0 / 0

يسأل عن الأدوية الشرعية التي تفيده في علاج التهاب القولون

السؤال: 220767

أعاني من التهاب القولون التقرحي ، وقد أخبرني الطبيب بأنه لا يمكن شفاء هذا المرض ، وأنه يجب علي أن أتناول الدواء طيلة حياتي ، لذا أود أن أعرف إن كان هنالك علاج لمثل هذا المرض في القرآن أو السنة النبوية فأنا لا أثق بالطب والأطباء ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ما أنزل الله من داء ، إلا وأنزل له دواء ، علمه من علمه ، وجهله من جهله .
روى الترمذي (2038) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ ، قَالَ: ” قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: ( نَعَمْ ، يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً ، إِلَّا دَاءً وَاحِدًا ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: (الهَرَمُ) ” وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وروى أحمد (23156) عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: ” عَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا بِهِ جُرْحٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ادْعُوا لَهُ طَبِيبَ بَنِي فُلَانٍ )، قَالَ: فَدَعَوْهُ فَجَاءَ ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَيُغْنِي الدَّوَاءُ شَيْئًا ؟ فَقَالَ: ( سُبْحَانَ اللهِ ، وَهَلْ أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ فِي الْأَرْضِ ، إِلَّا جَعَلَ لَهُ شِفَاءً ؟ ). وانظر جواب السؤال رقم : (147231).
فإذا كان الطبيب ثقة وعلى علم بالطب فلا مانع من الذهاب إليه .
وقول الطبيب : إنه لا يمكن الشفاء من هذا المرض ، إنما هو بحسب علمه ، وقد يكون غيره على علم بالدواء ، وقد لا يكون علمه أحد إلى الآن وسوف يكتشفه الناس فيما بعد .
ثانيا :
لا بأس من الجمع بين الأمرين : الذهاب إلى الطبيب ، والتداوي بالأدوية الشرعية .
والأدوية الشرعية بالنسبة لحالتك ثلاثة أقسام :
القسم الأول :
التداوي بالقرآن والرقى الشرعية وكثرة الدعاء الذكر والتضرع إلى الله تعالى ،
قال الله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) الإسراء/82 .
قال الشوكاني رحمه الله :
” اختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين : الأول : أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله سبحانه ، القول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى والتعوذ ونحو ذلك . ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين ” انتهى من ” فتح القدير” (3 / 362) .
وعن عثمان بن أبي العاص الثقفي : ” أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ) رواه مسلم ( 2202 ) .
وعن عائشة رضي الله عنها : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ، قَالَ: ( أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي ، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا ) رواه البخاري ( 5351 ) ، ومسلم ( 2191 ) .
القسم الثاني :
التداوي بالحمية والاعتدال في الطعام والشراب ، واجتناب الأطعمة التي قد تكون سببا لزيادة مرضك ، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ : فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ) رواه الترمذي (2380) وصححه ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
قال ابن القيم رحمه الله :
” الْأَمْرَاضُ نَوْعَانِ : أَمْرَاضٌ مَادِّيَّةٌ تَكُونُ عَنْ زِيَادَةِ مَادَّةٍ أَفْرَطَتْ فِي الْبَدَنِ حَتَّى أَضَرَّتْ بِأَفْعَالِهِ الطَّبِيعِيَّةِ ، وَهِيَ الْأَمْرَاضُ الْأَكْثَرِيَّةُ وَسَبَبُهَا إدْخَالُ الطَّعَامِ عَلَى الْبَدَنِ قَبْلَ هَضْمِ الْأَوَّلِ ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبَدَنُ ، وَتَنَاوُلُ الْأَغْذِيَةِ الْقَلِيلَةِ النَّفْعِ الْبَطِيئَةِ الْهَضْمِ ، وَالْإِكْثَارُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ الْمُخْتَلِفَةِ التَّرَاكِيبِ الْمُتَنَوِّعَةِ ، فَإِذَا مَلَأَ الْآدَمِيُّ بَطْنَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَغْذِيَةِ ، وَاعْتَادَ ذَلِكَ أَوْرَثَتْهُ أَمْرَاضًا مُتَنَوِّعَةً ، مِنْهَا بَطِيءُ الزَّوَالِ وَسَرِيعُهُ ، فَإِذَا تَوَسَّطَ فِي الْغِذَاءِ وَتَنَاوَلَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وَكَانَ مُعْتَدِلًا فِي كَمِّيَّتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ ، كَانَ انْتِفَاعُ الْبَدَنِ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِالْغِذَاءِ الْكَثِيرِ .
وَمَرَاتِبُ الْغِذَاءِ ثَلَاثَةٌ :
أَحَدُهَا: مَرْتَبَةُ الْحَاجَةِ .
وَالثَّانِيَةُ: مَرْتَبَةُ الْكِفَايَةِ .
وَالثَّالِثَةُ: مَرْتَبَةُ الْفَضْلَةِ .
فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ يَكْفِيهِ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فَلَا تَسْقُطُ قُوَّتُهُ ، وَلَا تَضْعُفُ مَعَهَا، فَإِنْ تَجَاوَزَهَا فَلْيَأْكُلْ فِي ثُلُثِ بَطْنِهِ ، وَيَدَعِ الثُّلُثَ الْآخَرَ لِلْمَاءِ ، وَالثَّالِثَ لِلنَّفَسِ ، وَهَذَا مِنْ أَنْفَعِ مَا لِلْبَدَنِ وَالْقَلْبِ ، فَإِنَّ الْبَطْنَ إِذَا امْتَلَأَ مِنَ الطَّعَامِ ضَاقَ عَنِ الشَّرَابِ ، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ ضَاقَ عَنِ النَّفَسِ ، وَعَرَضَ لَهُ الْكَرْبُ وَالتَّعَبُ بِحَمْلِهِ بِمَنْزِلَةِ حَامِلِ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ ، هَذَا إِلَى مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ ، وَكَسَلِ الْجَوَارِحِ عَنِ الطَّاعَاتِ ، وَتَحَرُّكِهَا فِي الشَّهَوَاتِ الَّتِي يَسْتَلْزِمُهَا الشِّبَعُ ، فَامْتِلَاءُ الْبَطْنِ مِنَ الطَّعَامِ مُضِرٌّ لِلْقَلْبِ وَالْبَدَنِ ” .
انتهى من ” زاد المعاد ” (4/ 16-17) .
القسم الثالث :
التداوي بما جاء في السنة مما ينفع هذا النوع من الداء ، كالعسل والحبة السوداء وماء زمزم والتلبينة .
– أما العسل :
فقد قال الله تعالى : ( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) النحل/ 69 .
وروى ابن أبي شيبة (5/ 60) بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ” عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْقُرْآنِ وَالْعَسَلِ ” .
قال ابن القيم رحمه الله : ” فَجَمَعَ بَيْنَ الطِّبِّ الْبَشَرِيِّ وَالْإِلَهِيِّ ، وَبَيْنَ طِبِّ الْأَبْدَانِ وَطِبِّ الْأَرْوَاحِ، وَبَيْنَ الدَّوَاءِ الْأَرْضِيِّ وَالدَّوَاءِ السَّمَائِيِّ ” انتهى من ” زاد المعاد ” (4/ 32) .
وانظر إجابة السؤال رقم : (114167) .
– وأما الحبة السوداء :
فروى البخاري (5688) ، ومسلم (2215) عن أبي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( فِي الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ ، إِلَّا السَّامَ ) .
– وأما ماء زمزم :
فروى ابن ماجة (3062) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ماء زمزم لما شرب له ) .
صححه الألباني في ” صحيح ابن ماجة ” وغيره .
قال النووي رحمه الله :
” معناه : من شربه لحاجة نالها ، وقد جربه العلماء والصالحون لحاجات أخروية ودنيوية ، فنالوها بحمد الله تعالى وفضله ” انتهى من ” تهذيب الأسماء واللغات ” (3 / 450) .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
” ماء زمزم لما شرب له ، إن شربته لعطش رويت ، وإن شربته لجوع شبعت ، حتى إن بعض العلماء أخذ من عموم هذا الحديث أن الإنسان إذا كان مريضا وشربه للشفاء شفى ، وإذا كان كثير النسيان وشربه للحفظ صار حافظا ، وإذا شربه لأي غرض ينفعه ” .
انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (ص 862) .
– أما التلبينة :
فعَنْ عَائِشَةَ قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ ) رواه البخاري ( 5101 ) ، ومسلم ( 2216 ) .
انظر إجابة السؤال رقم : (60311) .
وانظر للاستزادة إجابة السؤال رقم : (20176) .
نسأل الله لك الشفاء والعافية .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android