عندي صديقي في طريقه إلى اليهودية ، الحكاية عندما نجح في شهادة البكالوريا منذ ذلك الحين تغير ، ترك الصلاة وأصبح يكره العرب والمسلمين والسبب هم أصدقائه اليهود أصبح يحب اليهود ( ديناً وسياسة ) وأصبحت صفحته على الفيسبوك كل شيء عن اليهود حتى في الحرب الأخيرة على غزة ناصر اليهود ! لا أعرف فضيلة الشيخ ماذا أفعل معه عندما نتحدث في الموضوع يطلب مني تغيير مسار الموضوع ، والمشكلة الكبيرة أنه ما شاء الله متفقه في الدين الإسلامي !!
يخشى على صديقه من الردة
السؤال: 222723
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يحزننا أن نسمع عن مثل هذه الانتكاسات العقلية والعقائدية التي تؤدي إلى نصرة الظلم والطغيان ، وتأييد الإجرام والإرهاب الصهيوني على المسلمين المستضعفين ، ويؤلمنا أن يكون ذلك من نفس آمنت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، إلى القدر الذي نكاد نعجز عن تفسير أسبابه ، وفهم خلفياته ، إلا أن نقول كما قال الله سبحانه وتعالى : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ . وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) يونس/108-109 ، ويقول عز وجل : ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) فاطر/8 .
ولا شك أن محبة ” اليهودية ” المحرفة ، التي هي في أيدي الناس اليوم ، أو تفضيل الدين المنسوخ ، اليهودية والنصرانية أو غيرها من الأديان ، وتقديمها على الدين الخاتم ، أو اعتقاد أن اتباع شيء من ذلك سائغ ، بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم = لا شك أن ذلك كله ناقض من نواقض الإسلام ، مخرج لصاحبه عن الملة ، باتفاق أهل العلم .
قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله :
” بَاب من الإجماع فِي الاعتقادات يكفر من خَالفه بإجماع ” ، قال فيه :
” وأن دين الإسلام هُوَ الدَّين الَّذِي لَا دين لله فِي الأرض سواهُ ، وَأَنه نَاسخ لجَمِيع الأديان قبله ، وَأَنه لَا ينسخه دين بعده أبدا ، وَأَن من خَالفه مِمَّن بلغه كَافِر مخلد فِي النَّار أبدا ” انتهى من ” مراتب الإجماع ” (ص/172) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَقَوْلُ الْقَائِلِ : الْمَعْبُودُ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَتْ الطُّرُقُ مُخْتَلِفَةً وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ : إمَّا كَوْنَ الشَّرِيعَةِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ الْمُبَدَّلَيْنِ الْمَنْسُوخَيْنِ مُوَصِّلَةً إلَى اللَّهِ وَإِمَّا اسْتِحْسَانَ بَعْضِ مَا فِيهَا مِمَّا يُخَالِفُ دِينَ اللَّهِ أَوْ التَّدَيُّنَ بِذَلِكَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ كَفْرٌ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِالْقُرْآنِ وَبِالْإِسْلَامِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنِ الْأُمَّةِ . وَأَصْلُ ذَلِكَ الْمُشَابَهَةُ وَالْمُشَارَكَةُ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (25/323) .
وسئل رحمه الله : عَنْ رَجُلٍ لَعَنَ الْيَهُودَ وَلَعَنَ دِينَهُ وَسَبَّ التَّوْرَاةَ : فَهَلْ يَجُوزُ لِمُسْلِمِ أَنْ يَسُبَّ كِتَابَهُمْ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ :
” الْحَمْدُ لِلَّهِ ، لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَلْعَنَ التَّوْرَاةَ ؛ بَلْ مَنْ أَطْلَقَ لَعْنَ التَّوْرَاةِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ . وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّهَا مَنْزِلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا : فَهَذَا يُقْتَلُ بِشَتْمِهِ لَهَا ؛ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا إنْ لَعَنَ دِينَ الْيَهُودِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ مَلْعُونُونَ هُمْ وَدِينُهُمْ وَكَذَلِكَ إنْ سَبَّ التَّوْرَاةَ الَّتِي عِنْدَهُمْ بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَصْدَهُ ذِكْرُ تَحْرِيفِهَا مِثْلُ أَنْ يُقَالَ نُسَخُ هَذِهِ التَّوْرَاةِ مُبَدَّلَةٌ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِمَا فِيهَا وَمَنْ عَمِلَ الْيَوْمَ بِشَرَائِعِهَا الْمُبَدَّلَةِ وَالْمَنْسُوخَةِ فَهُوَ كَافِرٌ : فَهَذَا الْكَلَامُ وَنَحْوُهُ حَقٌّ لَا شَيْءَ عَلَى قَائِلِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (25/200) .
ومع ذلك نقول لك إنه يمكنك أن تفعل مع هذا المفتون ، الشيء الكثير في سبيل هدايته ، ومن ذلك :
أولا : أن لا تيأس من إقناعه ودعوته ، وذلك ليس بالأمر العارض الذي يتحقق بخطوة أو خطوتين ، وإنما لا بد من سعي دؤوب ، وعمل متواصل ، وحوارات مباشرة معه من قبل المختصين أو العاقلين . فمن المؤكد أنه لم يتحول هذا التحول إلا بعد سنوات من توجيه الشبهات إليه ، وتزيين الباطل لديه ، وهكذا لا بد أن يكون العلاج ، بنفس طويل من الحوار بالأدلة ، وتفسير الشبهات ، وبيان بطلان اليهودية والصهيونية ، وكل ما يتعلق بها من مذاهب باطلة .
ولكن في الوقت نفسه حذارِ أن تكون عونا للشيطان على أخيك ، فلا تكن سببا في إثارة العزة بالإثم في قلبه ، ليصر على معتقداته الجديدة مناكفة ومعارضة لك ، نتيجة أسلوب الحوار غير المناسب مثلا ، أو التوقيت غير المناسب ، ونحو ذلك من الأسباب . فهذا أمر خطير وقع بسببه الكثيرون في الردة ، ولم ينجهم إلا تجنب المراء معهم ، كي تبقى أبواب التوبة مفتوحة لهم ، من غير تشهير ولا فضح على الملأ ، وبعيدا عن لغة التحدي والمناظرة ، وحينئذ
فنرجو أن يكون الزمن جزءا من العلاج .
ثانيا : أن تستعمل معه الأخلاق الحميدة ، والمعاملة الحسنة ، فقناعته بإخلاصك في نصحه ، وشفقتك عليه أن يلقى الله على هذه الحال ، يرجى أن يؤثر في نفسه ، ويعظه ، ويرده إلى رشده .
وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ) رواه الترمذي (1987) وقال : حسن صحيح .
ثالثا : إهداء الكتب المتخصصة في حوار الديانات الأخرى منها كتب الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ، المتخصص في شؤون اليهود واليهودية والصهيونية ، ومن أوجزها كتابه بعنوان : ” من هو اليهودي ” عرض فيه ” للأطروحات الصهيونية التي تنطلق من ادعاء ليس له ما يسانده في الواقع ، وهو أن اليهود شعب واحد ، وأن الصهيونية هي القومية اليهودية . ثم يبين الكتاب كيف أن الواقع الإثني والعرقي للمستوطنين الصهاينة في فلسطين المحتلة ، ويهود العالم خارجها ، يتحدى هذه الأطروحات ، ويبين طبيعتها الاختزالية وكذبها وزيفها ” .
وأيضا كتاب ” الأيديولوجية الصهيونية ” الذي قال في مقدمته (ص/9) : ” هي دراسة لا تطمح إلى أن يصل قارئوها إلى فهم الأيديولوجية الصهيونية وتفسيرها فحسب ، وإنما تطمح أن يتحول الفهم والتفسير إلى نضال من أجل ما نتصور أنه الحقيقة والعدل ، أي أن تتحول المعرفة المجردة إلى فعل فاضل ” انتهى .
وكتاب الدكتور أحمد شلبي [ دكتوراه من جامعة كمبردج ] بعنوان : ” مقارنة الأديان – اليهودية ” ، وخاصة الفصل السادس منه بعنوان ” اليهود في الظلام ” ، ومنها أيضا كتاب ” دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية ” للدكتور سعود الخلف .
رابعا : تحضير الملفات الخاصة بفضح الكيان الصهيوني ، وبيان جرائمه عبر تاريخ الصراع الإسلامي الإسرائيلي ، والاستعانة بمئات المواد المصورة والأفلام الوثائقية والمواد المسموعة والمقروءة التي تعتني بجمع جرائم الاحتلال ، وممارسته الإرهاب على ملايين البشر ، بالقتل والتشريد والسجن والحصار ونحو ذلك ، وكلها منشورة على النت والحمد لله . ومن ثم عرض هذه الملفات على صديقك هذا بين الحين والآخر ، بإرسالها إلى إيميله أو إلى هاتفه ، كي يستمر الطرق على الجانب الإنساني لعله يجدي نفعا معه ، فيصحو من غفلته ، ويدرك أن الدين الحق لا يأمره بارتكاب كل هذه الفظائع بدعاوى تاريخية كاذبة .
خامسا : الدعاء له بالهداية ، فالله عز وجل وعد بالإجابة ، فقال سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/186 .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب