أنا فتاة اعتدت على مصاحبة مجموعة من الشباب خلال فترة دراستي الجامعية ، حيث كنت أتحدث معهم كمجرد أصدقاء، ولكن بحمد الله أنعم الله علي بنعمة التوبة ، فقررت قطع كافة علاقاتي معهم ، لذا أود أن أسأل عن الضابط في حديث الفتاة مع الشاب في الإسلام ؟
هل يجب أن لا أتحدث مع هؤلاء الشباب على الإطلاق ؟ لقد توقفت عن الحديث ومراسلة هؤلاء الشباب من تلقاء نفسي ودون أن أعلمهم بذلك لكن في بعض الأحيان يرسل لي بعضهم رسائل للاطمئنان عني وعن عائلتي ، فهل يجوز أن أرد على رسائلهم ؟
لقد قرأت أن التوبة لا تقبل إلا مع كره المعصية التي ارتكبت ، وأنا أشعر بالخجل من فعلتي وأمقتها حقاً ، ولكنني لا أكره هؤلاء الشباب، فهل يجب علي كرههم حتى تتحقق شروط التوبة ؟ وهل يجوز أن أدعو الله أن يغفر لي ولهم وأن يجمعني بهم كأخوة لي في الجنة – إن شاء الله – ؟
هل يجوز للفتاة أن تتواصل مع شباب أجانب عنها ؟
السؤال: 221548
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
بداية نهنئك على توبتك ونسأل الله الكريم أن يتقبلها منك وأن يثبتنا وإياك على طريقه المستقيم إلى أن نلقاه وهو راض عنا .
وأما عما ذكرت من الأسئلة ، فنقول :
أولا :
الأصل للمرأة المسلمة مجانبة الرجال الأجانب عنها وعدم الاتصال بهم بكلام أو نظر ، إلا لحاجة ، كبيع وشراء ، وعلاج لا توجد امرأة تقوم به ، وما شابه هذا من الحاجات التي تقوم عليها الحياة الإنسانية .
وعند وجود الحاجة إلى الكلام ، أو المعاملة : فإنها مطالبة شرعا بعدم الخضوع في القول .
قال تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ) الأحزاب / 32 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
” فقال: ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ) أي: في مخاطبة الرجال ، أو بحيث يسمعون ، فَتَلِنَّ في ذلك ، وتتكلمن بكلام رقيق يدعو ويُطمع ( الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) أي: مرض شهوة الزنا ، فإنه مستعد ، ينظر أدنى محرك يحركه …
فهذا دليل على أن الوسائل ، لها أحكام المقاصد ، فإن الخضوع بالقول واللين فيه ، في الأصل مباح ، ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم ، منع منه ، ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال ، أن لا تلِينَ لهم القول ” .
انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ” ( 663 – 664 ).
ولأجل ما تقرر من سد الذرائع ، ومنع ما يخشى فتنته ومآله ، نبه أهل العلم على النهي عن السلام على المرأة الأجنبية الشابة .
في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” ( 25 / 166 ) :
” وأما إن كانت تلك المرأة شابة يخشى الافتتان بها ، أو يخشى افتتانها هي أيضا بمن سلم عليها : فالسلام عليها وجواب السلام منها حكمه الكراهة عند المالكية والشافعية والحنابلة ، وذكر الحنفية أن الرجل يرد على سلام المرأة في نفسه ، إن سلمت هي عليه ، وترد هي أيضا في نفسها إن سلم هو عليها ، وصرح الشافعية بحرمة ردها عليه ” انتهى .
فإذا كان مجرد السلام ، الذي هو مشروع ومندوب في أصله ، قد منع منه في حق الأجنبية الشابة ، فأولى من ذلك بالنهي ، من غير شك : الانبساط بالقول ، والسؤال عن الصحة ، فهذا باب للفتنة وتعلق القلوب بدوام المراسلة ، والمجاوبة ، والمقاولة ، لا سيما مع سبق المعرفة والتواصل .
والحاصل : أن الواجب عليك ، وهذا من تمام توبتك أيضا : أن تكفي عن التواصل مع هؤلاء الشباب ، وغيرهم من الرجال الأجانب مطلقا ؛ بل إن الذي ينبغي عليك حقا ، لتقطعي دواعي الطمع في نفسك ، وفيمن كان يراسلك من قبل : أن تغلقي حساباتك هذه القديمة ، وإذا احتجت إلى بريد إلكتروني ، ونحوه ، فليكن بمعرف جديد ، لا يتمكن هؤلاء ولا غيرهم من معرفته ، ولا التواصل معك من خلاله ، وتتركي معرفك القديم بالكلية ، لتغلقي عنك أبواب الطمع ، وتسدي على نفسك دواعي الفتن .
ثانيا :
الواجب عليك أن تبغضي تلك المعاصي التي سلفت منك ، وتبغضي إتيانها من نفسك أو غيرك ؛ وأما هؤلاء الشباب الذين كنت تتواصلين معهم ، فلا يجب عليك بغضهم إلا بمقدار ما يدعونك إلى المعاصي ، أو يأتونها هم في أنفسهم ، وأما أشخاصهم فلا يجب عليك بغضهم ، ما داموا مؤمنين .
ولا حرج عليك في الدعاء لهم بالهداية والصلاح ، والمغفرة ودخول الجنة ، وإن كنا نحب لك ألا تشغلي بالك بهم بالكلية ، وتتركي التفكير في أمرهم بالمرة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب