تنزيل
0 / 0
9496230/12/2014

يرى أن السجود على الأرض أفضل من السجود على السجاد

السؤال: 222043

ما حكم السجود على التراب والسجادة المصنوعة من القش ؛ فالآثار تدل على تفضيل الصحابة والتابعين السجود على التراب ، والمذهب المالكي ينص على ندب الصلاة على التراب ، فلماذا تغير الحال الآن ، وأصبحت الصلاة على السجاد الناعم بدلاً من أوراق شجر النخيل والتراب كما كان الحال في السابق ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا حرج في الصلاة على السجاد ، سواء كان فاخرا أم رديئا ؛ فقد ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه صلى على الحصير ، وعلى الخُمْرة ، وكلها تَحول بين جبهته
الشريفة وبين التراب .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال – في حديث طويل -: ” فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ
لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ ، فَقَامَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ
وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ ” رواه البخاري (380) ،
ومسلم (658) .
وعن مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قَالَتْ :
” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ
، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ ، وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَةٍ
” رواه البخاري (379) ، ومسلم (513) ، قال الخطابي : ” الخُمرة : سجادة تعمل من سعف
النخل وترمل بالخيوط ، وسميت خمرة لأنها تخمِّر وجه الأرض ، أي : تستره ” . ينظر :
” معالم السنن ” (1/183) .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، فَرُبَّمَا تَحْضُرُ
الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا ، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ
فَيُكْنَسُ ، ثُمَّ يُنْضَحُ ” رواه مسلم (659) .
وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ يَسْجُدُ
عَلَيْهِ ) رواه مسلم (519).
عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : ” صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ
بِالْبَصْرَةِ عَلَى بِسَاطِهِ ، ثُمَّ حَدَّثَ أَصْحَابَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ ” رواه ابن ماجه
(1030) وصححه الألباني في ” صحيح ابن ماجه ” .
وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا
قَالَتْ : ” كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَرِجْلاَيَ فِي قِبْلَتِهِ ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي ، فَقَبَضْتُ
رِجْلَيَّ ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا ” رواه البخاري (382) في ” صحيحه ” تحت
باب ” الصلاة على الحصير ” ، قال ابن رجب رحمه الله : ” هذا يدل على أنه كان يسجد
على طرف الفراش الذي كانت نائمة عليه ، وكانت رجلاها عليه ، مع أنه يحتمل أن تكون
رجلاها خرجت عن الفراش حتى صارت على الأرض في موضع سجوده ” انتهى من ” فتح الباري ”
(3/27) .
فهذه الأحاديث تدل على جواز أن يسجد المصلي على فراش أو بساط يحول بين جبهة المصلي
وبين وجه الأرض .
قال الخطابي رحمه الله :
” وفيه من الفقه جواز الصلاة على الحصير والبسط ونحوها .
وكان بعض السلف يكره أن يصلى إلاّ على الأرض .
وكان بعضهم يجيز الصلاة على كل شيء يعمل من نبات الأرض ، فأما ما يتخذ من أصواف
الحيوان وشعورها فإنه كان يكرهه ” انتهى من ” معالم السنن ” (1/183) .
وقال ابن رجب رحمه الله :
” دلت هذه الأحاديث على جواز الصَّلاة على الحصير ، وأكثر أهل العلم على جواز
الصلاة على الحصير والسجود عليه ” انتهى من ” فتح الباري ” (3/18) .
قال السرخسي الحنفي رحمه الله :
” إذا صلى على طنفسة (بساط من صوف) محشوة جازت صلاته إذا كان متلبدا أي : إذا كان
الصوف فيها مجتمعا بحيث …. الساجد عليه ، وقد روي عن بعض الصحابة قال : ما أبالي
صليت على عشر طنافس أو أكثر ” انتهى من ” المبسوط ” (1/205) .
ويقول البهوتي الحنبلي رحمه الله :
” لا تجب مباشرة المصلَّى بشيء منها [ يعني أعضاء السجود ] ، فتصح ولو سجد مع حائل
بين الأعضاء ومصلاه ، قال البخاري في ” صحيحه ” : قال الحسن : كان القوم يسجدون على
العمامة والقلنسوة ” انتهى من ” الروض المربع ” (1/71) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” الصواب في هذا أنه لا حرج في ذلك ، وأنه لا بأس بالصلاة على فرش من القطن والصوف
والوبر ، هكذا إن كان من سعف النخل وغير ذلك ، كل هذا لا حرج فيه عند أهل العلم ،
والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الخُمْرة – وهي من سعف النخل – وقد صلى الصحابة
على الأنماط من القطن وغيرها ، وليس في هذا محظور بحمد الله عند أهل العلم ، عند
علماء السنة ، كل ذلك جائز والحمد لله ، يصلي الإنسان على القطن والصوف وعلى ما نبت
من الأرض من سائر الشجر ، من سعف النخل وغيره ، كله بحمد الله جائز ، والأمر واسع ”
.
انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (7/313) .
وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (المجموعة الثانية 5/ 279) :
” الصلاة على السجادة الخاصة بالمصلي ، أو على السجاد العام للمصلين في المسجد ، لا
بأس بها ، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على الحصير ، وعلى غيره من الفرش ،
وصلى على الأرض ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتقيد بحالة معينة من ذلك ، بل كان
يصلي على ما تيسر” انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – الشيخ عبد العزيز آل الشيخ – الشيخ بكر بن
عبد الله أبو زيد .
وقد نقل النووي رحمه الله في ” شرح صحيح مسلم ” إجماع العلماء على جواز الصلاة على
الحصير وسائر ما تنبته الأرض . انظر شرح الحديث رقم : (1053) .
وأما مذهب مالك رحمه الله فهو على ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى : أن الأفضل السجود على الأرض بلا حائل لما فيه من التواضع .
المرتبة الثانية : السجود على الحصير ، وذلك مباح عندهم ، وليس سنة ولا مكروها .

المرتبة الثالثة : السجود على البسط ، وذلك مكروه عندهم إلا إذا كانت الأرض خشنة أو
حارة ، أو كان ذلك البساط مفروشا في المسجد فلا كراهة حينئذ .
قال ابن الحاج في “المدخل” (2/211) :
” فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِالسُّجُودِ ،
ثُمَّ يَلِيهَا الْحَصِيرُ الْغَلِيظُ ، ثُمَّ مَا هُوَ أَرْفَعُ مِنْهُ ، ثُمَّ
الْكَتَّانُ الْغَلِيظُ كَذَلِكَ ، ثُمَّ الْقُطْنُ مِثْلُهُ ثُمَّ الصُّوفُ” انتهى
.
وقال في “منح الجليل” (1/268) :
“وَكُرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ بِسَاطٍ لَمْ يُفْرَشْ فِي الْمَسْجِدِ …
وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بِالضَّرُورَةِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ ، وَخُشُونَةِ
أَرْضٍ ، وَجَرْحٍ بِجَبْهَةٍ .
ولَا يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى حَصِيرٍ خَشِنٍ ، وَيُكْرَهُ عَلَى الْحَصِيرِ
النَّاعِمِ ، وَتَرْكُهُ أَيْ السُّجُودِ عَلَى الْحَصِيرِ الْخَشِنِ أَحْسَنُ ،
فَالسُّجُودُ عَلَيْهِ خِلَافُ الْأَوْلَى” انتهى .
وقال الدسوقي المالكي رحمه الله :
” لو كان البساط معدا لفراش المسجد فلا كراهة في السجود عليه ” .
انتهى من ” حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ” (1/252).
وذكر ابن حزم رحمه الله في ” المحلى ” (2/402-403) أن الصلاة على الجلود والبسط
جائزة ، وذكر آثارا عن بعض السلف تدل على جواز ذلك وعدم كراهته فقال :
” وروينا عن ابن مسعود : أنه صلى على مسح شعر .
وعن عمر بن الخطاب : أنه كان يسجد في صلاته على عبقري . وهو بساط صوف .
وعن ابن عباس : أنه سجد في صلاته على طنفسة ، وهي بساط صوف .
وعن أبي الدرداء مثل ذلك .
وعن شريح والزهري مثل ذلك .
وعن الحسن ، ولا مخالف لمن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك – وبالله تعالى
التوفيق ” انتهى .

وإذا اختار المسلم أن يصلي
على الأرض مباشرة فلا حرج في ذلك ، بل نقل بعض العلماء على أن ذلك أفضل ، لما فيه
من التواضع .
انظر ” شرح مسند أبي حنيفة ” لعلي القاري (ص 319).

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android