0 / 0
44,79113/10/2014

دلالة صيغة الأمر إذا جاءت بعد الحظر

السؤال: 223240

هل الأمر بعد النهي يفيد الإباحة أم أن الحكم يرجع إلى ما كان عليه في السابق ؟ وهل من مراجع مفيدة في هذه المسألة يمكنني الاطلاع عليها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الصحيح من أقوال الأصوليين أن صيغة الأمر تفيد الوجوب ما لم يصرفها صارف , فإن جاءت هذه الصيغة بعد تقدم النهي , كالأمر بالاصطياد بعد التحلل من الإحرام مثلا , كما في قوله تعالى : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) ، فقد اختلف الأصوليون في ذلك على مذاهب ، أشهرها :
القول الأول : أَنَّ صيغة الأمر على حَالِهَا في اقْتِضَاءِ الْوُجُوبِ . وهو مذهب ابن حزم وبعض المالكية والشافعية .

والقول الثاني : أَنَّهُا على الْإِبَاحَةِ وهذا قول أكثر العلماء .

والقول الثالث : أنها تَرْفَعُ النهي السَّابِقَ وَتُعِيدُ حَالَ الْفِعْلِ إلَى ما كان قبل النهي فَإِنْ كان مُبَاحًا كانت لِلْإِبَاحَةِ أو وَاجِبًا فَوَاجِبٌ .

انظر ” المحيط ” للزركشي (2/112- 116) ، ” المستصفى ” (1/54) ، ” شرح مختصر الروضة ” (2/370-373) .
وهذا القول الأخير هو الراجح ، وهو ما اختاره جماعة من المحققين .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) :
” وَهَذَا أَمُرٌ بَعْدَ الْحَظْرِ ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى السَّبْر : أَنَّهُ يَرُد الْحُكْمَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ النَّهْيِ ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا رَدَّهُ وَاجِبًا ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا فَمُسْتَحَبٌّ ، أَوْ مُبَاحًا فَمُبَاحٌ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ ، يُنْتَقَضُ عَلَيْهِ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ ، يَرِدُّ عَلَيْهِ آيَاتٌ أُخَرُ ، وَالَّذِي يَنْتَظِمُ الْأَدِلَّةَ كُلَّهَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، كَمَا اخْتَارَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” (2/12) .

وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
” وبهذا تعلم أن التحقيق الذي دل عليه الاستقراء التام في القرآن أن الأمر بالشيء بعد تحريمه يدل على رجوعه إلى ما كان عليه قبل التحريم من إباحة أو وجوب ، فالصيد قبل الإحرام كان جائزا فمنع للإحرام ، ثم أمر به بعد الإحلال بقوله : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) ، فيرجع لما كان عليه قبل التحريم ، وهو الجواز ، وقتل المشركين كان واجبا قبل دخول الأشهر الحرم ، فمنع من أجلها ، ثم أمر به بعد انسلاخها في قوله : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) الآية ، فيرجع لما كان عليه قبل التحريم ، وهو الوجوب ، وهذا هو الحق في هذه المسألة الأصولية ” انتهى من ” أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ” (1/327) .

وقد رجح هذا القول أيضا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ، انظر : ” شرح منظومة أصول الفقه وقواعده ” (ص/171-173) .

أما المراجع التي تسأل عنها فقد ذكرنا بعضها ، ولا يكاد يخلو كتاب من أصول الفقه من التعرض لهذه المسألة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android