لا يجوز للرجال معالجة النساء ، ولا العكس ، إلا في حالة الضرورة
السؤال: 223519
أنا عندي موعد مع طبيبة العينين ، والمشكل هو أن هده الطبيبة (متبرجة) ، والمشكل أيضا : أن هده الطبيبة تلمس المريض لإجراء عملية قياس النظر ، وأنا خفت من أن أكون آثما ، كما في الحديث (لأن يضرب في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).
وكذلك أريد شرحا مفصلا لهذا الحديث ، وما هي حدود لمس الرجل المرأة الأجنبية ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تُعالج رجلاً إلا عند الضرورة ، فالواجب أن تكون الطبيبات مختصات
للنساء ، والأطباء مختصين للرجال إلا عند الضرورة ، فهذا لا بأس به .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
“الواجب أن تكون الطبيبات مختصات للنساء ، والأطباء مختصين للرجال إلا عند الضرورة
القصوى إذا وجد مرض في الرجال ليس له طبيب رجل ، فهذا لا بأس به ، والله يقول : (
وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) الأنعام / 119”.
انتهى من رسالة ” فتاوى عاجلة لمنسوبي الصحة ” ص 29 .
وينظر جوب السؤال رقم : (20460).
فلا يجوز للرجل أن يذهب للطبيبة للعلاج في وجود طبيب رجل ، يقوم بمثل ذلك ، والحاجة
لا تدعو إلى ذلك عادة ، لتوافر الرجال من ذوي الاختصاصات المختلفة ، وأما عكس ذلك :
أن يعالج الرجل امرأة ، فهذا هو الذي قد تدعو الحاجة إليه ، إذا عز وجود امرأة تقوم
بمثل ذلك.
ويتأكد المنع إذا كانت الطبيبة متبرجة ؛ لما يخشى في ذلك من الفساد والفتنة .
فعليك بالذهاب إلى طبيب مختص وعدم الذهاب إلى هذه الطبيبة ، خاصة وأن العادة أن
الرجال أمهر في مهنة الطب من النساء ، وسوف تجد في مكانك وفرة من الرجال الذي
يقومون بعملها على وجهه .
ثانيا :
روى الطبراني في ” المعجم الكبير” (486) ، والروياني في “مسنده” (1283) عن مَعْقِل
بْن يَسَارٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ ،
خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ ) .
وجوّد الشيخ الألباني رحمه الله إسناده في “الصحيحة” (226) .
وقد رواه ابن أبي شيبة في “مصنفه” (17136) ، موقوفا على مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ،
قَالَ: لَأَنْ يَعْمِدَ أَحَدُكُمْ إِلَى مِخْيَطٍ فَيَغْرِزُ بِهِ فِي رَأْسِي،
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَغْسِلَ رَأْسِيَ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنِّي ذَاتَ
مَحْرَمٍ .
وإسناد الموقوف : أصح من المرفوع .
ثالثا :
في هذا الحديث الترهيب الشديد من مس المرأة الأجنبية ، وأن الرجل لو طعن في رأسه
بمخيط من حديد : فهو خير له وأهون عليه من أن يمس امرأة لا يحل له مسها ، والمخيط :
ما خيط به ، كالإبرة ونحوها .
قال المناوي رحمه الله :
” ( خير لَهُ من أَن يمس امْرَأَة لَا تحل لَهُ ) : أَي لَا يحل لَهُ نِكَاحهَا ،
وإذا كَانَ هَذَا فِي مُجَرّد الْمس ؛ فَمَا بالك بِمَا فَوْقه من نَحْو قبْلَة
ومباشرة ؟ “
انتهى من “التيسير” (2/ 288) .
وقال الألباني رحمه الله :
” في الحديث : وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له ” .
انتهى من “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (1/ 448) .
فورد الحديث مورد الزجر ، مع الإشارة إلى ما يستحقه مَن مس الأجنبية من النكال .
رابعا :
الأصل أن مس الرجل المرأة الأجنبية لا يجوز ؛ لأنه من أسباب الفتنة وثوران الشهوات
والوقوع في الحرام .
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أعف الناس نفسا وأطهرهم قلبا ، لم تمس يده
يد امرأة أجنبية قط ، لا في البيعة ولا غيرها .
فالواجب على المسلم ألا يمس امرأة أجنبية ، إلا عند الضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها
، فليس لمسّ الرجل المرأة الأجنبية حد محدود ، وقدر معلوم ، لا يتعداه ، وإنما يقال
: لا يمس الرجل المرأة الأجنبية ، كما لا تمس المرأة الرجل الأجنبي ، إلا في حالات
الضرورة ، والحاجة التي لا بد منها ؛ كامرأة مريضة لا يوجد من يعالجها إلا طبيب من
الرجال ، فيجوز أن يعالجها لمحل الضرورة ، ولا يجوز له أن يمس منها إلا ما اقتضته
ضرورة العلاج ، وأشباه ذلك مما تدعو إليه الحاجة الماسة ، لا يتعدى ذلك .
انظر جواب السؤال رقم : (2459).
والله تعالى أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة