0 / 0
33,48222/08/2014

هل النهي عن البول في الجُحر يشمل البول في بالوعة الحمام ؟

السؤال: 221757

هل النهي عن البول في الجحر يشمل البول في بالوعة الحمام ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً : يكره للإنسان أن يبول في جُحر أو ثقب .
قال ابن قدامة : ” فيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ فِي شَقٍّ أَوْ ثَقْبٍ ” انتهى من “المغني” (1/225) .
لما روى قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ: ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ” .
رواه أبو داود (29) والنسائي (34) ، وصححه ابن خزيمة ، وابن السكن ، والنووي في ” الخلاصة ” (1/156) ، وابن كثير في ” إرشاد الفقيه ” (1/56) ، وابن الملقن في ” البدر المنير ” (2/321) .
وتكلم فيه بعض المحدثين [ كالشيخ الألباني وغيره ] ؛ لأن قتادة لم يسمع من عبد الله بن سرجس .
فقد جاء عن الإمام أَحْمد بن حَنْبَل أنه قال : ” مَا أعلم قَتَادَة رَوَى عَن أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا عَن أنس ” .
قيل لَهُ : فَابْن سرجس !
فَكَأَنَّهُ لم يره سَمَاعا ” انتهى من ” المراسيل ” لابن أبي حاتم الرازي (صـ 29) .
قَالَ ابن دقيق العيد : ” لَيْسَ فِيمَا قَالَ أَحْمد جزم بالانقطاع “. انتهى من ” البدر المنير ” (2/323) .
ويؤكد ذلك أنه جاء عنه ما يثبت سماعه منه ، ففي ” العلل ومعرفة الرجال ” لعبد الله (3/86) قال : قلت لأبي : قَتَادَة سمع من عبد الله بن سرجس ؟ .
قَالَ : ” مَا أشبهه ” انتهى .
وفي ” العلل ” أيضاً (3/284) : قيل [ أي للإمام أحمد ] سمع قَتَادَة من عبد الله بن سرجس ، قَالَ : ” نعم ” انتهى .

قال ابن الملقن : ” فَإِنَّهُ قد ثَبت سَماع قَتَادَة من عبد الله بن سرجس … قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ : سمع قَتَادَة من عبد الله بن سرجس .
وَعَن أبي حَاتِم الرَّازِيّ أَنه قَالَ : لم يلق قَتَادَة من الصَّحَابَة إِلَّا أنس بن مَالك وَعبد الله بن سرجس .
وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي الْمُسْتَدْرك : ” لَعَلَّ مُتَوَهمًا يتَوَهَّم أَن قَتَادَة لم يذكر سَمَاعه من عبد الله بن سرجس وَلَيْسَ هَذَا بمستبعد ” انتهى من ” البدر المنير ” (2/323) .

وقال الشيخ ابن عثيمين : ” أقلُّ أحواله أن يكون حسناً ؛ لأنَّ العلماء قَبِلوه ، واحتجُّوا به ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (1/120) .

والْجُحْرِ : الثَّقْب ، سواء في جدار أو في الأرض .
وقيل: ” هُوَ مَا تحْتَفِرهُ الْهَوَامّ وَالسِّبَاع لِأَنْفُسِهَا ” انتهى من ” حاشية السيوطي على سنن النسائي ” (1/30) .
أي الحفر التي تكون في الأرض ، والتي تحفرها بعض الحيوانات ، أو بعض هوام ودواب الأرض ، وتدخلها وتكون فيها.
وكراهة البول في الجُحر متفق عليها بين الفقهاء ، كما ذكر الإمام النووي في ” المجموع ” (2/86) .

وفي ” الموسوعة الفقهية ” (34/17) : ” يُكْرَهُ التَّبَوُّل فِي ثَقْبٍ أَوْ سَرَبٍ ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الأْرْبَعَةِ … وَلأِنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ عَلَيْهِ مِنَ الْجُحْرِ مَا يَلْسَعُهُ ، أَوْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْبَوْل ، قَال النَّوَوِيُّ : هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ ، وَقَال الْبُجَيْرِمِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ : يَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا يَتَأَذَّى أَوْ يَهْلِكُ بِهِ” انتهى .

ثانياً : في سبب هذا النهي علتان :
1- ” أَنَّهُ مَأْوَى الْهَوَامّ الْمُؤْذِيَة ، فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبهُ مَضَرَّة مِنْهَا ” انتهى من ” عون المعبود ” (1/51) .
قال الشيخ ابن عثيمين : ” فيُخشَى أن يكونَ في هذا الجُحر شيء ساكن فتُفْسِد عليه مسكنه ، أو يخرج وأنت على بولك فيؤذيك ، وربما تقوم بسرعة فلا تسلم من رَشاش البول ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (1/120) .
وربما رأى حيةً أو ثعباناً ففزع ، فكان سبباً في حصول الضرر في بوله وجسده .
2- أنها مساكن الجن ، وقد جاء في رواية أبي داود (29) : قَالُوا لِقَتَادَةَ : مَا يُكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ ؟
قَالَ : كَانَ يُقَالُ : ” إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ ” .
قال الحاكم : ” ولست أبتُّ القول إنها مسكن الجن ؛ لأن هذا من قول قتادة ” انتهى من ” المستدرك على الصحيحين ” (1/297).

وقد ذكر كثير من المؤرخين أنَّ سيِّدَ الخزرج سعدَ بنَ عبادة رضي الله عنه سافر من المدينة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى “حوران” ، وأقام بها ، فجلس يوماً يبول في ثقب في الأرض ، فما إن فرغ من بوله حتى استلقى ميِّتاً .
ولم يعلم أهل المدينة بموته حتى سمعوا قائلاً من الجن في بئر يقول :
نحنُ قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْ *** رَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادهْ
وَرَمَيْنَاهُ بسَهْمـَيْـ *** ـنِ فلم نُخْطِئ فُؤادَهْ
فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه .
وهذه القصة – وإن كان في سندها كلام عند المحدثين – ، إلا أنها مشهورة عند المؤرخين ، حتى قال ابن عبد البر: ” ولم يختلفوا أنه وجد ميتاً في مغتسله ، وقد اخضرَّ جسده ” انتهى من ” الاستيعاب في معرفة الأصحاب ” (2/599) .

ثالثاً : اختلف العلماء في هذا النهي : هل ينطبق على من يتبول مباشرة في البالوعة أم لا ؟.
فمنهم من قال : إن النهي يشمله ، وقال ابن مفلح : ” وَلَا فرق بَين أَن يكون فَم بالوعة أَو غَيرهَا ” انتهى من ” النكت والفوائد ” (1/ 9) .
ومنهم من قال : لا يشمله ، لأنها معدَّة لذلك ، كما قال ابن عابدين في ” حاشيته ” (3 / 59) : ” وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ ، كَبَالُوعَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ ” انتهى .
وقال الدَّميري من الشافعية : ” وينبغي تحريم ذلك ؛ للنهي الصريح ، إلا أن يُعَدَّ لذلك ، فلا حظر ولا كراهة ” انتهى من ” النجم الوهاج في شرح المنهاج ” (1/292) .
وهذا القول الثاني هو الأرجح ؛ لأن العلة التي من أجلها نهى عن البول في الحجر غير موجودة هنا .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android