عندي طفلة جاوزت الثانية من العمر واسمها إيمان ، وقد قرأت أنه يجدر بالأبوين الابتعاد عن مثل هذه الأسماء ، فما معنى هذا ، هل معناه أنه لا يجوز استخدام الاسم وأنه يجب علينا تغييره ؟
حكم تسمية الطفلة بــ ” إيمان ” .
السؤال: 222715
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ندب الشارع إلى تسمية الأولاد بأسماء حسنة ، ونهى عن التسمية القبيحة المستكرهة ، وعن التسمية التي تقتضي التزكية .
لكنه خص من الأسماء الحسنة ، ما كان فيه معنى التزكية للشخص ، والمدح له ، بمجرد الاسم ، في حين أن عمله ربما لم يكن من هذا الاسم الحسن المعنى في شيء .
روى مسلم (2142) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ : سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ ) فَقَالُوا : بِمَ نُسَمِّيهَا ؟ قَالَ : ( سَمُّوهَا زَيْنَبَ ) .
قال ابن حجر رحمه الله : ” قَالَ الطَّبَرِيُّ : لَا تَنْبَغِي التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ قَبِيحِ الْمَعْنَى ، وَلَا بِاسْمٍ يَقْتَضِي التَّزْكِيَةَ لَهُ ” انتهى من ” فتح الباري ” (10/577) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” ينبغي أن لا يسمي الإنسان ابنه أو ابنته باسم فيه تزكية ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” لابن عثيمين .
ثانيا :
اسم ” إيمان ” اختلف فيه أهل العلم المعاصرون : هل يقتضي التزكية أم لا ؟
فقيل : يقتضي التزكية ، فيمنع من التسمي به .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم التسمي بإيمان ؟
فأجاب :
” الذي أرى أن اسم إيمان فيه تزكية ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غير اسم ” برة ” خوفا من التزكية ، ففي صحيح البخاري (6192) عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن زينب كان اسمها برة ، فقيل : تزكي نفسها ، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ) … وعلى هذا ينبغي تغيير اسم إيمان ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عما فيه تزكية ، ولا سيما إذا كان اسما لامرأة ؛ لأنه للذكور أقرب منه للإناث ؛ لأن كلمة ( إيمان) مذكرة ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” (3/87) .
وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :
ما حكم تسمية الإناث بأسماء كـ ” تبارك ، تقوى ، رحمة ، إيمان ” ، والأسماء المشابهة ؟
فأجاب :
” معلوم أن المقصود من الأسماء التي يسمي بها الناس أولادهم هو الدلالة على أعيانهم ، والأسماء ألفاظ ، منها ألفاظ تدل في الغالب على معاني منها الحسن ، ومنها القبيح ، فينبغي لمن ولد له مولود أن يختار له الاسم الحسن ، لفظًا ومعنى ، مع مراعاة ما يميز بين الذكر والأنثى ؛ ليكون الاسم دالًّا على جنس المسمى ، مع تجنب ما فيه تزكية ، مثل : برّة ، وتقية .
والألفاظ الواردة في السؤال منها ما لا يضاف إلا إلى الله ، فلا يجوز التسمية به ، وهو : تبارك ، ومنها ما فيه مبالغة في التزكية وهو : تقوى وإيمان ، مع ما في ذلك من ابتذال هذه المعاني الشرعية الجليلة ، التقوى والإيمان ، فينبغي عدم التسمية بهذين الاسمين .
وأما رحمة فلا كراهة بالتسمية به ؛ لأن المولود ذكرًا كان أو أنثى هو من رزق الله وعطائه ، ويرجى أن يكون رحمة من الله لوالديه ” انتهى .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
هل في هذه الأسماء محذور شرعي من تزكية النفس ونحوه : إيمان ، أبرار ، زكية ، غفران ؟
فأجاب :
” لا تحرم التسمية بهذه الأسماء ، ولكن الأولى ترك التسمية بها ؛ لما في ذلك من التزكية ، ولأنه قد يقال : هل هنا إيمان ، ونحو ذلك ، فيقال : لا . فيحدث شيء من الكراهية النفسية ؛ كما جاء في الحديث النهي عن مثل هذه التسمية لهذه العلة ” انتهى .
وذهبت آخرون من أهل العلم في عصرنا إلى أن التسمي بإيمان لا تزكية فيه ، فلا يمنع منه .
قال علماء اللجنة للإفتاء :
” التسمية بهدى وإيمان : لا نعلم مانعا شرعيا فيها ” انتهى من ” اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى ” (11/463) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله ، عن الأسماء التالية : هدى ، ونور ، وإيمان ، ودعاء ، وأفنان للبنات ؟
فأجاب :
” لا أعلم فيها بأساً ” انتهى .
http://www.binbaz.org.sa/mat/9215
وعلى كل حال : فالأحوط عدم التسمية بــ ” إيمان ” ابتداء ، خروجا من خلاف العلماء ، ولأن غاية ما يقال فيه أنه مباح ، وفي الأسماء الحسنة المباحة : شيء كثير ، يغني عن مثل هذا .
فإن كان التسمية قد حصلت قبل ذلك ، فإن أمكن تغييرها من غير مشقة ظاهرة ، فهو أحسن .
وإن لم يتيسر ذلك : فلا يظهر حرج في الإبقاء عليه ، إن شاء الله ، لا سيما مع في أصل حكمه من الخلاف بين أهل العلم .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (141081).
وينظر جواب السؤال رقم : (101401) للتعرف على جملة صالحة من أسماء الإناث الحسنة .
وجواب السؤال رقم : (7180) لمعرفة جملة الآداب التي ينبغي مراعاتها عند تسمية الأبناء والبنات .
وجواب السؤال رقم : (14622) لمعرفة أن تغيير الاسم القبيح إلى الحسن من السنة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة