تنزيل
0 / 0

داعية يمهد لحديثه مع أحد الفنانين بالحديث عن الإنتاج الفني

السؤال: 221500

منذ أيام كان يحدثنا شيخ باكستاني مشهور أنه التقى مع ممثل هندي قرب الحرم أثناء الحج ، وقال الشيخ في حديثه – وهو يحكي كيف جرى اللقاء بينه وبين ذلك الممثل – إنه لم يتحدث في الدين مباشرة ، بل أمضى ما يقارب خمسين دقيقة وهو يتكلم عن الأفلام والممثلين ، حتى إنه قال : شعرت أني شاهدت أفلاماً أكثر منه .
كل هذا بحجة السياسية في الدعوة ، وخشية التنفير . ثم بعد ذلك بدء يحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم وطريقة حجه…الخ .
فدار نقاش بيني وبين بعض الأصدقاء حول ما قاله الشيخ ، ورأيت أن إمضاء خمسين دقيقة في الحديث عن الأمور المحرمة بحجة التمهيد للدعوة لا يصح ، فاختلفوا معي وقالوا : لست بأعلم من مولانا ، لذا فاصمت ! واستدلوا بفعل أبي بكر الصديق حين أعطى إحدى المومسات مالاً ، وأمضى معها الليل كله يحدثها عن الإسلام .
إنني أدرك جيداً أهمية البدء بحديث عام مع المدعوين قبل الحديث عن الدين ، لكن لا أرى مسوغاً للإفراط .
وعليه أقدم بين يديكم هذين السؤالين :
– هل يجوز الحديث عن الأفلام لمدة خمسين دقيقة ، ثم الانتقال للحديث عن الله والدين ، بحجة أن المدعو قد ينفر ؟
– هل قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع المرأة البغي صحيحة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

مثل هذه المواقف لا يمكن الحكم بصوابها أو خطأها إلا ممن أحاط بملابساتها
وتفصيلاتها ، ولا يتيسر ذلك غالبا إلا لمن حضرها وشاهدها .
فالخمسون دقيقة – إذا نظرت إليها نظرا مجردا – يمكنك القول بأنها طويلة ، وخارجة عن
الاعتدال إلى المبالغة ، ولكن ….. في الوقت نفسه هناك من المجالس ما يطول من حيث
لا يشعر الحضور ، حيث تتداخل المواضيع ببعضها ، وتلتصق الحكاية بالحكاية بالقدر
الذي يقطع الوقت سريعا ، وأيضا : من الناس من هو بطيء الحديث ، دقيق الوصف ، يعتني
بالتفاصيل الدقيقة ، فمثل هؤلاء الناس لا تكفيهم الساعة والساعتان للحديث عن قضية
يسيرة ، فلا يستغرب أن يطول معهم مجلس الحديث عن الأفلام إلى خمسين دقيقة . هذا
فضلا عما قد يتخلل الجلسة من انقطاع بسبب حضور شخص أو انصرافه أو حضور طعام أو شراب
ونحو ذلك من الأمور العارضة ، فهناك الكثير من الأمور التي تتحكم في طول وقت المجلس
وقصره ، ولا يعلم حقيقتها إلا من حضر وشاهد ، وليس من اكتفى بسماع الخبر مجردا من
كل ظروفه وملابساته .
وليس هناك حرج في محادثة الناس في شؤونهم التي يعتنون بها وتخصصاتهم قبل الدخول
معهم في حديث الآخرة ، ومن ذلك الحوار الذي ذكرته ، ولا يصح القول بأن كل حديث عن
التمثيل والممثلين يكون حراما ، فقد يكون ذلك الحديث مدحا لهؤلاء وإقراراً لعلمهم
بالصورة المعروفة عنهم ، فيكون مذموما ، وقد يكون محمودا إذا كان تحليلا لحجم هذا
القطاع ، وتأثيره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، وتحليل عوامل قوته وضعفه ، ونحو
ذلك من القضايا التي يستفيد منها المصلحون في معركتهم الإصلاحية في نشر الخير
ومحاربة الشر والفاحشة والرذيلة .
وقد يكون الحديث عن بعض مواقف الممثلين ويتضمن ذلك الإنكار وبيان خطأ هذه المواقف
والتصرفات بين الفينة والأخرى بما يسمح به الحديث فيكون محمودا أيضا .
فإذا أحسن الداعية الحوار ، استطاع أن يكون حديثه عن الممثلين مفيدا ، مع ما يكون
فيه من تألف السامع والتمهيد للحديث الأكثر نفعا معه .
ويمكن أن نستأنس لهذا بما ثبت في السنة النبوية عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، قَالَ :
قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ : أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، كَثِيرًا ، كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ
مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ
فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ . رواه
مسلم (670) .
ففي هذا الحديث جواز التحدث بما وقع من المسلم في جاهليته .
قال النووي رحمه الله : ” فِي الحديث : جَوَاز الْحَدِيث بِأَخْبَارِ
الْجَاهِلِيَّة وَغَيْرهَا مِنْ الْأُمَم ” انتهى من ” شرح مسلم للنووي ” .
ثانيا:
أما حادثة أبي بكر الصديق مع إحدى البغايا ، فلم نسمع عنها قبل اليوم ، وبحثنا عنها
في كتب التاريخ والسير ، فلم نجد لها أثرا ، ولم نقف لها على أصل ، فليس من الصواب
ولا من العلم الاستشهاد بحكاية لا تعرف في كتب العلماء ، ولا تذكر في سيرة الصديق
رضي الله عنه .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android