يقوم التلاميذ في بعض المدارس بضم كلتا اليدين إلى بعضهما , ويرددون ( يا أبانا نشكرك على المساء ) فما حكم هذا الفعل ؟
السؤال: 223060
يقوم التلاميذ في المدرسة بتلاوة بعض الصلوات ” الدعوات ” في الصباح الباكر حيث يجب على كل طالب أن يقف ويجمع كلتا يديه إلى بعضهما كما يفعل الهندوس ويردد التالي : ” يا أبانا ، نشكرك على المساء….الخ ” ثم يرددونها باللغة الهندية .
أسئلتي هي:
– هل هذا جائز ؟
– هل يجوز جميع اليدين ، تماماً كما ذُكر في الأعلى ، لكن مع تغيير العبارة بحيث أقول ” يا الله ، نشكرك على المساء…. الخ ” ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق أن هذه الأمة ستتبع سنن وطرق
اليهود والنصارى , فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً
بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا : يَا
رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟ ) رواه البخاري ( 1397 )
، ومسلم ( 4822 ) .
ففي هذا الحديث نهيٌ عن
تقليد اليهود والنصارى ، وذم من اتبعهم وسلك مسلكهم ، وقد أكد الشرع هذا النهي ؛
وذلك بوصف من يتشبه بالكفار بأنه منهم ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود ( 3512 )
، وصححه الشيخ الألباني في ” إرواء الغليل ” ( 2691 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله : ” وهذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي
كفر المتشبِّه بهم ” انتهى من ” اقتضاء الصراط المستقيم ” (ص/237) .
والجملة المسؤول عنها وهي (
يا أبانا نشكرك على المساء ) هي في الغالب من أدعية اليهود أو النصارى , فإنهم
الذين يصفون الله سبحانه بأنه أبوهم , تعالى الله عن قولهم , بل الله سبحانه
وملائكته ورسله برآء منهم ومن كفرهم , وتصديق ذلك من القرآن قوله تعالى : (
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ
فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ
لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) المائدة/18 .
وقد سبق في جواب السؤال رقم
: (160791) أنه لا يجوز أن يقال لله جل
وعلا ( يا أبي ) ولا ( يا أبانا ) وأن هذا من كلام أهل الكتابين السابقين اليهود
والنصارى .
وعلى ذلك : فهذه الجملة لا
يجوز الدعاء بها ، ولا استعمالها .
ثانياً :
أما سؤال السائل عن استبدال هذه الجملة بدعاء ( يا الله نشكرك على المساء ) فهذا
والله مما يدعو للعجب , ويدل على ما وصلت إليه هذه الأمة من الشعور بالذل والنقص ,
والإحساس بالتخلف والانهزامية , ولذا تسارع في تقليد الكفار حتى في أدعيتهم
وابتهالاتهم وطقوسهم الدينية , والعجب كل العجب لمن يترك الأدعية القرآنية التي هي
من كلام رب العالمين جل وعلا , ويترك الأدعية النبوية , وأذكار الصباح والمساء التي
هي من كلام خير البرية , ثم يسارع إلى استعمال أدعية الكفار بعد أن يدخل عليها بعض
التعديلات والتحسينات .
وإذا لم يكن في قول القائل :
( يا الله نشكرك على المساء ) خطأ ، أو مخالفة ، في حد ذاته ؛ فإن الإصباح والإمساء
نعمة من نعم الله على عباده التي يمتن بها عليهم ، ويستوجب عليهم شكرها ؛ كما قال
تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ
تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ . وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) القصص/72 – 73 .
فإن قائل ذلك مستحضرا ما
يقوله الكفار ، مراعيا نظم كلامهم ودعائهم : هو من التشبه المحرم بلا شك ، لا سيما
في أمر من أمور العبادة والذكر لله تعالى .
ولذلك يحرم التزام مثل هذا الكلام ، وتعمده ، من هذه الناحية .
ثم يزداد الأمر منعا وتحريما ، وقطعا بوقوع صاحبه في التشبه المحرم : إذا صاحب ذلك
ضم اليدين بالصفة المذكورة ، كما يفعله الكفار من الهندوس ونحوهم ، في صلواتهم ،
وعباداتهم .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة