للفائدة للسؤال رقم : (85171)
.
ثالثا :
وأما رفع السبابة عند الاحتضار ،
فلم يثبت فيه دليل بخصوصه ، لا أمرا به ، ولا ذكرا له .
إلا أن ما ورد من الإشارة بها في
الصلاة عند الشهادتين ، وفي الدعاء ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : أَحِّدْ
أَحِّدْ : كل ذلك مما يدل على مشروعية الإشارة بالسبابة عن الإقرار بالتوحيد ، أو
الشهادة به ، في الجملة ، وهو ليس أكثر من مواطأة فعل اليد ، لقول اللسان ، على
الشهادة بالتوحيد .
ويتأكد مشروعية ذلك في حق الأخرس
، أو العاجز عن الكلام في مثل هذه الحال ، فإنه لو أشار بها ، وأتي بما يقدر عليه
من النطق بلسانه ، أو عجز عن النطق بالكلية ، فأشار بالتوحيد بسبابته : فإنه يرجى
أن يكون ممن ختم له بـ”لا إله إلا الله ” .
لكن ذلك إنما يشرع من فعله
المحتضر هو ، فلا يفعل ذلك به ؛ بمعنى : لا يحرك غيره أصبعه ، ولا يؤمر أيضا بذلك ،
بل يؤمر بالنطق بالشهادتين ، ويلقن ذلك ، وهي الحال الكاملة .
نسأل الله أن يحسن لنا وللمسلمين
الخاتمة ، إنه جواد كريم .
والله أعلم
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة