تعاقدت مع أحد البنوك بنظام الإيجار المنتهي بالتمليك ، – ولله الحمد – كنت حريصا على تطبيق الشروط التي تجيز هذا النوع من العقود ، – ولله الحمد – كل الشروط مستوفية من جعل العقار هبة بعد الالتزام بالإيجار ، وضمان العقار يكون على البنك ، لكن أحد الإخوة نبهني إلى نقطة كنت غافلا عنها في العقد وهي : أني وقعت العقد قبل امتلاك البنك للعقار ب 20 يوما ، مع العلم أن البنك كان على اتفاق مع البائع من قبل ؛ لأنه استلم مبلغا مقدما مني ، وقد اعتبره البنك جزءا من الإيجار علي ، وجدوله في مدة إيجار البيت ، وأن من شروط العقد أن لي الحق في التراجع عن العقد و رفضه في مدة أقصاها 10 أيام من تاريخ العقد .
هل العقار يكون حلالا لي أو حرام وهل هو ربا أم لا ؟
وقع عقد الإجارة المنتهي بالتمليك مع البنك قبل تملك البنك للعين المؤجرة
السؤال: 222773
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
عقد الإجارة المنتهي بالتمليك من العقود التي لها صور جائزة وأخرى ممنوعة .
وقد سبق في عدة أسئلة في الموقع بيان الشروط التي إن توفرت كان العقد جائزا ، كما سبق بيان بعض الصور الجائزة والأخرى الممنوعة ، وانظر الأسئلة رقم : (14304) ، (97625).
ولكنك ذكرت أنك وقّعتَ عقدَ الإجارة مع البنك ، ودفعت مبلغاً مقدماً قبل أن يتملك البنك العين المؤجرة ؛ وهذا يعني أن البنك قد أجرك البيت قبل أن يتملكه .
والإجارة إذا كانت على شيء معين : فإنها لا تصح قبل أن يتملك المُؤجِر العين المؤجرة ؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) رواه الترمذي (1232) وصححه الألباني ، والإجارة نوع من أنواع البيوع ، لأنها بيع منفعة .
فالأصل أن هذا العقد باطل لا يصح ، وإعطاؤك الحق في التراجع عن العقد في مدة أقصاها عشرة أيام لا يصحح العقد ، لأن هذا من خيار الشرط ، ووجود الخيار لا يعني أن العقد غير مبرم ؛ بل ذكر هذا الخيار ، وتحديده بمدة تنتهي أيضا قبل أن يتملك البنك العقار فعليا ، كل هذا يدل على أن العقد وقع كاملا ، على الصفة المنهي عنها شرعا .
ونظراً لأنك فعلت هذا وأنت غير عالم بتحريمه وقد صار العقد لازما بعد انتهاء مدة الخيار ، والظاهر أنك قد استلمت البيت فإنه يعفي عن ذلك الخطأ ، ويجوز لك الانتفاع بهذا البيت .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المسلم إذا عقد عقدا فاسدا ، وتم القبض وهو لا يعلم تحريمه ، أو كان متأولا : فإنه يقر عليه ولا يلزمه نقضه .
فقال رحمه الله : “وكما أن الإسلام يجبُّ ما كان قبله ، فالتوبة تجب ما كان قبلها، لا سيما توبة المعذور الذي بلغه النص ، أو فهمه ، بعد أن لم يكن تمكن من سمعه وفهمه ، وهذا ظاهر جدا إلى الغاية .
وكذلك ما فعله من العقود والقبوض التي لم يبلغه تحريمها ، لجهل يعذر به ، أو تأويل ؛ فعلى أحد القولين : حكمه فيها هذا الحكم ، وأولى .
فإذا عامل معاملة يعتقد جوازها بتأويل : من ربا، أو ميسر، أو ثمن خمر، أو نكاح فاسد ، أو غير ذلك ، ثم تبين له الحق وتاب ، أو تحاكم إلينا ، أو استفتانا ، فإنه يقر على ما قبضه بهذه العقود .
ويقر على النكاح الذي مضى مفسده ، مثل أن يكون قد تزوج بلا ولي أو بلا شهود معتقدا جواز ذلك ، أو نكح الخامسة في عدة الرابعة ، أو نكاح تحليل مختلف فيه ، أو غير ذلك ، فإنه وإن تبين له فيما بعد فساد النكاح ، فإنه يقر عليه……
والغرض هنا أنه لو تيقن التحريم بالنص القاطع . كتيقن من كان كافرا صحة الإسلام . فإنا نقره على ما مضى من عقد النكاح ، ومن المقبوض في العقد الفاسد ، إذا لم يكن المفسد قائما….
لكن في هذا خلاف في المذهب [أي مذهب الإمام أحمد] وغيره . وشبهة المخالف نظره إلى أن هذا منهي عنه ، والنهي يقتضي الفساد ، وجعل المسلمين جنسا واحدا ، ولم يفرق بين المتأول وغيره” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (22/12).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة