0 / 0
84,90816/09/2014

حكم الاحتضان بين الصديقات

السؤال: 221039

هل يجوز الاحتضان بين الصديقات ؛ أم إن هذا خاص بالزوج فقط ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يباح المعانقة ، والالتزام ، بين الرجل ورجل مثله ، والمرأة ، وامرأة مثلها ، إذا كان هناك سبب يدعو إلى ذلك ، كالعودة من السفر ، أو طول الغياب ، ولو لم يكن عن سفر ، وألحق به بعض أهل العلم : حال غلبة الشوق للصديق ونحوه .
قال ابن القيم في ” زاد المعاد ” ( 2 / 414 ) : ” وكان يعتنق القادم من سفره ” انتهى.
ومن ذلك ؛ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ( لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ عَانَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ( 3 / 398 ) ، وحسّنه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” ( 6 / 332 ) .
وهذا الذي كان عليه عمل الصحابة رضوان الله عليهم .
عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: ( كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَلَاقَوْا تَصَافَحُوا ، وَإِذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ تَعَانَقُوا ) رواه الطبراني في ” المعجم الأوسط ” ( 97 ) ، وحسّنه الألباني في ” السلسة الصحيحة ” ( 6 / 303 ) .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يَقُولُ : ( بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا ، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي ، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا ، حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ ، فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ ، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ : قُلْ لَهُ : جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ ، فَاعْتَنَقَنِي ، وَاعْتَنَقْتُهُ ) رواه الإمام أحمد في مسنده ( 25 / 431 – 432 ) ، والبخاري في ” الأدب المفرد ” ( 970 ) ، وحسّن إسناده الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” ( 1 / 174 ) .

وألحق بعض أهل العلم بالسفر : طول الغياب ، كما سبق الإشارة إليه .
ففي ” مغني المحتاج ” في الفقه الشافعي ( 4 / 218 ) : ” وتكره المعانقة والتقبيل في الرأس ، ولو كان المقبل أو المقبل صالحا ، للنهي عن ذلك ، رواه الترمذي ؛ إلاّ لقادم من سفر، أو تباعد لقاء عرفا ” انتهى.

وألحق آخرون بصورة الجواز : المعانقة التي تحصل أحيانا ودافعها شدة الحبّ في الله تعالى .
قال البغوي رحمه الله تعالى :
” فأما المكروه من المعانقة والتقبيل ، فما كان على وجه الملق والتعظيم ، وفي الحضر ، فأما المأذون فيه ، فعند التوديع ، وعند القدوم من السّفر ، وطول العهد بالصاحب ، وشدّة الحبّ في اللّه ” انتهى من ” شرح السنة ” ( 12 / 293 ) .

واستُدل لهذه الصورة بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
( خَرَجَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالَ : خَرَجْتُ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ ، وَالتَّسْلِيمَ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ ، فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ ؟ قَال َ: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قال : فقال رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ . فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ الْأَنْصَارِيِّ ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ فَلَمْ يَجِدُوهُ ، فَقَالُوا لِامْرَأَتِهِ : أَيْنَ صَاحِبُكِ ؟ فَقَالَتِ : انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِقِرْبَةٍ يَزْعَبُهَا فَوَضَعَهَا ، ثُمَّ جَاءَ يلتزمُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َوَيُفَدِّيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ) رواه الترمذي ( 2369 ) ، وصححه الألباني في ” مختصر الشمائل ” ( ص 79 ) .
 

ثانيا :
يستثنى من الرخصة في المعانقة والالتزام : ما كان صادرا عن شهوة ، ولو بين امرأة وامرأة مثلها ، أو خيف أن يدعو إليها ، ويجر إليها .
قال ابن مفلح رحمه الله تعالى :
” وتباح المعانقة ، وتقبيل اليد والرأس تديناً وإكرماً واحتراماً ، مع أمن الشهوة ” انتهى من ” الآداب الشرعية ” ( 2 / 247 )
وبوب البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه ” السنن الكبرى ” ( 7 / 161 ) : ” باب ما جاء في معانقة الرجل الرجل ، إذا لم تكن مؤدية إلى تحريك شهوة ” انتهى.

ثالثا :
ذهب غير واحد من أهل العلم إلى كراهة المعانقة والالتزام عند كل لقاء ؛ فإن الرخصة إنما وردت في ذلك ، في خاص من الأحوال ، فلا ينبغي أن تجعل هديا دائما ، وعادة ملتزمة .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : ( قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ ؟ قَالَ : ‏‏ لاَ ‏.‏ قَالَ : أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ؟ قَالَ : ‏ لاَ ‏.‏ قَالَ : أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ قَالَ : ‏ نَعَمْ ‏ ) قَالَ أَبُو عِيسَى – الترمذي – : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ . رواه الترمذي ( 2728 ) ، وحسنه الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” ( 1 / 298 ) دون لفظة ( أَفَيَلْتَزِمُهُ ) .

جاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء ” ( 24 / 128 ) :
” المشروع عند اللقاء : السلام والمصافحة بالأيدي ، وإن كان اللقاء بعد سفر ، فيشرع كذلك المعانقة ؛ لما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال : ( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا ، وإذا قدموا من سفر تعانقوا ) .
وأما تقبيل الخدود فلا نعلم في السنة ما يدل عليه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
بكر أبو زيد ، صالح الفوزان ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز آل الشيخ ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ” انتهى.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android