تنزيل
0 / 0

هل يزوج أولاده أو يحج بالمال الذي معه ؟

السؤال: 220945

رجل من الأردن لديه القدرة المادية والبدنية على الحج وفي نفس الوقت سيخرج محرما لأمه وزوجته , لكن لديه أولاد مراهقين ويخشى عليهم من الفتنة حال خروجه للحج ، فهل يعذر له أن يؤجل الحج للعام القادم حيث أنه سيقوم بتزويج بعضهم وتأمين البعض الآخر عند من يثق بهم من الوقوع في الفتن ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
الحج واجب على الفور لمَن استطاعَه وتوفَّرت فيه شروط وجوبه ، ولا يجوز له تأخيره
من غير عُذر ، وينظر للفائدة إلى جواب سؤال رقم : (41702)
.

ثانيًا :
يجب على الرجل أن يزوج ابنه ، إذا كان الابن محتاجًا للزواج وعاجزًا عن تكاليفه ،
ويدخل هذا في النفقة الواجبة عند الحنابلة .

قال ابن قدامة رحمه الله في
” المغني ” (8/217) :
” قال أصحابنا – يعني : الحنابلة – : وَعَلَى الأَبِ إعْفَافُ ابْنِهِ ، إذَا
كَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ ، وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَى إعْفَافِهِ ” انتهى .

وقال المرداوي رحمه الله في
” الإنصاف ” (9/404) :
” يجب على الرجل إعفاف مَن وجبت نفقته عليه ، من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم
وغيرهم , ممَّن تجب عليه نفقتهم ، وهذا الصحيح من المذهب (يعني مذهب الإمام أحمد) ”
انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
” حاجة الإنسان إلى الزواج مُلِحَّة ، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل
والشرب ، ولذلك قال أهل العلم : إنه يجب على مَن تلزمه نفقة شخص أن يزوِّجه إذا كان
ماله يتسع لذلك ، فيجب على الأب أن يزوِّج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن
عنده ما يتزوَّج به ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” (18/410) .

ثالثًا :
من الأعذار التي تُبيح تأخير الحَجّ : تزويج الرجل ابنَه إذا كان محتاجًا للزواج
ويخشَى عليه من الوقوع في الفتنة والحرام ، والمال يكفي إمَّا للحج أو للزواج ،
فالحَجُّ لا يجب على الرجل إلا إذا ملك مالاً فائضًا عن نفقته ونفقة مَن تلزمه
نفقته ، وتزويج الولد من النفقة الواجبة كما تقدَّم .
ثم إنَّ إعفاف الرجلِ ولدَه وصيانته عن الوقوع في الحرام ، عند قوة الفتن والشهوات
: أمرٌ لا يحتمل التأخير ، والحجّ يمكن تأخيره بعد تزويج الولد .

قال ابن قدامة رحمه الله في
” المغني ” (3/217) :
” وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا ( يعني : مال الحجّ ونفقته ) فَاضِلاً عَمَّا
يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفَقَةِ عِيَالِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مَئُونَتُهُمْ ، فِي
مُضِيِّهِ وَرُجُوعِهِ ؛ لأَنَّ النَّفَقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِحُقُوقِ
الْآدَمِيِّينَ ، وَهُمْ أَحْوَجُ ، وَحَقُّهُمْ آكَدُ …
وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ , وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ ( أي : الوقوع
في الحرام ) ؛ قَدَّمَ التَّزْوِيجَ ( يعني : على الحج ) ؛ لأَنَّهُ وَاجِبٌ
عَلَيْهِ , وَلا غِنَى بِهِ عَنْهُ , فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ .
وَإِنْ لَمْ يَخَفْ , قَدَّمَ الْحَجَّ ; لأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ , فَلا
يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ الْوَاجِبِ ” انتهى .

وقال رحمه الله أيضا – كما
سبق – : ” قَالَ أَصْحَابُنَا : وَعَلَى الْأَبِ إعْفَافُ ابْنِهِ إذَا كَانَتْ
عَلَيْهِ ، نَفَقَتُهُ ، وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَى إعْفَافِهِ ” انتهى من ” المغني ”
(8/217) .

وقد سئل سماحة الشيخ عبد
العزيز بن باز رحمه الله :
” أنا شاب أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً – طالب في المدرسة ثالث ثانوي – ، ولي
والدة تبلغ من العمر حوالي ثمانية وخمسين عاماً ، والدي متوفى منذ خمسة عشر عاماً ،
وتريد والدتي أن تذهب إلى الحج ، ولكنها تقول : إن ذلك لا يجوز وهو حرام حتى أتزوج
، أرجو من سماحتكم إفادتي إذ والدتي تفضل تزويجي قبل أدائها للحج ؟

فأجاب :
لا شك أن الحج فرض على كل إنسان ، استطاع السبيل إليه ؛ لقول الله عز وجل : (
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) ،
فإذا كنت تستطيع الحج من جهة المال ، وجب عليك الحج وإذا كانت تستطيع الحج هي من
جهة المال ، وجب الحج ، وإن بدأت بالزواج ؛ لأنك بحاجة إلى الزواج فلا حرج ؛ لأن
الزواج أيضًا فرض مع الشهوة ، والرغبة فيه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا
معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم
يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ، وبكل حال لا بأس أن تقدم الحج على الزواج
……. ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” لابن باز (20/42) .

فإذا كان الحال كما ذكرَ
السائلُ في سؤاله ، أنَّه يخشى الفتنة على أولاده ، ويريد تزويجَ بعضهم بالمال الذي
سيحج به ؛ فلا حرجَ عليه في هذه الحالة أن يؤخِّر الحج إلى أن ييسر الله له ؛ منعًا
لهذه المفسدة العظيمة .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android